هل بترول جنوب كردفان وراء فشل الجولة الخامسة من مفاوضات اديس ابابا ؟ .. بقلم: ثروت قاسم

الحلقة الأولى ( 1 – 3 )
Facebook.com/tharwat.gasim
Tharwat20042004@yahoo.com

1-    مقدمة .

كما قال تشرشل ، فلعله من المفيد أحياناً توضيح الواضح ، وتوكيد الظاهر ، لإزالة أي لبس في النفوس التي بها مرض . ونبدأ ونختم  ولا نمل من تكرار وتوكيد نبل القضية التي تكافح من أجلها الحركة الشعبية الشمالية .

تجاهد الحركة من أجل تحقيق التحول الديمقراطي الكامل  ، والسلام العادل الشامل ، ودولة المواطنة المتساوية ، والتوزيع العادل للسلطة والثروة . وهي نفس المبادئ والمفاهيم والأهداف التي يجاهد من أجلها السيد الإمام وجماهير الأنصار وحزب الأمة .

إذن المسيرة واحدة ، وإن تعددت المسارات وصولاً للهدف المشترك … دولة المواطنة .

القادة مالك عقار وعبدالعزيز الحلو وياسر عرمان وكوادر وعناصر الحركة الشعبية الشمالية يجاهدون في سبيل  نفس وذات القضية التي يجاهد من أجلها السيد الإمام وكوادر وعناصر الأنصار وحزب الأمة  …  دولة المواطنة والتوزيع العادل للسلطة والثروة .

مسيرة واحدة وإن تعددت المسارات .

ويجب أن لا يغيب عن بالنا  وأن نتذكر دوماً وأبداً إن الثورة المهدية ، وهي ثورة المهمشين والمظلومين والمستضعفين في الأطراف ، قد إنطلقت شرارتها الأولى من قدير في جنوب كردفان  ، مباشرة عقب عيد الفطر المبارك في عام 1881 .

ونتذكر بفخر إن الإمام الأكبر عليه السلام كان يتعبد في غار  ( بطن أمه )  في كراكير جبال النوبة  في  جبل قدير قبل أن يفجر الثورة المهدية ضد الإستبداد والفساد والظلم والإستعمار الخديوي الغاشم .

ألم ترى ، يا هذا ، أثار أقدام الامام الأكبر عليه السلام   ، في غار بطن أمه ، في جبل قدير ، علي مرمي مائة حجر من إدارية العباسية تقلي ، في محلية رشاد ؟

ونذكر بفخر إن قبائل  النوبة  والفونج كانت من أول قبائل الهامش التي آزرت وشاركت بفعالية في الثورة المهدية .

مناطق نفوذ وجماهير  الحركة الشعبية الشمالية هي نفس مناطق نفوذ وجماهير حزب الأمة .

إذن القضية واحدة ، والمسيرة واحدة ، والهدف النهائي واحد …  دولة المواطنة .  

ندعو القارئ الكريم أن يستصحب معه هذه المقدمة ولا تعدو عيناه عنها وهو يقرأ في سطور هذه المقالة  ( من 3 حلقات )  من أولها إلى آخرها  .

2 – أهمية ولاية جنوب كردفان ؟

أهمية ولاية جنوب كردفان تصدر من عدة أعتبارات ، نذكر بعضاً منها في النقاط التالية :

اولاً :

+ كل النفط المكتشف والمستغل تجاريأ في  السودان  حالياً  يلبد في جوف اراضي ولاية جنوب كردفان ! تمثل الولاية البقرة الحلوب نفطياً ، ودولاريأ لدولة السودان ؛  مصدر 90% من مصادر السودان الدولارية  .

عربات الخرطوم تجري  حالياً ببترول ولاية جنوب كردفان  ؟

ومن ثم كنكشة حكومة الخرطوم في ولاية جنوب كردفان ، وإستحالة  الوصول إلى إتفاقية مع الحركة الشعبية الشمالية ، وفشل الجولة الخامسة  ، وربما الجولات التالية  ، من مفاوضات أديس ابابا ؟

ثانياً :

+ تضم ولاية جنوب كردفان منطقة أبيي !

