أخبار أخرى
وثائق اميركية عن السودان:
فيلم عن الجنوبيين: “تعب الله منا”
لماذا هذه الحملة ضد الاسلام والمسلمين؟
واشنطن: محمد علي صالح: “الشرق الاوسط”
بدأ، مع بداية السنة، عرض فيلم “قود قرو تايرد اوف اس” (تعب الله منا) عن قصة ثلاثة من 35,000 طفل من جنوب السودان هربوا، قبل اكثر من عشر سنوات، الى كينيا بسبب الحرب الاهلية. وبعد ان قضوا فترة طويلة وقاسية في معسكرات لاجئين هناك، انقذتهم منظمات خيرية اميركية، مسيحية وغير مسيحية. ونقلت، قبل ثلاث سنوات، سبعة آلاف واحد منهم الى اميركا.
سماهم الاعلام الاميركي “لوست بويز اوف سودان” (اولاد السودان المفقودون).
وتابعت كاميرات التلفزيونات الاميركية كل كبيرة وصغيرة: صوروهم في المعسكرات، وهم يركبون طائرات (لأول مرة)، ويرون معسكراتهم من الجو، ويأكلون اكل الطائرات، ويبحلقون في المضيفات، وينزلون في مطارات اميركية، ويحتارون في ماذا يفعلون، وكيف سيتصرفون.
وصوروهم في منازل مضيفين اميركيين، وهم يدخلون الحمامات لأول مرة، ويستعلمون اضواء كهربائية لأول مرة، ويشاهدون لأول مرة ثلاجات، وتلفزيونات، ومكيفات، وخلاطات، الخ … وصوروهم وهم يزورون محلات بقالة عملاقة، في كل محل عشرة انواع من التفاح، وعشرين نوعا من الخبر، وثلاثين نوعا من اللحوم.
صدر، قبل سنتين، فيلم “لوست بيويز اوف سودان” (اولاد السودان المفقودين). ثم صدر مؤخرا فيلم “قود قرو تايرد اوف اس” (تعب الله منا). كان الاول شاملا، ولكن الثاني اعتمد على قصص ثلاثة: جون بول داو، ودانيال ابول باك، وبانثر بلور.
ومن الكتب التي اعتمد عليها الفيلمان: “اولاد السودان المفقودون”، للاميركي مارك بسكر. و”رحلة الاولاد المفقودين”، للاميركية جوان هيكت. و”اخوان في الامل” للاميركية ماري ويليامز. و”تعب الله منا” الذي كتبه دون بول داو، واحد من “الاولاد”، والذي اعتمد عليه الفيلم الثاني.
تستعمل منظمات خيرية اميركية وغير اميركية الفيلمين للتوعية بقضايا اللاجئين والمفقودين. ويقود مؤلف الكتاب الآخير حملة لبناء مستشفيات ومدارس في المنطقة التي هربوا منها في جنوب السودان. وتشترك في الحملة جمعيات ومراكز، مثل: “انترناشونال كرايسيز” الاكاديمية، و “ميديكال كوربز” الطبية، و”جيسوتس” المسيحية.
“لم نعد مفقودين”:
هذا الكتاب، “لم نعد مفقودين”، كتبه السوداني الجنوبي ابراهام نهيال. وكان، ايضا، من “الاولاد المفقودين”. يعيش في اميركا في الوقت الحالي، في اتلانتا (ولاية جورجيا). واشتركت معه دي آن ميلز، كاتبة اميركية وتعمل مع اتحاد كتاب القصص المسيحية. وتعيش في هوستن (ولاية تكساس).
يتشابه الكتاب والفيلم في تقديم عرض مفصل وممتع للموضوع. لكن فيهما دعاية واضحة للمنظمات المسيحية التي اشتركت في انقاذهم. وانعكس ذلك على تعليقات بعض الذين شاهدوا الفيلم:
كتب جاكوما (واحد من “الاولاد المفقودين”): “يدل الفيلم على عظمة عيسى المسيح.” وكتب ماجوك: “لماذا يسبب الاسلام كل هذه الكراهية؟” وكتب آخر: “ليس هذا الفيلم هو النهاية. انه بداية انقاذ السودان من الظلم الاسلامي.” وكتب رابع: “نحن ضحايا الارهاب الاسلامي.”
ويبالغ الكتاب في الدعاية للمسيحية، وفي معاداة الاسلام.
على غلاف الكتاب الجملة الآتية: “قصة 35,000 طفلا سودانيا مفقودا، هربوا من طغيان الاسلام، بحثا عن الامل والحرية.” وعلى الغلاف الاخير الجملة الآتية: “هذا تاريخ تعذيب الاسلاميين في السودان على ايدي الاسلاميين العسكريين.”
