نقابة الصحافيين السودانيين تحذر من ارتفاع معدلات العنف ضد الصحافيين

 


 

 

ميعاد مبارك: الخرطوم ـ «القدس العربي»: حذرت نقابة الصحافيين السودانيين، الإثنين، من ارتفاع معدلات العنف ضد الإعلاميين خلال عام من الانقلاب العسكري، معتبرة ذلك استهدافا واضحا وتأكيدا على أن السلطات تعتبرهم «أهدافا مشروعة» وتسعى إلى «تقييد قدرتهم على عكس ما يحدث في البلاد».


ونددت بإصابة صحافي ومصور، خلال تغطية تظاهرات مليونية «رايات الشهداء»، والتي توجهت، الأحد، نحو القصر الرئاسي وسط العاصمة السودانية الخرطوم.
وقالت في بيان «في انتهاك جديد، تعرض الصحافي محمد المصطفى لإصابة بقنبلة صوتية في الظهر، كما أصيب المصور الصحافي فائز أبو بكر في الرأس بعبوة غاز مسيل للدموع أثناء تغطيتهما لتظاهرات 30 أكتوبر/ تشرين الأول»، مشيرة إلى إسعافهما إلى المستشفى، حيث لا يزال فائز يتلقى العلاج حتى الآن.
ونددت كذلك بـ«التعدي المتكرر والعنف المفرط على المتظاهرين السلميين الذين يمارسون حقهم الطبيعي في التجمع والتعبير»، محملة السلطات «مسؤولية كل تلك الجرائم المتكررة».
وقالت إنها «لن تتوانى في الدفاع عن حق الرأي العام في تلقي المعلومات وحق منسوبيها المشروع في التغطية والنقل الحر غير المشروط لمجريات الأحداث»، مشددة على أنها «ستقف بحزم ضد إرهاب الصحافيين أو أي محاولة للانتقاص من حقوقهم القانونية والدستورية، وعلى رأسها حق الحصول على المعلومات. «
وأشارت إلى أنها «ستعمل بجد لضمان ترسيخ هذه الحقوق»، لافتة الشرطة والأجهزة الأمنية والعسكرية لـ«احترام حرية التعبير وحرية نقل المعلومات وحرية الصحافة عامة، باعتبارها حقوقا كفلتها القوانين المحلية والمواثيق الدولية والإنسانية».
وعلى الرغم من التحديات التي واجهت الصحافة خلال الفترة الانتقالية، التي أعقبت إطاحة الثورة الشعبية بـ «نظام الإنقاذ»، إلا أنها كانت الفترة الأفضل للحريات الصحافية، حيث صدرت صحف جديدة، وشهدت المؤسسات الإعلامية الرسمية وغير الرسمية انفتاحا واسعا، وكان الجميع يعملون من دون رقابة ذاتية أو رقابة من السلطة، في أجواء حافلة بالحريات.
وكان رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك، قد بذل وعودا عديدة فيما يتعلق بحماية الحريات الصحافية، وقال بعد توقيعه على «التعهد العالمي للدفاع عن حرية الإعلام» في 25 سبتمبر/ أيلول 2019، إنه لن يتعرض أي صحافي في السودان الجديد للقمع أو السجن، معلناً بذلك نهاية حقبة طويلة من قمع الحريات الصحافية والتضييق على العاملين في مجال الإعلام.
لكن بعد نحو عامين من توقيعه على ذلك التعهد، وتعهده كرئيس وزراء، أطاح انقلاب قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، بكل تلك الآمال، وصار الصحافيون هدفاً للقوات الأمنية، وعاد البلد سريعاً إلى الشمولية وتقييد الحريات.
وتعرض العديد من الصحافيين للإصابة والاعتقال خلال تغطيتهم تظاهرات رافضة للانقلاب، بينهم الصحافي عمر إبراهيم الذي أصيب منتصف سبتمبر/ أيلول الماضي، إصابة بالغة في فكه بعبوة غاز مسيل للدموع، بينما اقتادت الشرطة في اليوم ذاته الصحافية، أميرة صالح، قسرا إلى قسم شرطة الخرطوم شمال، خلال تغطيتها لذات التظاهرة، وأدانت نقابة الصحافيين عملية الاعتقال والمعاملة التي تعرضت لها، واصفة إياها بالمذلة.
وفي مارس/ آذار، ألقت السلطات القبض على الصحافية في صحيفة الجريدة مآب ميرغني أثناء تغطيتها لأحداث جرت في السوق العربي وسط الخرطوم.
واحتجزت جهات أمنية مآب لأكثر من ثماني ساعات حيث حققت معها لانتزاع اعتراف بانتمائها لحزب سياسي وبعدها قامت بتفتيش هاتفها قسرياً رغم إبلاغها لهم بأنها صحافية.
وطالت الاعتقالات المستمرة الصحافيين والمراسلين أثناء أداء مهامهم، من بينهم ماهر أبو الجوخ، المدير السابق لإدارة الأخبار بتلفزيون السودان، وفائز السليك، المستشار الإعلامي السابق لرئيس الوزراء، وفيصل محمد صالح وزير الإعلام السابق.
ومثل الاعتداء على الصحافيين أثناء أداء عملهم واستهدافهم خلال التجمعات الشعبية، نهجاً رئيسياً للسلطات العسكرية، حيث تعرض الصحافي حمد سليمان الخضر للإصابة برصاصة أثناء تغطيته لموكب 13 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، قرب صينية مستشفى التيجاني الماحي في أمدرمان ونقله إلى حوادث مستشفى أمدرمان لتلقي العلاج. وبعدها بثلاثة أيام أصيب الصحافي علي فارساب بالرصاص كما تعرض للضرب والاعتقال من قبل السلطات خلال تغطية في مدينة بحري.
وبالتزامن، تم التحقيق مع المراسل في مكتب قناة الجزيرة في الخرطوم، أسامة سيد أحمد،، من قبل عناصر جهاز الأمن في ولاية القضارف ومنعه من الوصول لموقع الحدث وتغطية التظاهرات وإجباره على مغادرة الولاية. وأيضاً تعرض الصحافي حذيفة عادل الجاك، لاعتداء لفظي وجسدي من قبل أفراد يرتدون زي الشرطة أثناء تغطيته للموكب نفسه.

