وتسللت الي عالم الترجمة عبر النافذة أو ما يعرف ب ( الجربندية ) (4)

 


 

 

 

 

تسلمت مهام عملي مترجما لموقع شركة دلة افكو بمطار جيزان واعتبروني قائدا لايشق له غبار للمكتب الإداري الذي كان من أبطاله المساعد الإداري ( ساتيت ) التايلندي الجنسية وكان يحفظ جميع ملفات منسوبي الشركة بالموقع بكل مافيها من تعقيدات وبيانات وكثيرا ما كان يزود رئاسة الشركة بجدة بالمطلوب من المعلومات من الذاكرة رأسا ولا يرف له جفن وكانت الإتصالات معظمها تتم عن طريق ( الراديو ) أو ما كان يعرف ب ( اللاسلكي ) وكنت كثيرا ما اسمع أخانا ( ساتيت ) في حالة عدم التقاطه للرسالة بصورة مرضية أن يقول ( I can not read you ) . أو كل ماقال جملة أو أكثر يصيح ( Over ) وهذه المصطلحات كانت جديدة بالنسبة لي ولذلك كنت اتحاشي الرد علي رسائل الراديو .
لو قدر لاي شخص أن يتعامل مع تايلندي في أي مجال لوجده يتفاني في العمل ويؤديه بروح فنان ويخلص فيه لدرجة التضحية ودائما يفضل أن تكون بجانبه موسيقى هادئة تجعله يغوص في بحور الإبداع . كل تايلندي من غير فرز يتحرك بخفة الجندي المحترف وفي الانضباط واحترام الوقت لا اعرف شعبا في العالم يبزهم في هذا الميدان .
معنا في المكتب الساحر ( ساتان ) المختص في الطباعة على الآلة الكاتبة الانجليزية وهو من ابطال لعبة ( البلياردو ) التي لا يمكن لكائن من كان أن يجيدها الا إذا جمع بين اللياقتين الذهنية والجسدية. ( ساتان) هذا كان يذكرني بالراحل ( وليم اندرية ) عندما يعزف بكرة السلة لحن الأناقة والرقي وكان أيضا بغني بصوت شجي يذكرني بحنجرة الكروان عبد الدافع عثمان وكان ( ساتان ) هو المطرب المعتمد لكل حفلات الجالية التايلندية بجيزان .
تعلمت من ( ساتان ) كثير من مفردات اللغة التايلندية وما زلت احتفظ ببعضها حتي الآن
وكان التايلندي عندما يغضب من أحدهم يصفه بالورل أو التمساح ويصيح فيه:
( اي هي بنشوي خون ليو خمبا بابا بو ) . وهنا يكون قد مسح بك الأرض .
وعلي الآلة الكاتبة العربية جلس إبن المسالمة الامدرماني الشاب المهذب الهادي الطباع الخدوم والمحب للخير أسعد غالي جرجس وكان معنا أيضا مولانا (شبيب) الهندي وأيضا كان يعزف علي الآلة الكاتبة كما يعزف أهله الهنود علي المزمار لترقص الكوبرا أمام الجمهور في فعاليات السيرك التي برع فيها أهل شبه القارة الهندية .
وكما تلاحظون فإنه حتي ذاك الوقت في بداية الثمانينات لم يكن الحاسوب صاحب شان بل كانت الآلة الكاتبة هي سيدة الموقف .
وكما تلاحظون فإن موظفي المكتب من جنسيات مختلفة وكذلك بقية الاقسام بالموقع عموما وبكل الشركات الشقيقات الخاصة بالشيخ صالح عبد الله كامل . ولذلك فإن اللغة الانجليزية هي السائدة والتي يدار بها كل العمل مما جعل من وظيفة الترجمة هي الأخطر والأهم في مجموعة شركات دلة واخواتها .
وحق لنا أن نفخر كسودانبين بأن وظيفة مترجم تكون غالبا محجوزة للسودانيين في معظم الشركات بالخليج وعلي رأسها ( أرامكو ) سيدة شركات البترول العالمية وفهمت أن معظم المترجمين بكافة المواقع كانوا أصلا معلمي لغة إنجليزية تخرجوا في معهد بخت الرضا .
ليس هذا فحسب بل إن معلمي الرياضيات خريجي بخت الرضا احتلوا وتفوقوا في مجال المحاسبة بالخليج وعرفوا بامانتهم إضافة إلي اجادتهم العمل .
نواصل .

حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
مترجم صف علي وزن ضابط صف .

ghamedalneil@gmail.com

 

آراء