أبيي مرشحة لان تكون الصاعق الذي سوف يفجر أي حرب محتملة  بين دولتي السودان      … دولة السودان ، ودولة جنوب السودان ؟

كانت ابيي الصاعق الذي فجر الحرب الاهلية بين شمال السودان وجنوبه في عام 1980  (  انيانيا الثانية ؟ ) ، وقبل التمرد الذي قاده الدكتور جون  قرنق بالكتيبة 105  في بور في مايو 1983 !

هناك جن لابد في أبيي ، كما يقول كجور طمبرة الباتع !

ولكن بعد أحداث يوم الأحد 15 ديسمبر 2013 ، وأفول نجم اولاد أبيي المتنفذين سابقاً في جوبا ( دينق آلور وصحبه الكرام ) ، فربما توارت أبيي شيئاً عن الأنظار ، ولكن إلى حين ؟

ثالثاً :

يقول بعض المراقبين  إن منطقة النوبة في ولاية جنوب كردفان مرشحة لأن تكون الصاعق الذي سوف يفجر الإنتفاضة  الشعبية في كل بلاد السودان ، وإستيلاد نظام  جديد ، بسياسات جديدة ، وهياكل جديدة ، ووجوه جديدة   .

ولا يأتي هذا الإدعاء من فراغ ؛  فقد كانت   ولاية جنوب كردفان  الصاعق الذي فجر الثورة المهدية المباركة ، أعظم ثورة وطنية أسلامية في عموم بلاد افريقيا !

وبالنسبة لك ، يا هذا ، فإن ولاية جنوب كردفان تمثل تحوَّل الامام الأكبر  عليه السلام من شخصية إصلاحية دينية  ، إلى شخصية ثورية سياسية  … تغيير نوعي في شخصية الامام الأكبر ، عليه السلام ، مقرون بتجربة روحية مهولة ! أدى هذا التغيير النوعي في شخصية الامام الأكبر ، عليه السلام ، الي الثورة المهدية ، وطرد المستعمر الخديوي  المصري !

هل يؤدي التغيير النوعي في شخصية الامام الثالث إلى  الإنتفاضة  الشعبية ، وإستيلاد النظام الجديد  ؟

رابعاً :

+  كانت  منطقة النوبة  في جنوب كردفان الصاعق الذي فجر عملية السلام بين شمال وجنوب السودان ، وقاد إلى  إتفاقية السلام الشامل  ( نيروبي – الأحد  9 يناير 2005 ) !

هل تتذكر السناتور الامريكي جون دانفورث ، الذي هندس إتفاقية وقف إطلاق النار في منطقة جبال النوبة بين نظام الانقاذ ، والحركة الشعبية ، في ديسمبر 2001 ؟  الاتفاق الذي قاد إلى  بروتكول مشاكوس في يوليو 2002 ، وإتفاقية السلام الشامل في يناير 2005!

ومن ثم  ، كما ذكرنا أعلاه ،   كنكشة حكومة الخرطوم في ولاية جنوب كردفان ، وإستحالة  الوصول إلى إتفاقية مع الحركة الشعبية الشمالية ؛  وفشل الجولة الخامسة  ، وربما الجولات التالية  ، من مفاوضات أديس ابابا ؟

3 –  الموقف الحالي ؟

+  في يوم الأحد 2 مارس 2014 ، أعلن  مبيكي  تعليق الجولة الخامسة للمفاوضات  بين حكومة الخرطوم  والحركة الشعبية الشمالية   الى أجل غير مسمى بعد وصول المفاوضات  ، بعد ثلاثة أيام فقط  من بدئها  في يوم الجمعة 28 فبراير 2014 ، الى طريق مسدود .  قرر  مبيكي  إحالة  الملف إلى الإتحاد الأفريقي ( مجلس السلم والأمن )   للبت فيه قبل بدء الجولة (  السادسة ؟ )   من المفاوضات في وقت لاحق  .

كان السيد الإمام قد أقترح في رسالة سلمها لأمبيكي في الخرطوم ( الثلاثاء  25 فبراير 2014 ) مرحلتين للمفاوضات تتبع كل مرحلة الأخرى وتكملها  .

