هل تصمد قحت؟

 


 

 

 

قبل أيام جمّد السيد الإمام نشاط حزبه بتحالف (قحت)، و اليوم خرجت تسريبات تشير إلى أن هنالك تململاً وسط بقية أحزاب التحالف القحتاوي، وأن بعضها ما زال يتشاور حول اصدار قراره بالانسحاب أو التجميد، وهنا سؤال لابد له أن يطل برأسه: هل البيت القحتاوي شبيه بيت العنكبوت الذي وُصف بأنه أوهن وأهون البيوت؟، لقد علمتنا التجارب الفاشلة للأنظمة السياسية التي حكمت البلاد أن الحواضن السياسية لجميع الحكومات المتعاقبة هي أضعف مما يتصوره المرأ، ولنا عبرة بالاتحاد الاشتراكي والمؤتمر الوطني، فعندما أُقتلع النميري ذهب معه الاتحاد الاشتراكي غير مأسوف عليه, وحينما سُحق البشير اختفى المؤتمر الوطني، فهل تتوارى قحت إذا شعرت بأن هنالك مكيدة تدبر لها في الخفاء؟ للانقلاب على منظومة الحكم الانتقالي؟.
لقد انشغلت المجتمعات السودانية بحديث نائب رئيس المجلس السيادي، أكثر من اهتمامها بهبوط طائرة الكيان الصهيوني بمطار الخرطوم، وأكبر من إنشغالها بأخبار الزيارة الخفية المزعومة التي قام بها رئيس جهاز مخابرات النظام السابق خفية للعاصمة الخرطوم، وعن دوره المشبوه في صياغة مشروع جديد لأطروحة العقد الاجتماعي ألّذي تقدم به السيد الإمام، والذي يعتبر بمثابة إنشاء مسجد ضرار مقابل لتحالف قحت، نرجو من المواطن السوداني المسكين المؤمن والصابر وصاحب اليقين أن لا يأتمن الساسة على اطلاقهم، وأن يهيء نفسه للمفاجآت في كل صباح جديد، فربما يمسي مساء يوم ما ليسمع ويشاهد هذا الشعب السوداني الكريم بياناً هاماً وصوتاً شجياً مصحوباً بموسيقى العسكر، يطغى على أصوات برنامجه التلفزيوني اليومي الذي اعتاد على مشاهدته.
نريد لشعبنا الكريم أن يُطلِّق (من طلاق) ثقته المطلقة في الإرتباط (الأهبل) بقواه السياسية و إلى الأبد، لأنه يجب أن يعلم أن ذات هذه القوى السياسية هي التي تركته لقمة جاهزة لكتائب ظل علي عثمان في ميدان القيادة، وهي نفسها التي باعته عندما أتت به من ليبيا مقاتلاً (الجبهة الوطنية)، لكي يحرر السودان من قبضة الدكتاتور النميري، وهي التي فشلت في الحفاظ والعض بالنواجز على ديمقراطيته الثالثة والأخيرة، التي سخرت منها ذات أحزاب (قحت) وقالت لو أن كلباً اختطفها لن تقول له (جر) والكلام موثق، وعندما قال الشعب (العذاب ولا الأحزاب) كان واعياً بما يقول، فقد أثبتت هذه الأحزاب الكرتونية الطفيلية وعلى مر تاريخ الدولة السودانية الحديثة، أن همها الأوحد هو الوظيفة والأستوزار، وبين يديكم هرولة القحتاويين لملأ شواغر المبعدين من المغضوب عليهم من العميقين البائسين البائدين.
مشكلة السودان لا علاقة لها بصراع النخب السياسية والثقافية الفاشلة بأي حال من الأحوال، مشكلتنا تكمن في إهمال المنتجين وتهميش المزارعين واضطهاد الرعاة والاستخفاف بالعاملين في المزارع والمصانع والمعلمين والسائقين، إنّها إشكالية نتجت لتراكم مجموعة من العقد الإجتماعية والتاريخية والسياسية العميقة التي تمتد جذورها إلى ذلك العهد الذي خرج فيه المستعمر من بلادنا، فقسمنا إلى قبائل وملل ونحل وجهويات ومهن، فحط من قدر بعضنا ورفع شأن بعضنا الآخر, وهنا، تحضرني صورة لا أستطيع محوها من ذاكرتي رغم تقدم السن، وهي صورة ذلك الرجل الكهل الذي يسحب جردل (النيفة) من تحت مقاعد حمامات مدرستنا المتوسطة، وهو بطبيعة حال ذلك الزمان ينتمي إلى (جهة جغرافية معينة)، كيف سمح ذلك النظام الديمقراطي (الثالث) لأن تستمر تلك الممارسة العنصرية القميئة والمنتهكة لحق الإنسان حتى بعد هبة انتفاضة أبريل التي تغنينا و مازلنا نتغنى بها؟.
قد يسأل (سائل)!!!، فيقول، ما هو مقترحك لحل هذه الأزمات الوطنية المستعصية ، وأقول لمن يسألني، عليك برؤية جون قرنق وبالكتاب الأسود وبجدلية المركز والهامش، وإلا، سوف تفقدون شرف المبادرة التي تحفظ لكم ماء الوجه، وهي كلمة الحق التي يجب أن تقال في وجه السلطان الجائر، فتلك الأسفار الثلاث قد اختصرت الطريق لمن يريد إصلاحاً (غير مدغمساً) لهذا الوطن الجريح، ومن عجائب هذه الأسفار أنها صدرت من مدرستين مختلفتين متناقضتين ومتطرفتين أيدلوجياً وفكرياً ودينياً، هما مدرستا السودان الجديد والحركة الإسلامية (نيفاشا) ، أي، أن الخلاصة هي ما توصل إليه هذان المتطرفان الّذان يمثلان طرفي نقيض المعادلة (يسار+ يمين)، (أها،.............. تفضل يا أيها الشعب السوداني البطل والفضل).
إنّ خاتمة المطاف تقول بأن تحالفات الأحزاب السياسية السودانية لا خير يرتجى منها، لأن السوابق التاريخية شاهدة على الفشل الذي أدمنته نخب حكومات هذه الأحزاب المركزية المتمرسة، ولو أنها كانت على الطريق الصحيح لما انفصل الجنوب الحبيب ولما اشتعلت الحروب الأهلية في كل من أقاليم دارفور وجبال النوبة والأنقسنا، فعلى أحزاب تحالف قحت العمل كيد واحدة حتى لا ينكأوا الجراح التي امتلأت صديداً بتراكمات فشل النخبة السودانية ألمدمنة للفشل.

إسماعيل عبد الله
ismeel@hotmail.com

 

آراء