نكات من بلاد السودان ؟

 


 

ثروت قاسم
15 June, 2012

 




Tharwat20042004@yahoo.com

1 –  خمس نكات ؟
نقص ، أدناه ، خمس  نكات من مسرح كافكا العبثي ، في بلاد السودان :
1 -1 النكتة الأولي ؟
قال الرئيس البشير ، وهو يلوح بأصبعه السبابة ، ودون أن يطرف له جفن !
أقسم بالله العظيم ثلاثا ! وعلي بالطلاق ثلاثا !  وأقسم كذلك بمواقع النجوم ، بأنني لن أكون مرشح حزب المؤتمر الوطني لرئاسة الحزب في المؤتمر العام للحزب في أغسطس 2013 ! وبالتالي لن أكون مرشح الحزب للإنتخابات الرئاسية في أبريل 2015 ! سوف أترك الأمانة لشباب الحزب من أمثال أسامة عبدالله !
تساءلت عنقالية من نواحي البرقيق :
بالله ؟ عليك الله ؟ ما معقول ؟ ما بصدقك ؟ ما تقول لي ؟ وأمر القبض ؟ أصبح أمر قبض الرئيس البشير اليوم في الخرطوم  بيضة القبان ، حيثما تَمِل بيضة فاتو  ، تَمِل معها السياسة السودانية قاطبة !
في هذا السياق  ، فقد استقال مدّعي عام جرائم دارفور (  أحمد عبد المطلب )  من منصبه كمدعٍ عام ( يوم الأثنين  11 يونيو 2012 ) ؛ وهو ثالث مدعي عام يستقيل أو يقال من منصبه ،  دون إجراء محاكمة في أية قضية  ذات صلة بالفظائع المرتكبة في دارفور!
في يوم الخميس 29 أكتوبر 2009 ، أقر الأتحاد الأفريقي أن العقبات الرئيسية  في طريق العدالة والمصالحة في دارفور (  تتمثل في غياب الإرادة السياسية  ؛ وإنكار ما حدث وما زال يحدث في دارفور؛  فضلاً عن حجب الحقائق والمعلومات ! ) !
ومن ثم لا يوجد   بديل وطني لأحلال مكان محكمة الجنايات الدولية لأحقاق العدالة !
أذن  أمر القبض  ؟     أمر له ما بعده  بشهادة الاتحاد الأفريقي !



