موسى هلال مهاجرا إلى الثورة!!

 


 

 


بسم الله الرحمن الرحيم
Naway2014@gmail.com

هذا العنوان ليس أمنيتى الشخصية, ولكنه إستخلاص منطقى من قراءة متأنية لبيانّى هلال الأخيرين.. والبيانان صدرا عن ما يُسمى "بمجلس الصحوة الثورى السودانى", والذى يترأسه الشيخ موسى هلال مؤقتآ إلى حين إنعقاد مؤتمره العام قريبآ كما ذكر البيانان.
البيانان موجزان, قصيران, يكاد يقع كل وآحد منهما فى ورقة وآحدة من الحجم المتوسط... لكنهما يشملان على كثير من الدلالات, ويوحيان بحشد من الظلال والمعانى!!!
أول هذه المعانى أن الشيخ موسى هلال وجماعته قد إرتفعوا جملة وآحدة من مستوى القبيلة والمليشيا إلى مستوى التنظيم السياسى المؤطر الذى يعقد مؤتمره العام ويختار رئيسه إنتخابآ. 
ثانيآ: مثلما إرتفع الشيخ موسى هلال وجماعته فى الشكل من القبيلة والمليشيا إلى مستوى التنظيم السياسى والحركة المسلحة... إرتفعوا أيضآ من حيث المضمون. إذ ذكر البيان وبوضوح تام ... إن مجلس الصحوة الثورى السودانى "تنظيم سياسى/عسكرى معنِى بحل القضية السودانية بكاملها".... ولا علاقة له - بالتالى - بقضايا وهموم قبيلة المحاميد إلا بالقدر الذى يتصل بالقضية السودانية العامة. 
كما أشار البيانان - وبوضوح تام - إلى أن السياسات التى قامت عليها الدولة السودانية منذ الإستقلال وإلى الآن... إعتمدت على الزيف والخداع وتضليل الجماهير وتعتيم الحقائق وتكميم أفواه الناس. وبسبب كل ذلك فقد كان إستقلال السودان زائفآ!! بمعنى إنه إستقلال شكلى لم يحقق مضمونه السياسى والإقتصادى والإجتماعى والثقافى بتحرير الجماهير من الفقر والحاجة والجهل والخرافة, والإرتفاع بالواقع الإجتماعى من القبيلة والإقليم إلى الهوية السودانية الجامعة والموِحدة للأمة.
ونتيجة لخطأ تلك السياسات وفشل تلك الرؤى الضيقة والمحدودة... ظل السودان منذ الإستقلال وإلى اليوم يعانى من الحروب والإضطرابات... حتى تراجع دور ومكانة السودان إفريقيآ, عربيآ وعالميآ, عما كان عليه فى حقب الإستعمار!!!  وكانت قاصمة الظهر إنفصال جنوب السودان ذاهبآ بثلث مساحة السودان.
ثالثآ: نظرآ لكل ذلك  فقد حدد البيانان... أن خصم موسى هلال وتنظيم مجلس الصحوة الثورى السودانى هو الرئيس السودانى عمر البشير ونظامه وإعلامه وحزبه وكل ما يتصل به من أدوات سياسية وأجهزة.
وإن سبب هذه الخصومية السياسية ومنشأها هو أن هناك صراعآ عامآ يدور الآن فى السودان بين المركز والأقاليم السودانية... وفى مقدمة هذه الأقاليم... إقليم دارفور موطن موسى هلال وجماعته... فهى إذآ خصومة عامة وجماعية تشمل إقليم دارفور والأقاليم الأخرى التى تطالب بحقوقها السياسية والإقتتصادية والإجتماعية والثقافية والإنسانية....إلخ
رابعآ: تعقيبآ على هذه المعانى السامية التى إشتمل عليها بيانا موسى هلال... نقول للشيخ موسى هلال ومجلس الصحوة الثورى: مرحبآ بكم... والف مرحب... مهاجرين إلى صفوف الثورة.
لكن الدخول فى صفوف الثورة تترتب عليه إلتزامات وتبعات لا بد من الوفاء بها.
أولى هذه الشروط والإلتزامات هو صدق النية, ولم يغفل بياناكم هذا المعنى: إذ أشارا إليه فى الشعار الذى تصدر البيانان... يقول الشعار "صفى ضميرك... الصحوة مصيرك". ونحن الذين سبقناكم إلى الثورة ورفع السلاح فى وجه الظلم... نطالبكم بتصفية  الضمائر وتنقية السرائر نحو الثورة.
ذكر أحد البيانين إن مجلس الصحوة الثورى السودانى قام على صحوة الضمير العربى فى دارفور, وقام من أجل إيقاف الحرب فى إقليم دارفور, وقام للدعوة للوحدة والتكاتف والسلام من أجل كل الوطن السودانى.
