هوامش فى دفتر الوطن .. ؟؟
اليوم هو عيد ميلادى .. بصراحة لا اعرف كم بلغت من العمر .. لكن و من المؤكد ان عمرى تجاوز العشرين - انا متاكد من ذلكم لكننى لن احلف بالله لؤكد ذلك _ اتذكر ليلة ميلادى بحى القطاطى بالسكة الحديد كوستى جيدا فقد كانت الساعة تشير الى الثانية عشر ليلا بالظبط و على ضوء الفانوس حيث لم نكن ننعم بالكهررباء فى حى القطاطى حينها .. نعم ما زلت اذكر كل التفاصيل الداية كان اسمها ستنا بت المنى حسونة ( رحمها الله ) حتى منظر النساء اللاتى حمللننى بدقائق من ولادتى و اذكر تلك السيدة التى قالت حلاتو فرمقتها بنظرة حادة فانا متاكد انها قالتها مجاملة لوالدتى فلم يكن شكلى جميلا و لا يوحى بالحلاوة .. اذكر ايضا اولئك النساء اللواتى كن يقمن بقرصى فى جطومى و هن يقلن صندل يا يمة ويضعن بعض النقود تحت المخدة و ما زالت جطومى تؤلمنى لغاية اليوم .. ولا اعلم للان هل كن يضعن تلك النقود لى ام لوالدتى .. هلى اى حال انتهز هذه الفرصة لاشكرهن و بلاش قريص فى الجضوم .. ؟؟
اتذكر طفولتى جيدا فقد كان معلم اللغة العربية يطلب منا حين نبدا بالكتابة فى الكراس ان نترك هامشا على يمين السطر .. و لا اعلم لماذا كنت اترك هامشا واسعا جد .. و ربما خباتها للمستقبل و اذكر اننى سالته يوما ما لماذا نضع هامش على يمين الصفحة فاخبرنى انه لوضع ملاحظات بقلم الرصاص حول الدرس و الواجبات و ها انا اكتشف بعد كل تلك السنين و العمر اننى عبارة عن ملاحظة على هامش واسع جدا .. فالمواطن السودانى هو مجرد ملاحظة فى الميزانية .. نعم هو مجرد ملاحظة يم ادراجها فى خطط التنمية .. و هو شئ بسيط لا يكاد يرى بالعين المجردة.. و ربما يلاحظه الرادار فقط حيت تهم طائرة ما بقصف حى و ليس مهما كم قتلت المهم ان القذيفة وصلت و اعداد الموتى هى مجرد ملاحظات تدونها الحكومة بعد القصف .. لكن تلك الطائرة لا ترى بالنظر فقط مما اسقط نظرية الدفاع بالنظر من اساسها .. ؟؟
ملاحظة .. نحن مجرد ملاحظات .. تقوم الايام بروايتها و حيت تباع ممتلكات الوطن باسم الخصخصة و لا يعرف من المشترى و لا كم المبلغ و اين وضع .. و هى الممتلكات التى بنيت من تعب هذا الشعب و يؤخذ اى رفض على انه ملاحظة تدون فى الهامش و لدى البرلمان فى سجل ما يستجد من اعمال عبر جلسة هادئة .. ؟؟
اليوم هو عيد ميلادى .. ليس مهما كم بلغت .. فلم اعد اعرف من انا .. هل انا من جيل الشباب ام من جيل الكهول .. ؟؟ هل انا ليبرالى ام تقليدى .. ؟؟ هل انا ديجتال ام امثل تيار القبيلة و ود العشيرة .. ؟؟ هل انا من جماعة السوشيال ميديا ام من جماعة ابوبكر الحلاق .. ؟؟ كل شئ تغير فاصبح لدينا صحفى الحكومة اولئك المقربون و الممولون و هناك تيار صحفى الهامش الذين يكابدون من اجل الحقيقة .. ؟؟ و النواب ايضا تغيروا فراس المال دخل فى المشهد و السياسة تغيرت فهناك الفريق الاقتصادى الذى يصفق لكل زيادة و ضرائب جديدة و لكننى اتذكر انى كنت اصنع هوامش فى الكراس و كانت واسعة على حسب كلام المعلم و دونت فيها ملاحظات متعلقة بالواجبات المنزلية .. لكننى اكتشفت بعد رحيل العمر و غزو الشيب الابيض للقلب و محاصرته اكتشفت اننى كنت اصنعها للمستقبل .. فهى تعبر عنى .. مجرد ملاحظة فى هامش بسيط على كراس سيفنى و يذوب فيما بعد .. كلنا كذلك .. و ليحيا الوطن السودان .. ؟؟
حمد مدنى
hamad.madani@hotmail.com