واشنطن وهافانا: لقاء الشتيتين
رئيس التحرير: طارق الجزولي
2 March, 2015
2 March, 2015
mahjoub.basha@gmail.com
كانت العلاقات الأمريكية الكوبية من أهم معالم القرن العشرين على الساحة الدولية ، فقد ظلت الجزيرة وقادتها مصدراً للإلهام بالنسبة للشعوب المستضعفة في سنوات التحرير الوطني منتصف القرن الماضي. كان فيديل كاسترو وتشي غيفارا مثالاً للنضال الوطني والصمود في وجه صناديد "الامبريالية العالمية" ، وارتبط اسم غيفارا بالذات بما يطلق عليه أحياناً الثورية الرومانسية. وكانت كوبا في قلب الأحداث كنقطة للتوتر بين القوتين الأعظم ، فمَنْ مِنْ أبناء جيلنا لا يذكر أزمة الصواريخ في كوبا والتي وضعت العالم كله على شفا هاوية الحرب النووية أو عملية خليج الخنازير الفاشلة التي خططت لها الولايات المتحدة بالتعاون مع بعض اللاجئين الكوبيين بغرض إسقاط نظام كاسترو.
غير أن الزمان غير الزمان ، وقد شهد الوضع الدولي تطورات هائلة في السنوات الأخيرة من القرن الماضي أدت إلى تحولات غير مسبوقة على المستوى الدولي. كان لا بد لكل ذلك أن ينعكس بصورة أو أخرى على العلاقات الأمريكية الكوبية التي تشهد الآن خطوات حثيثة نحو التطبيع الكامل بين البلدين. وإن كانت بعض العقبات لا زالت تعترض طريق التفاوض بين الطرفين مثل مطالبة كوبا برفع اسمها عن قائمة الدول الراعية للإرهاب وموضوع قاعدة غوانتانامو الأمريكية ، إلا أن الوفدين يبديان الكثير من التفاؤل بشأن التوصل لأتفاق حول التطبيع الكامل للعلاقات. من جهة أخرى ، فإن بعض قيادات الحزب الجمهوري يبدون اعتراضاً على سياسة الرئيس أوباما حيال كوبا وبصفة خاصة من يسمون بجمهوريي فلوريدا حيث المعارضة الأقوى للسياسات الكوبية في أوساط المهاجرين الكوبيين. غير أن الرفض الجمهوري لا يرقى بالطبع لمستوى معارضة سياسة أوباما حيال الملف النووي الإيراني ، خاصة وأن الغرفة التجارية الأمريكية ذات الميول الجمهورية ستكون من أكثر المستفيدين من رفع الحصار عن كوبا.
تأتي تحركات الرئيس أوباما حيال كوبا خلال السنتين الأخيرتين من حكمه مما جعل الكثيرين يقولون بأنه يتحرك وفي باله الصورة التي ستبقى في أذهان المواطنين الأمريكيين عن فترة حكمه. ولعل مما يؤكد هذا الاعتقاد الجهد الكبير الذي يبذله الرئيس أوباما من أجل إيجاد حل للملف النووي الإيراني مما وضعه في مواجهة مباشرة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي من المقرر ان يخاطب جلسة للكونغرس على غير رغبة الرئيس أوباما وحزبه الديمقراطي. بالرغم من أن العلاقات السودانية الأمريكية لا ترقى لنفس المستوى الذي تحتله علاقات كوبا أو إيران مع الولايات المتحدة ، إلا أننا يمكن أن نقرأ التطورات الأخيرة بين البلدين ضمن إطار جهود الرئيس أوباما نحو حسم بعض الملفات العالقة خلال ما تبقى من سنوات حكمه.
//////////////