ونحن نقول إنه رغم الغموض الذى يكتنف هذه العبارات, إلا إنها توحى وتشير إلى نقلة نفسية ألمت بالشيخ موسى هلال وجماعته... ونفسرها على إنها توبه ومراجعة لنهج "الجانجويد" والمليشيا السابق. ورغبة ونية للدخول فى عمل قومى مُنزّه من القبلية والعنصرية العرقية. وعلى كل حال فكما "الإسلام يجب ما قبله" فإن الهجرة "تجُب ما قبلها" كما جاء فى الحديث الشريف. وتفتح النية الصادقة فى الهجرة صفحة جديدة للعمل الثورى الإيجابى.
وإتسم البيان الثانى "الأخير" بالحدة فى نبرته والتهديد بإفشاء الأسرار التى فى جُعبة الشيخ موسى هلال عن نظام البشير... والتهديد أيضآ بحرب ضروس تفتك بكل مقومات الحياة إذا ما إستمر نظام البشير فى تجاهل المطالب المشروعة لهلال وجماعته.
ولا أظن أن تهديدات موسى هلال وجماعته هى مجرد "تهويش" فعرب البادية لا يجيدون "التهويش" كأهل المدينة والحضر... بل عادة يعنون ما يقولون. وعندهم أن الكلام الصريح والخشن هو مقدمة ضرورية للحرب والقتال... لأن فيه إنذار ووعيد... لذلك قال قائلهم:
فإن النار بالعودين تذكى    *****   وإن الحرب أولها كلام
وإزاء هذا الكلام الخشن نقول للشيخ موسى هلال وجماعته, إن هذه التهديدات ليست قولآ شاذآ, نابيآ... بل هى تهديدات ووعيد صادق جاء فى سياقه الصحيح. وقد أذن الله سبحانه وتعالى بذلك... إذ يقول "لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم". والحقوق المشروعة لا تُعطى منحة... وإنما تُخذ أخذآ... وإن الظالم لا يرتدع إلا عندما نتصدى له. أما أن تستجديه وترسل له الوسطاء والشُفعاء فهذا عند الظالم دليل ضعف وهوان لا يستحق صاحبه إلا مزيدآ من السلب والإذلال.
وكان الإمام على كرّم الله وجهه كثيرآ ما يردد هذين البيتين من الشعر:
وكنت إذا قومآ غزونى غزوتهم   *****   فهل أنا فى ذا يا لهلمذان ظالم؟
متى تملك القلب الذكى وصارمآ   *****   وأنفآ حمّيآ تجتنبك المظالم
ولكن وبما أن المرحلة هى مرحلة حوار وتفاوض... وجاء ذلك بطلب ورجاء من حكومة البشير نفسها. فإن الحوار والتفاوض يحتاج إلى رجال ذوى مهارات فنية وتقنيه كما الحرب, ففى الحوار والتفاوض هنالك مطبات وفخاخ وعُقد لاتقوى على التعاطى معها إلا كفاءات سياسية وتفاوضية عالية... ولذلك فإن وساطة الفريق آدم حامد موسى لا تكفى.
فالحوار والتفاوض ينبغى أن يأخذ طابعآ رسميآ مقننآ... ولكى يأخذ الحوار مع الحكومة السودانية هذا الطابع الجاد, لا بد أن يطرح الطرف الثائر قضيته التى من أجلها حمل السلاح بوضوح كامل.
فثورة الأطراف السودانية ضد المركز تهدف فى الأساس إلى إشاعة العدل والمساواة بين إثنيات السودان المختلفه وأقاليمه المتعدده. فنحن فى الأطراف لا نريد أن ننتقم من إثنية "الجلابة" فى السودان عربآ أو رطّانة... ولا نريد أن نجازيهم بالظلم ظلمآ, بل نريد أن نساويهم بالآخرين ونضع حدآ لهذا التمادى والغرور العنصرى المدعوم بالنفوذ السياسى والتفوق الإقتصادى والتنموى.
كانت هذه وما زالت هى أهداف مشروع الثورات الشعبية القومية السودانية التى إتخذت من غرب السودان مهدآ لها... منذ المرحوم الشهيد المقدم  حسن حسين ثم المرحوم الشهيد العميد محمد نور سعد... والآن حركتا تحرير السودان بقيادة عبدالوآحد نور والعدل والمساواة بقيادة المرحوم الشهيد خليل إبراهيم. والتى لم تفرق أو تمّيز فى عضويتها بين ذوى الأصول العربية وذوى الأصول الإفريقية ولا بين الكردفانى والدارفورى... بل كان غرب السودان هو اللآفتة  التى تَجَّمع تحت مظلتها كل الثوار كنواة وبذرة ورأس رمحٍ للثورة الشعبية القومية السودانية.
إسماعيل إدريس نوّاى 
العضو المؤسس لحركة تحرير السودان وعضو مكتبها السياسى
والرئيس حاليآ لفصيل حركة القوى الثورية السودانية
جيبوتى 18 مارس 2015

 

آراء