مونديال روسيا .. الفرق “العربية” ولعنة الهوية

 


 

 

 

ما حدث لفرق كرة القدم "العربية" في مونديال روسيا 2018، وخروجها المذل من الأدوار الأولى، ما هو إلا رجع الصدى لسقطات سابقات كان لا بد لها من أن تحدث، ليس نتيجة للضعف المريع لتلك الفرق وإفتقارلاعبيها للعقلية الإحترافية الضرورية في مناسبة كروية دولية ينتظرها العالم كل أربع سنوات فحسب، ولكن ايضا نتيجة للعنة أفريقية وأخرى آسيوية ظلتا تطاردان الفرق "العربية" منذ مشاركاتها الأولى في الثلاثينات من القرن الماضي.

فمنذ مشاركة مصر في منافسات كأس العالم في أوائل الثلاثينيات كأول دولة "عربية"، ظلت هذه الفرق تلعب مبارياتها في المناسبة الكروية الأهم على سطح هذا الكوكب بهوية مزيفة "نشلتها وتباهت بها بأعصاب باردة مثل برودة الربع الخاي في ليالي الشتاء" حتى أصبحت اللعنة التي ظلت تطاردها منذ ذلك التأريخ.

من المعلوم، حتى لما يطلقون عليهم صفة "الرجرجة والدهماء" أن الإتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" يقسم دول العالم لعدد من المجموعات إستنادا على علم الجغرافيا، وليس اللغة أو الدين ويحدد لكل مجموعة إسما بحسب المنطقة الجغرافية التي يقع فيها، وكذا فرقا كروية تتبارى وتتنافس ضمن المجموعة الجغرافية المعينة حتى تتأهل منها الفرق التي تحوز أعلى النقاط للمشاركة في منافسات كأس العالم، وذلك بحسب عدد الفرق الذي تحدده الفيفا لكل منطقة جغرافية. المفارقة هنا إنه لا يوجد في تلك المجموعات ما يسمى ب "المجموعة العربية" ولكن هكذا كان دوما حال العرب، فمثلما إخترعوا علم "الفهلوة"، إخترعت دولهم وإتحادات كرة القدم فيها ما أسموه "الفرق العربية"، لماذا؟ لست أدري! وكأن الإنتماء للجغرافيا قد إستحال لشيئ مثل "عيب الشوم" ينفرون منه، بالدرجة التي تجعلهم يرتدون جلدا غير جلدهم الأفريقي والآسيوي، ومع ذلك يفشلون في كسب النقاط التي تؤهلهم للأدوار المتقدمة في المنافسة الدولية.

تمكنت أربع فرق، مما تسمى ب"العربية" لدورة كأس العالم 2018 في روسيا. نلك الفرق هي السعودية ومصر والمغرب وتونس. ولا نبخس تلك الفرق إنجازاها العظيمة هذا، ولا "نضحك" على ما قدمت من عروض كروية "هزيلة" قد تكون أمتعت، ولكنها دون أدنى شك "مغصت" مشجعيها وأدخلت الحسرة في قلوب بني يعرب من المحيط إلى الخليج، كما يجري القول المأثور في وصف هذه البقعة من الأرض الجدباء.

تلك الفرق الكروية "العربية" سلخت، أو سلخت عنها حكومات دولها وإتحادات كرة القدم فيها هوية الإنتماء للمنطقة الجغرافية التي تأهلت كي "تمثلها" في تلك التظاهرة الكروية العالمية.

الفريق السعودي تأهل وبنجاحات كروية باهرة خلال التصفيات عن القارة "الصفراء" آسيا ومعه كوريا الجنوبية واليابان. تلك هي المنطقة الجغرافية التي تأهل منها المنتخب السعودي. السؤال: لماذا السعودية عربية، وكوريا الجنوبية واليابان "موش عرب؟"

مصر "أخت بلادي الشقيقة"والمغرب وتونس تأهلت من المجموعة الأفريقية, السؤال: لماذا السنغال ونيجريا "موش عرب"؟ ومن سرق هوية الآخر ونزع عنه جلده كي يغطي به لحمه؟ وبعد كل سرقات الهوية هذه، والإدعاء الزائف بالإنتماء "كرويا" للعروبة، ها هي الدنيا بأركانها الأربعة تضحك علينا، وصدق من قال "يا أمة ضحكت من عروبتها الأمم (مع الإعتذار للشاعر والقارئ على التلاعب "المقصود" بالمقطع الشعري، وكلو لعب في لعب، والما عاجبو يشرب من أي البحرين!!

وبهذه المناسبة، غير السعيدة، أتذكر أنني حين كنت لاعبا وقائدا لفريق الترسانة العظيم بمدينة الأبيض في السبعينيات، كنا نسافر بقطار الأبيض الفخيم من مدينتنا إلى عطبرة وبورتسودان كي نتبارى مع فرقها الكروية. وقد علمتنا الإدارات التي تعاقبت على إدارة أمور النادي بأننا مجرد " ممثلين" لتلك المدينة، ولم يكن أي واحد في تلك البعثات الرياضية "لاعب أو إداري" يتجرأ ويدعي إنه من "أولاد الخرطوم" مثلا، وما أدراك ما الخرطوم في تلك الفترة. إنه وفي كلمة واحدة "الإنتماء" فإلى أي الهويتين تنتمي فرق كرة القدم "العربية؟"

لست عالم إجتماع كما أستاذي وصديقي عبد الله ود علي إبراهيم، ولا إختصاصيا في الطب النفسي كما حبيبي طه أمير، ولا ضليعا في قوانين كرة القدم كما البروف كمال شداد، ولكن "دا فهمي"، وأرجو أن يتحفنا هؤلاء الأفذاذ بآرائهم، كل في مجال إختصاصه. ومع ذلك، هانذا أقول وبالفم المليان "بعد ملأه التراب" إنني في غاية الأسى لما تعرضت له تلك الفرق الكروية، العربية زيفا والآسيوية والأفريقية حقيقة "جغرافيا على الأقل" فاللغة ليست هي المحدد الأوحد للهوية، وكذا الدين، وللجغرافيا دور فاعل في تحديد هويات وإنتماءات البشر والحجر، وبالتالي كرة القدم، وفق التقسيمات الجغرافية للكرة الأرضية كما وردت في تقسيمات الفيفا والتي هي في ظني ليست أفضل التقسيمات على الإطلاق فحسب، بل تتجاوز في نظري تلك التقسيمات الجزافية والمزاجية التي إعتمدتها المنظمات الدولية والإقليمية مثل الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والإتحاد الأفريقي. ويا ولد أركز جاك بلا.

mamounelbagir@yahoo.co.uk
/////////////////

 

آراء