1 - 2 النكتة الثانية  ؟
كتب الدكتور لوكا بيونج ، القيادي في حكومة الجنوب ، وعضو وفد مفاوضات أديس أبابا ، مقالتين مكربتين ، شرح فيهما موقف حكومة الجنوب من المسائل العالقة ، الأمر الذي لم يفعله أي مفاوض من حكومة الشمال ، ولم يفعله عبدالرسول النور ، على الأقل ليرد على تصريحات الدكتور لوكا بخصوصه !
بشر الدكتور لوكا الجميع بأن كل شيء تمام التمام ، وماهي إلا أيام وينفض مولد أديس ابابا ، إذا تكرم وفد الشمال بقبول أمور هامشية عالقة ( أمور سبق الإتفاق المبدئي عليها من قبل في اجتماعات سابقة بين طرفي التفاوض  ) !
بحسب مفهوم الدكتور لوكا وحكومة الجنوب ، يمكن اختزال هذه الأمور الهامشية العالقة ، في أربع نقاط كما يلي :
أولا :
يصر الجنوب على موافقة الشمال على قبول خرطة ترسيم الحدود التي قدمها وفد الجنوب ، والتي تضم المناطق العشرة المختلف عليها ، ومنها أبيي ، وهجليج ، وجودة ، وحفرة النحاس ، وكافي كينجي ، وكاكا ، وجبل المقينص ، وقلي ، وقطاع هويتلي مونرو  !
أو يوافق الشمال على احالة المناطق العشر المتنازع عليها إلى محاكم التحكيم  الدولية  ، سواء في محكمة بريطانية لها سجل تاريخي في النظر في مثل هذه القضايا ،  أو المحكمة الدائمة للتحكيم في هولندا !
كرر الرئيس سلفاكير توكيد هذا الموقف أمام البرلمان في جوبا يوم الأثنين 11 يونيو 2012 !
يرفض الرئيس سلفاكير التفاوض الأخوي مع الشمال حول هذه المناطق العشرة في اطار اللجنة السياسية والأمنية ، المقرر أن تعقد اجتماعها الثاني في أديس ابابا يوم الثلاثاء الموافق 19 يونيو 2012 ، بعد استراحة محارب لمدة أسبوعين !
بالنسبة لأبيي ، أكد الدكتور لوكا :
(  ...  ومن الضروري عدم خلط المصالح المرتبطة بالأرض ،  بالحقوق المتعلقة بالأرض ...  ) !
شرح الدكتور لوكا  كلمتي  المصالح والحقوق المفتاحيتين  ، بأن قال أن الحقوق تعني  أن  أرض أبيي هي ملك للدينكا حصريا ، ويحق  لهم المشاركة  في أي استفتاء مستقبلي بشأنها ، دون مشاركة السكان الرحل ( الرعاة )  ...  كلمة الدلع لعبدالرسول النور وأهله !
كما حدد  الدكتور لوكا المصالح المرتبطة بالأرض بما يضمن وصول السكان الرحل للماء والكلأ  ، كضيوف عابرين ، ( وليسوا أصحاب حق في الأرض ) ،  ودون تقديم أي ضمانات بأنهم سوف يستمرون في رحلة الشتاء والصيف ، كما فعلوا منذ نزول النبي آدم من الجنة !
ثانيا :
أكد الدكتور لوكا على حتمية أن يقبل الشمال ب 67 سنت أو بدولار واحد ( بدلا عن 36 دولار ) كحد أقصى لترحيل ومعالجة برميل البترول ! ولن تقبل حكومة الجنوب بدفع أكثر من هذا المبلغ !
ثالثا :
قال الدكتور لوكا ، لا فض فوه:
وافقت دولة جنوب السودان على دفع صدقة  بمبلغ 2,4 بليون دولار أمريكي ، لمساعدة دولة شمال السودان في تسديد ديونها البالغة 40 بليون دولار أمريكي ، وهذه الصدقة   تمثل أساساً قوياً  (  من الكاتب: كلمة الدلع لرشوة )  للوصول إلى اتفاق حول البترول والمسائل الأخرى العالقة !
وكأن الدين أعلاه قد استفاد منه الشمال حصريا، ولم يستفد منه الجنوب ، عندما كان جزءا من السودان ؟ رابعا :
دولة جنوب السودان غير معنية بتحالف كاودا الثوري ، وترفض زجها في هذا الموضوع الذي لا يعنيها في قليل أو أقل ، فهو موضوع شمالي – شمالي !
انتهى كلام الدكتور لوكا ( حكومة دولة الجنوب )  الذي يرسم خطوطا حمراء على الرمال ، مرددا :
المديدة حرقتني !  
وأخيرا .. مواقف الجنوب التعنتية الرافضة لأي توافق حبي مع الشمال ، في اطار خريطة طريق مجلس الأمن ومفاوضات أديس أبابا  ، تستدعي سؤالا مهما :
+  هل الجنوب يعول على روافع ومعينات  غائبة عنا ؟  أم أنه يرفع سقوفه
+ التفاوضية  ، قبليا ،  في قلبة هوبة تكتيكية ، وهو العارف لمسطرة مبيكي
+ التوافقية ( اجمع واقسم علي 2 ) ؟
الإجابة على هذا السؤال تبقى في رحم الغيب !
1 – 3  النكتة الثالثة  ؟
نظمت دائرة العلاقات الدولية بمركز ركائز المعرفة للدراسات والبحوث بالخرطوم ( الأربعاء 16مايو 2012 )  منتدى لمناقشة مستقبل النظام السوري ( نعم ...مستقبل النظام السوري وليس النظام السوداني )  !
النيران تحرق في بلاد السودان وأهلها من رياح الدنيا الأربعة ، وبعض ( مثقفي ؟ ) بلاد السودان  يتجادلون في مستقبل ودجاجة وبيضة سوريا  !
خمج ما بعده خمج ؟  
1 - 4   النكتة الرابعة  :
نظام  الدولة الثنائية   معمول به في بلاد السودان منذ صباح الجمعة 30 يونيو 1989 ، وباستمرار حتى تاريخه !
للدولة الثنائية  ،  وجهان  :

الوجه الأول معلن ومرئي  يظهر للعيان في مؤسسات الدولة ، التنفيذية  والتشريعية  ، والقضائية ، والإعلامية ، والقوات النظامية ،  وباقي المؤسسات !
الوجه الثاني  خفي غير معلن ، ولكنه متواجد في جميع مؤسسات الدولة المذكورة أعلاه ،  ويتولى تحريك الأطراف المعنية في مؤسسات الدولة  الرسمية المعلنة ، ولكن  من وراء حجاب لتنفيذ المخططات الإنقاذية  المرسومة ، وبواسطة نكرات من الصف الخامس ومن  الكيان الخاص ! ولكن أي نكرة منهم يمكن أن يطيح برئيسه التنفيذي الأعلى بتقرير سري مباشر لمتخذ القرار السياسي !
والمصيبة أن الرئيس التنفيذي الأعلى في المؤسسة المعنية يعرف هذا الأمر ، ويخاف من النكرة خوف الأجرب من السليم !
حكومة بمقدافين ، ولكن أحدهما مخفي ؟
بدأ انقلاب الإنقاذ بكذبة كبيرة ، انطلت حتى على ملوك الإفك والتدليس من أولاد بمبة ، إذ قال سفيرهم في الخرطوم ، واصفا قادة الإنقلاب :
دول ولادنا ... دول بتوعنا !
وبدأ الرئيس الهالك مبارك يتلفن شرقا وغربا ، طالبا دعم أولاده ضد عودة ديمقراطية السيد الإمام التي يكجنها ! وذلك قبل أن ينفضح المستور ، وينقلب السحر على الساحر، ويخطط الأولاد لإغتيال أباهم في أديس أبابا في عملية فاشلة !

