نعم لحرية الصحافة.. ونعم للمحاسبة عند التجاوز!!

 


 

 



بسم  الله الرحمن الرحيم

قال تعالى: (هَذَا بَلاغٌ لِلْنَّاس وَلِيُنْذَرُوْا بِه وَلِيَعْلَمُوَا أَنَّمَا هُو إِلَهٌ وَاحِد وَلِيَذَّكَّر أُوْلُو الألْبَابْ) ..الآية

هذا بلاغ للناس



zorayyab@gmail.com



توطـئة:

·          كانت خطوة موفقة من وزير الدفاع الفريق أول مهندس عبدالرحيم محمد حسين  حينما وجه الدعوة لوسائل الاعلام  ورؤساء تحرير الصحف ليطلعهم على مواقف طرفا المتفاوض ومجريات مفاوضات  أديس أبابا بعد عودة الوفد برئاسته ، وهذا وحق الصحافة كسلطة رابعة وسلطة رقابية على المسئولين، ومن مهامها أن تعينهم على اكتشاف مواطن الخلل وتقترح الحلول وفي ذات الوقت عليها أن تشيد بما هو ايجابي، كما إن على المسئولين  واجب تملِكها الحقائق لعرضها على الشعب وحتى لا تصبح الأمور نهباً للتأويل أو نقل  الأخبار عنعنةً وليست من مصادرها ومنبعها.

·         أن على الصحافة أن تستوثق من أي خبر أو تصريح يصدر من أياً كان مسئول أو معارض قبل نشره خاصة أن الوطن يمر بظروف استثنائية الكل يعلمها وتحتاج من الصحفي وكل ذي قلمٍ نزيه أن يضع مصلحة الوطن فوق أي اعتبار سواء كان انتماء حزبي أو جهوي أو قبلي.. لا أحد منا يجادل في أن مصلحة الوطن وأمنه مقدمٌ على كل ما سواه، فالوطن فوق الجميع!!

المتــن:

·        نأتي لخبر  تعليق صدور صحيفتي التيار الأهرام اليوم، وبالرغم من أني ضد مثل هذه الاجراءآت إلا أن  من أوجب واجبات ومهام رؤساء التحرير  تقدير انعكاسات الخبر في ظروف استثنائية يمر بها الوطن وتحتاج من الجميع توحيد الجبهة الداخلية وربما كانت الاسباب من وراء إطلاق سراح قطبي حزب المؤتمر الشعبي يهدف إلى تعزيز وتوحيد الجبهة الداخلية لتواجه تحديات المفاوضات في أديس أبابا، ويجب أن تكون لرئيس التحرير بصفته الشخص الأول المسئول عن الصحيفة أن يزن الخبر بمثقال الذهب ويفكر في انعكاساته في هذا  الظرف تحديداً وهل من قبيل الصدفة أن يزعم ويعلن حزب المؤتمر الشعبي عن مسألة التنصت بعد أن أطلقت السلطات سراح قطبيه اول من أمس ، هل هذا التصريح وسيلة من قبيل التركيز على دمغ  الحكومة  بالتضييق على الحريات الصحفية ومحاولة الابقاء على هذا الزخم في ظروف استثنائية تتطلب الترفع عن  الاخبار والتصريحات الثانوية؟! أليس هناك ما هو أهم؟!

·         كم عدد الصحف التي تصدر من الخرطوم سواء ورقة أو إلكترونية؟! ..مثل هذا التساؤل لا بد وأن يدفعنا لطرح سؤال مهم آخر وهو: لماذا لم يوقف كل هذا الكم من الصحف اليومية الصادرة من الخرطوم؟!  وهل هناك (ثأر بايت) بين هاتين الصحيفتين وجهاز الأمن مثلاً حتى تقع عليهما القرعة وتترك الصحف الأخرى دون تجميد؟! أم أن للصحفيتين موقف مناوئ للحكومة ومنحاز لجهة ما؟!.. الاجابة على مثل هذه الاسئلة كان من المفترض أن تجيب عليها رئاسة تحرير الصحيفتان أمام اتحاد الصحفيين أو المجلس الاعلى للصحافة وتتم محاسبة مهنية لرئيسي التحرير إن ثبت أنهما تجاوزا الخطوط الحمر.

·        شهدنا  بعض المواقف  من بعض الصحفيين  بمحاولة إلقاء اللوم  على اتحاد الصحفيين ،  وكأن عليى الاتحاد الوقوف والدفاع عن  الصحفي حتى وإن كان مخطئاً ،  برأيي أن أوجب واجبات الاتحاد الارتقاء بالمهنة  وصقل مهارات منسوبيها وأن يكون حلقة الوصل مع السلطات لتوفير منافع حياتية له تضمن لهم بعض استقرار نفسي وأسري  ولكن أيضاً من أوجب واجبات الاتحاد محاسبة وتقويم أعضائه الذين تجاوزا الأصول المهنية ، وأن عليه أن يقول للصحفي الذي أخطأ أنت مخطئ ويقوِّم اعوجاجه وذلك عملاً بحديث رسولنا الكريم ( أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً)  فإن كان ظالماً ننصحه ونرده عن الظلم وبالطبع لا أتوقع من اتحاد الصحفيين أن ينصره (عمّال على بطّال) فالحق أحق أن يتبع، ونحن نعلم هذا التنظيم هو اتحاد مرموق وليس نقابة مطلبية. إن الضمانة الوحيدة لحرية الصحفي في التعبير عن آرائه هو معرفته والتزامه بمسئولية وممارسة الحرية الصحفية وإدراكه لحدود هذه المسئولية والخطوط الحمر حتى لا يتجاوزها فيقع في المحظورات. ثمّ هناك سؤال آخر ملح لماذا يستهدف الأمن صحيفة التيار دون غيرها؟! ولماذا هي الوحيدة التي يتكرر معها هكذا إجراء عقابي؟!.. أسئلة تحتاج لردود حتى يتضح ما خفي من الأمور!!