في المرحلة الأولى يتفق الطرفان إتفاقاً ثنائياً وجزئياً  على وقف العدائيات ووقف لإطلاق النار بينهما ؛ وتوافق حكومة الخرطوم لمنظمات الإغاثة الدولية توزيع الإغاثات للنازحين المتواجدين في مناطق نفوذ  الحركة .

في المرحلة الثانية تكون المفاوضات قومية ( غير ثنائية )  وشاملة ( غير جزئية )  لكل مناطق النزاعات  بالأضافة للمنطقتين . تكون المفاوضات بين المجلس القومي للسلام ( تتمثل فيه كل الأطراف المدنية بما في ذلك حكومة الخرطوم ) من  جانب والجبهة الثورية  الحاملة  السلاح من الجانب المقابل .
ولكن تقدرون ، وتضحك الأقدار ؟

تستمر معاناة النازحين في معسكرات النازحين في المناطق التي تسيطر عليها الحركة ، لمنع حكومة الخرطوم منظمات الإغاثة الدولية  توزيع الإغاثات في مناطق النازحين التي تسيطر عليها الحركة .

نتمنى أن تتم الموافقة ، خارج إطار مفاوضات  أديس أبابا ،  على  :

+  الإتفاقية الثلاثية ( الأمم المتحدة ، الإتحاد الأفريقي والجامعة العربية ) لتوزيع الإغاثات ، لتقلل من معاناة النازحين  في مناطق نفوذ الحركة .

+ وقف العدائيات ووقف إطلاق النار .

إنتظروا ، إنا معكم منتظرون .  

+  في يوم السبت اول مارس 2014 ، إستقبل السيد الإمام  الاتحاد العام للطلاب السودانيين ،  الذي يقود مبادرة للحوار الوطني ؛ وأكد لهم  أهمية قومية الحوار  دون إقصاء لطرف مدني أو حامل للسلاح  ، أو هيمنة طرف  على الحوار . كما أكد السيد الأمام علي شمولية الحوار لكل مشاكل السودان  وصولاً للتحول الديمقراطي الكامل والسلام العادل الشامل .

ثمن السيد الإمام أهمية الحوار السياسي  السلمي (  الوسائل الناعمة )  ، بدلاً من المقاومة المسلحة  ( الوسائل الخشنة ) في تغيير النظام   ، موضحاً أن أكثر من (600) حركة مسلحة في  العالم  ، من بينها الحركة الشعبية الأم  ،  انتهى بها المطاف  بعد سنين من الحروب المدمرة ،  إلى التسويات السياسية  ، وخيره  أسلمه وعاجله  .

3 –    هجوم القائد ياسر عرمان ؟

في تصريحات صحفية تناقلتها الأسافير ، شن القائد ياسر عرمان  هجوماً مقذعاً ضد السيد الإمام  ، وكأنه السبب وراء محنة المنطقتين ؟  .  إتهم القائد ياسر عرمان السيد الإمام  ، جوراً وبهتاناً ، بالوقوف مع المؤتمر الوطني وضد الحركة الشعبية الشمالية في خطابه الذي وجهه لأمبيكي حول مفاوضات أديس ابابا .  نتمنى أن لا يتهمه هذه المرة بإفشال مفاوضات الجولة الخامسة بين حكومة الخرطوم والحركة  ، وليس ذلك على القائد ياسر عرمان ببعيد ؟

ليس هناك أبعد من الحقيقة  في تصريحات القائد ياسر عرمان  ؛  بل على العكس تطابقت  الأفكار والمقترحات التي حملها خطاب السيد الأمام لامبيكي ( الثلاثاء 25 فبراير 2014 ) مع الأفكار التي إحتواها خطاب الحركة لأمبيكي ( الجمعة 28 فبراير 2014 ) ، وقع الحافر على الحافر . ولا نلقي القول  على عواهنه ، ولا نتكلم من فراغ ، بل نتوكأ علي (  نص )  محتويات الخطابين كما يلي :

أولاً :

نواصل في الحلقة الثانية .. .

شاهد أيضاً

الثور في مستودع الخزف!

مناظير الخميس 26 يونيو، 2025مِن سخرية الأقدار أن الانقلابي عبد الفتاح البرهان سيشارك في مؤتمر …