أراء مسيحية:
نشر الكتاب أراء شخصيات اميركية مسيحية:
قال وليام بويد، مدير كلية الدراسات الانجيلية في هوستن (ولاية تكساس): “واجه الاولاد المفقودون فضائع الاسلام، ثم وجدوا الامل في المسيح.” وقال ارغون كانر، مؤلف كتاب “الجهاد المسيحي”: “سيسجل التاريخ ان المسيحية قصرت في هذا الموضوع.” وقال براد فيلبس، مدير مؤسسة مواجهة التعذيب الديني: “يفتح الاولاد المفقودون عيون المسيحيين الغربيين. لنركع، ونبسط ايدينا، ونرحب باخواننا من السودان.”
وكرر الكتاب كثيرا من المناظر والتطورات التي في الفيلم، عن الحرب الاهلية في جنوب السودان، والحياة في معسكرات اللاجئين، والانتقال الى اميركا، الخ …
وانتقد الكتاب النظام العسكري الاسلامي في السودان نقدا شديدا. وانتقد سياساته في جنوب السودان (قبل اتفاقية السلام). واشار الى ثلاث من اهدافه:
اولا، هدف ديني: “اعلان الجهاد في جنوب السودان لأسلمة الجنوبيين، وفرض قوانين الشريعة عليهم.”
ثانيا، هدف اقتصادي: “السيطرة على ثروات الجنوب (البترول. معظم آبار البترول في الجنوب).
ثالثا، هدف عنصري: “اضطهاد الافارقة بسبب لونهم الاسود مثل الابنوس.”
صراع اسلامي مسيحي:
وقدم الكتاب تاريخ السودان وكأنه كله صراع بين الاسلام والمسيحية. وبدأ بتاسيس ثلاث ممالك مسيحية هناك (نبته، وعلوه، والمقرة) بعد خمسمائة سنة من ميلاد المسيح. ثم “سقوط مصر تحت السيطرة العربية الاسلامية.” ثم “تراجع المسيحية في السودان امام التدخل الاسلامي.” ثم “زيادة تجارة الرقيق في عهد الممالك الاسلامية.” ثم “انتشار المجاعة خلال الحكم الاسلامي في الخرطوم.” ثم “نهاية تجارة الرقيق على ايدي البريطانيين.”
ثم الحكومات الوطنية، وخاصة الحكومة العسكرية الاسلامية الحالية. ومما قال عنها: “عاني الاولاد المفقودون لأنهم رفضوا الانصياح للدين الاسلامي. ودمرت منازلهم، وقتلت عائلاتهم، وبيعت شقيقاتهم رقيقا، وتغيرت حياتهم الى الابد.”
ونصح الكتاب الاميركيين بطريقة معاملة المسلمين (خاصة في اميركا)، على ضوء تجربة “الاولاد المفقودين”:
اولا، “يسلك المسلمون سلوكا طيبا وودودا اذا كانوا اقلية في بلد ما. لكنهم يتغيرون تغييرا كاملا عندما يصيرون اغلبية. يصبحون خطرا حقيقيا.”
ثانيا، “على المسيحيين ان ينتبوا الى الطريقة التي ينشر بها المسلمون الاسلام” (اي ان الذين يعتنقون الاسلام يفعلون ذلك بسبب ضغوط).
آيات قرآنية:
وانتقد الكتاب الاسلام اعتمادا على آيات قرآنية معينة يستعملها الآن كثير من الذين ينتقدون الاسلام في اميركا. قال ان قوات الحكومة في الجنوب كانت تقتل الجنوبيين الذين يرفضون اعتناق الاسلام اعتمادا على أيات مثل:
اولا، آية الانفال: “اذ يوحي ربك الى الملائكة اني معكم، فثبتوا الذين آمنوا، سالقي في قلوب الذين كفروا الرعب، فاضربوا فوق الاعناق، واضربوا منهم كل بنان.”
ثانيا، آية التوبة: “فاذا انسلخ الاشهر الحرم، فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم، وخذوهم، واحصروهم، واقعدوا لهم كل مرصد.”
ثالثا، آية التوبة: “قاتلوا الذين لايؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله، ولا يدينون دين الحق من الذين اوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون.”
رابعا، آية الانفال: “يا ايها النبي حرض المؤمنين على القتال.”
اعتمادا على هذه الآيات، قال الكتاب: “بالنسبة لكثير من المسلمين، يمكن استعمال الاساليب الارهابية والاضطهادية في سبيل نشر دينهم.”
وخلص الكتاب الى ان هذه الآيات هي اسباب هجرة “اولاد السودان المفقودين” الى اميركا.
ونقل على لسان واحد منهم، سانو موساو، قوله: “جئت الى الولايات المتحدة لأن المسلمين كانوا يريدون مني اعتناق الاسلام. ولدت مسيحيا، وسأموت مسيحيا. ولو وضعوا امامي كل ثروات الدنيا، لن اعتنق الاسلام.”