الحاشيـة:

·        أين دور المجلس الأعلى للصحافة، ولماذا لم يلجأ رئيسا تحرير إليه ؟! وثم ما هو موقع ما يسمى بشبكة الصحفيين السودانيين التي تصدر البيانات ومكانها من الأعراب؟! ، أو من هي الهيئات والمؤسسات المنظمة للعمل الصحفي؟! بدأنا نسمع هذه الايام  أصواتاً نشازاً  كالنبت الشيطاني لا نعلم لها جذور أو دور ايجابي اللهم إلا تبني مواقف صب الزيت على النار لتزيد الحريق اشتعالاً والوطن ليس في حوجة لحرائق اضافية فيكفينا مفاوضات  أديس أبابا وتعنت الحركة الشعبية في تأزيم الأمور وتعقيدها .. ربما آفة آفات بعض صحفيينا أنهم يفتقدون حاسة ومهارة تقديم الافضليات والأهم على المهم.

·        أيضاً على أجهزة الدولة أن تترفق وتتبع أسلوب الحوار والتفاهم والاقناع حتى مع بعض الصحفيين الذين ترى أنهم جنحوا في بالأداء الصحفي بتقديم الانتماء الوطني على الانتماء الحزبي وأن عليهم الالتزام بالمعايير أو حتى العُرف المهني في تقديم الهم الوطني كأسبقية وأولوية على ما سواه  ضمن قائمة أفضليات الأهم فالمهم ، كما أن على السلطات أن لا تلجأ مباشرةً  إلى إيقاف صدور الصحيفة بل وتلجأ إلى محاسبتهم مهنياً عبر  المجالس المخصصة وتفعيلها لإدارة ومحاسبة هذه الفئة التي يفترض أنها من النخب المستنيرة التي تقدم الوطن على الانتماءات وكما أن على الصحفي أن يدرك بحاسته الصحفية بأن هذا الوقت ليس وقت مكايدات وتصفية حسابات حزبية وأن يتوخى الموضوعية وليس نقل الأخبار المثيرة التي تخلق بلبلة  ونحن أحوج ما نكون إلى التوحد والتضامن لمجابهة تحديات هذه المرحلة الحساسة من تاريخ الوطن!! يجب حماية العمل الصحفي و كفالة حقوق الصحفيين و ضمان أدائهم واجباتهم، وذلك كله يجب أن يكون ضمن طائلة القانون. كما أنه لا بد من التوافق على ميثاق الشرف الصحفي الذي نقترح أن يعاد النظر فيه من قبل اتحاد الصحفيين خاصة بعد ظروف انفصال الجنوب وتعقيدات مفاوضات أديس فالمخاطر المحدقة بالوطن عديدة ويجب أن نتفق على ميثاق شرف يجعنا دعماً للوطن وسنداً له لا عليه.

·         رغم أن الاسلام يكفل الحريات إلى درجة حرية الاعتقاد إلا أنني هنا سأختطب بعض من يحدثنا عن الحريات ويعتقد أنها بلا ضوابط بذات لغته واعتماده على نص المادة (19) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان 1948 وكذلك الاتفاقية الدولية بحقوق الانسان المدنية والسياسية والتي وافقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة  عام 1996  إذ نصت في الفقرة الأولي على الحق في حرية الرأي والثانية على الحق في حرية التعبير ، أما في المادة الثالثة فقد نصت على الآتي: ( ترتبط الحقوق المنصوص عليها في الفقرة الثانية من هذه المادة، بمسئوليات وواجبات خاصة، فإنها تخضع لقيودٍ معينة ولكن - فقط - بالاستناد إلى نصوص القانون، وشرط أن تكون ضرورية:

أ‌)         من أجل احترام حقوق الآخرين وسمعتهم.

ب‌)     ومن أجل حماية الأمن الوطني، أو النظام العام، أو الصحة العامة أو الأخلاق.

الهامـش:

·         نحن مع حرية الرأي والتعبير،  وحرية الصحافة لا تكتمل دون هاتان الحريتان .. ممارسة الحرية تقتضي الالتزام بالمسئولية الوطنية ثم المهنية والموضوعية، فالحريات ليست مطلقة ولو كانت بهكذا على اطلاقها لما وضعت هاتين المادتين لتقييد الممارسة وللالتزام بأخلاقيات الممارسة.. وممارسة اخلاقيات المهنية من دواعي التفلت والانفلات غير المسئول، حسب ما نصت عليها الشرائع السماوية، ثمّ القوانين والمعاهدات الوضعية. لقد وضعت التشريعات العقابية لأن هناك من يتعدى حدود حريته لينال إما من حرية الآخرين أو من سلامة الوطن!!

أقعدوا عافية...

 

آراء