مدير مكتب قناة الجزيرة

كما تم اعتقال مدير مكتب قناة الجزيرة في الخرطوم المسلمي الكباشي بعد مداهمة منزله يوم 14 نوفمبر/ تشرين الثاني، دون أسباب واضحة، وتعرض مراسلها الطاهر المرضي لمضايقات أثناء تغطية موكب 30 أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي. وأغلق مكتب «الجزيرة مباشر» في السودان منتصف يناير/ كانون الثاني الماضي، قبل أن يعود إلى العمل مرة أخرى بعد أشهر.
وامتدت محاولة إسكات الصحافيين إلى ولايات السودان المختلفة، حيث اعتقلت السلطات الأمنية في ولاية جنوب دارفور غربي البلاد الصحافي في موقع دارفور24 الإخباري، عبد المنعم محمد مادبو، خلال تغطية تظاهرات 13 نوفمبر/ تشرين الأول، الماضي.
ولم يقتصر تقييد الحريات الصحافية على تغطية التظاهرات المناهضة للانقلاب فقط، فقد قامت إذاعة البيت السوداني التابعة للسلطات السودانية، بإيقاف معدة ومقدمة البرامج آية الصباغ التابعة للسلطات السودانية، وذلك على خلفية استضافتها أعضاء من نقابة الصحافيين في إحدى حلقات البرنامج الذي تقدمه.
ووصفت إدارة المحطة اللقاء بالسياسي، معتبرة آية مخالفة لمعايير وضوابط الإذاعة المتخصصة في القضايا الإجتماعية.
وقالت نقابة الصحافيين إن الإدارة استدعت آية وسلمتها استيضاحا متعلقا باستضافتها ثلاثة من الصحافيين في برنامج منوعات حواري، في 6 سبتمبر/أيلول الماضي، للحديث عن انتخابات الصحافيين وتمت مطالبتها بالرد على الاستيضاح ولاحقا تم إعلامها بإيقافها عن العمل.

قمع وتقييد للحريات

وأدانت ما تعرضت له من قمع وتقييد للحريات يتنافى مع قيم الديمقراطية والحريات التي ينادي بها الشعب السوداني وقواه الحية ويعزز بالمقابل من سطوة الرقابة على الإعلام والإعلاميين، وأكدت رفضها القاطع لهذه الممارسات غير المهنية من قبل مؤسسة إعلامية محترمة.
وأبدت أسفها لاعتبار «إذاعة البيت السوداني» استضافة صحافيين في برنامج منوعات حواري جرما يعاقب عليه معد ومقدم البرنامج بالإيقاف والاستيضاح، وأن يتم وصم لقاء عن انتخابات قطاع مهني بأنه حديث سياسي وليس اجتماعيا.
وخلال فترة الانقلاب، تم اقتحام مقر صحيفة «الديمقراطي» بالخرطوم بحري، ومحاصرتها بسيارات عسكرية، لاحقاً قرر ناشرها إيقاف صدورها، وأيضاً أعلنت صحيفة «الحداثة اليومية»، بعد نحو شهرين من الانقلاب، توقفها عن الصدور، وعزت ذلك إلى أنه لا يمكنها العمل في ظل هكذا أجواء شمولية وقمعية، خاصة وأن شعارها يقول «من أجل صحافة في مقام الثورة السودانية».
من أبرز الانتهاكات التي تعرضت لها أجهزة الإعلام منذ انقلاب الجيش على الحكومة الانتقالية، عرقلة العاملين في الصحف ووسائل الإعلام من أداء واجباتهم، أو الوصول لمقراتها لأكثر من أسبوع بداية من صبيحة الانقلاب.
بالإضافة إلى مداهمة مقر وكالة السودان للأنباء، ووضع اليد بعد طرد منسوبيها وايقاف عملها، حيث ذكر شهود عيان أن قوة من الجيش يقودها ضابط برتبة لواء، حضرت في الساعات الأولى من صباح 25 أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، وأخرجت العاملين، وأغلقتها ووضعت قوة من الجيش لحراستها بالإضافة إلى تحكم ضباط من الجيش بالمحتوى الإعلامي للهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون.
وشملت الانتهاكات كذلك قطع خدمة الإنترنت في البلاد بشكل شبه كامل، لما يقارب الشهر منذ استيلاء الجيش على السلطة، ورفض هيئة الاتصالات إعادتها بالرغم من صدور أمر قضائي يلزم مقدمي الخدمة بإعادتها. ولاحقا عادت السلطات وقطعت خدمات الإنترنت مرات عديدة بالتزامن مع التظاهرات الضخمة، وقامت بإيقاف الخدمة خلال تظاهرات ذكرى الانقلاب، الثلاثاء الماضي، لنحو 10 ساعات.
///////////////////////

 

آراء