تعليق (1):
منذ هجوم 11 سبتمبر على اميركا، بدأت حملة قوية، ومنظمة، ضد الاسلام والمسلمين، داخل اميركا وخارجها. وركز هؤلاء على “آيات السيف”، وقالوها حتى خلال استجوابات امام لجان عن الامن القومي تابعة للكونغرس. ربما لم تكرر آية تحت قبة الكونغرس مثل آية الانفال التي فيها: “سالقي في قلوب الذين كفروا الرعب.” وركزوا على كلمة “الرعب”، وترجموها بأنها “تيرورسيم” (الارهاب). وصارت “أيات السيف” تنقل من كتاب الى كتاب، ومن بحث الى بحث، ولابد ان هذا الكتاب وجدها جاهزة، ونقلها، وربما لا يعرف مؤلف الكتاب معناها الحقيقي.
وفي السنة الماضية، عندما القى البابا خطابه المشهور الذي انتقد فيه الاسلام والمسلمين، اشار الى “آيات السيف” ايضا.
تعليق (2):
لا يحتاج الانسان الى علم ديني غزير ليقول ان القرآن نزل كتابا واحدا، ولا يجب على الناس (مسلمين او غير مسلمين) ان يأخذوا منه الآيات التي تؤيد وجهات نظرهم، ويحذفوا التي لا تفعل ذلك.
مثلا: ماذا عن آية البقرة: “لا اكراه في الدين، قد تبين الرشد من الغي”؟ لماذا لا يكررون هذه الآية تحت قبة الكونغرس، مثلما يكررون “آية الارهاب”؟
مثلا: ماذا عن آية النحل: “ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي احسن”؟ لماذا لا يركزون عليها مثلما يركزون على آية الانفال: “يأ ايها النبي حرض المؤمنين على القتال”؟
مثلا: ماذا عن الآيات التي تدعو المسلمين ليدافعوا عن انفسهم عندما يقع عليهم الظلم (مثلا: عندما تحتل دولة اجنبية بلادهم)؟ الا تنطبق عليهم آية الحج: “اذن للذين يقاتلون (بفتح التاء) بأنهم ظلموا (بضم الظاء)، وان الله على نصرهم لقدير.”
تعليق (3):
تخطئ كتب وافلام “اولاد السودان المفقودين”، واي كتب وافلام غيرها، عندما تخلط بين الاسلام وبين حكومة السودان العسكرية الاسلامية. لا يقدر مسلم عاقل على ان يدافع عن نشر الاسلام بالقوة. خاصة اذا كان الذي ينشره لا يلتزم هو نفسه بكل القرآن.
هذا في جانب.
لكن، في الجانب الآخر، منذ هجوم 11 سبتمبر، هناك حملة اميركية منظمة، وعلنية، وقوية، وفعالة، للهجوم على الاسلام والمسلمين. ويقودها “النيوكون” (تحالف المسيحيين المتطرفين واليهود الصهاينة) الذين ادخلوا اميركا في حرب العراق. وفي حرب لا نهاية لها ضد ما يسمونهم “اسلاميين متطرفين”.
لكن، لم يقدر “النيوكون” على ان يضعوا خطا فاصلا بين “مسلم متطرف” و “مسلم معتدل”، حتى صار كأن كل من يختلف معهم “مسلم متطرف.”
لهذا، يقف الذين يستغلون”اولاد السودان المفقودين” للهجوم على الاسلام في صف واحد مع “النيوكون”.
(عن “الشرق الاوسط” بتصرف. التعليقات اضافية)
mohammadalisalih@yahoo.com <mailto:mohammadalisalih@yahoo.com>
وثائق سابقة:
1. تقرير المعهد الديمقراطي في واشنطن: مسح لأراء الشماليين والجنوبيين (2005)
2. تقرير المعهد الجمهوري في واشنطن: جهود احلال السلام في الجنوب (2005)
3. تقرير الخارجية الاميركية: خلفية مشاكل السودان (2005)
4. تقرير مجلس الامن السنوي عن السودان (سنة 2005)
5. محضر نقاش في الكونغرس عن قانون سلام دارفور (2005)
6. محضر نقاش في الكونغرس عن قانون محاسبة السودان (2005)
7. تقرير مجلس الامن السنوي عن السودان (سنة 2006)
8. تقرير معهد بروكنغز في واشنطن: الحماية الدولية وسيادة السودان (2006)
9. تقرير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: تركيز السلام في الجنوب (2006)
10. محضر نقاش في الكونغرس عن دارفور (2007)
11. محضر نقاش في الكونغرس عن الجنوب
12. من كتاب جديد: اميركا ودارفور
13. من كتاب جديد: “اولاد البحر” و “اولاد الغرب”
14: كتاب السفير الاميركي : “السودان: ارض وشعب”
15. الكونغرس: السناتور بايدن: قتل البشير؟
16. قرار الكونغرس ضد جامعة الدول العربية.
17. فيلم عن الجنوبيين.
مممممممممممممممممممممم
بسم الله الرحمن الرحيم نقابة المحامين السودانيين لجنة التسيير ورشة عمل: الحوار حول الإطار الدستوري …