مِن المنافي: إشتقنا لريحة البُمبان..!

 


 

 


 

إبّان إنتفاضة مارس/ أبريل 1985 كان الصديق والصحفي/ محمد بيرق متواجدا بألمانيا في دورة تدريبيّة مُبتعثا من وكالة سونا للأنباء، ففاتته فتنة الأحداث. عاد بعدها مباشرة مبتهجا - أسيانا؛ فقلنا له لا تبتئس، فغدا موكب المطالبة بتسليم الطاغية - ستشهد بعضا من عبق ما فاتك. وفي الغد كان ذلك الموكب العرمرم والمهيب زاحفا نحو السفارة المصريّة.. كان قوس قزح يشعّ بأطيافٍ من الشعب السوداني يغزّ الخطى صوب ضاحية المقرن بالخرطوم. ولكنّ صاحبنا "بيرق" كان يتلفّت يمنة ويسرة، يتقافز كيما ينظر أمامه وخلفه - زامّا شفتيه في غير رضى..! فسألناه: مالك يا هدندوي، واللاهي هذا موكب لم نر مثله في الغضبة والهبّة؟! فردّ علينا: نعم، هذا مشهد مدهش وفريد، ولكنّه مسيخ ما فيهو نكهةْ وريحة البمبان..!

{اسمه السودان
في العام 1986 ميلاديّة كانت مساحته مليون رطلٍ من الفقر
به ثمانية عشر مليون أُمّي
مليونان من المتعلمين والإنتهازيين والمغتربين
أنا أحد مِن يدّعون حُبّه
مَن أقسموا على خوض الحرب بكلّ شراسة
ضدّ الظلم والقهر
لا أملك سوى سلاحٍ وحيد:
أن أعالج مثل هذه القصائد..
التي جلسنا، ولسوف نجلس أيّاماً عديدةً، نتعارك حول جدواها}
من: مَلك القُبل

مذ خرجتُ من السودان متسلّلا إلى إرتريا أواخر العام 91 أجلس اليوم أكابد خجلة اللجوء لأوّل مرّة..! فمذ قدِمتُ إلى أمريكا عام 95 وأنا أقول لنفسي أنّ الوطن حالة مَرضيّة سأعالجها بشعاري العتيد: (الكونُ بيتي) وهكذا كان. ولكن ما باليَ اليوم يضيق بي المكان، أنظر إلى ماريسيلا (صديقتي المكسيكيّة) مثل غريبةٍ عنّي، لاتستهويني غواية التجوّل في هيوستون، مشروع سفري إلى ولاية كاليفورنيا التي يقولون أنّ من لم يزرها لم يرى العالم الجديد..؟
لماذا عاودني المرضُ/ الوطن، كيف أصابتني خجلة اللجوء؟!!


adilelrahman@gmail.com

 

آراء