طلب الشيخ المتوضئ من زميله   قائد الأنقلاب  أن يمضي للقصر رئيسا ، وسوف يذهب هو للسجن حبيسا ، لكي يتسقط الأخبار من المناضلين الشرفاء الذين اعتقلتهم الإنقاذ ... في ثاني أكبر كذبة انقاذية ! كان الشيخ المتوضئ يؤم المناضلين الشرفاء في الصلاة في كوبر ، ولا غرو فالدين عند الإنقاذيين شعائر لا أخلاق !
ينفذ سادة الإنقاذ نظرية هوبز ( لا أخلاق في السياسة ) ، ونظرية مكيافيلي ( الغاية تبرر الوسيلة ) ، في ذئبية نادرة!
في الأبعاد الزمنية ، تنقسم دولة الإنقاذ الثنائية  الى نسختين  :
النسخة  الأولى  من يونيو 1989 الى رمضان 1999 !
النسخة الثانية من رمضان 1999 الى تاريخه !
مثلت النسخة  الأولى  دولة الفرعونية ، وفي نسختها  الثانية دولة الفرعون !  قبل المفاصلة كان الشيخ المتوضئ الفرعون المخفي ، وكان الإنقلابي  الفرعون الظاهر ! وبعد المفاصلة ، دالت دولة الفرعون المخفي ، وأصبح الإنقلابي الفرعون الظاهر الوحيد على الساحة ، فصارت الدولة دولة الفرعون !
لتقريب الصورة للدولة الإنقاذية  الثنائية  في نسختها الأولى نحكي قصة ، رواها زميل للمرحوم علي سحلول ، أول وزير خارجية في نظام الإنقاذ !
أخطر سفير تونس في الخرطوم وزير الخارجية سحلول ( عام 1992 )  بأن الباسبورت الدبلوماسي السوداني الذي يحمله الشيخ راشد الغنوشي ، سوف يصل وزارة الخارجية في الخرطوم للتجديد ! ويطلب الرئيس زين العابدين بن علي من الحكومة السودانية التكرم بعدم تجديد الباسبورت ، لضمان  استدامة العلاقات الأخوية بين حكومتي تونس والسودان!
وعد الوزير صديقه السفير خيرا !
أخذ الوزير موافقة الرئيس البشير الشخصية على عدم تجديد ، بل حجز جواز سفر الشيخ الغنوشي ، وعدم ارجاعه له !  وأصدر أمرا إداريا لإدارة  المراسم  في وزارته ، وقعه بنفسه ، لحجز جواز الشيخ الغنوشي وعدم تجديده ! ثم استدعى الوزير مدير إدارة المراسم ، الى مكتبه، وسلمه الأمر الإداري باليد  ، لتأكيد أهمية الموضوع !
بعد حوالي أسبوعين ، رجع  سفير تونس ، واشتكى للوزير سحلول مر الشكوى من عدم ايفاء الوزير بوعده ، إذ عرف الرئيس زين العابدين بن علي من المخابرات الفرنسية أن جواز السفر الدبلوماسي السوداني للشيخ الغنوشي قد تم تجديده ، ويسافر به الشيخ الغنوشي في رياح الدنيا الأربعة !
لم يصدق الوزير سحلول كلام السفير التونسي ، واحتد معه في الكلام ، بل طلب منه مغادرة مكتبه ، لأنه كان يعرف ما فعله !
استدعى الوزير سحلول الى مكتبه مدير المراسم للإستفسار ! أكد مدير المراسم بأنهم لم يستلموا جواز الشيخ الغنوشي بعد ، ولكنه وعد بمراجعة طاقم مكتبه !
بعدها  ...  اكتشف الوزير سحلول أن جواز السفر الدبلوماسي السوداني للشيخ الغنوشي قد وصل فعلا الى إدارة المراسم ، وقام أحد ( أولاد ) الشيخ الترابي بتجديده ، وارجاعه للشيخ الغنوشي في باريس !
ولم يجرؤ الوزير سحلول ، ولا مدير إدارة المراسم أن يقولا (  بغم حلوم )  لود شيخ الترابي ...   وإلا فقدا موقعيهما !
بعد المفاصلة ، وزوال دولة الفرعونية ، وقيام دولة الفرعون ، استمرت الدولة الثنائية  ، ولكن بأهداف جديدة ، وأساليب جديدة ، وشخوص جديدة !
نواصل ..
////////////////

 

آراء