وردة على قبر بنجامين لوكى

 


 

ياسر عرمان
24 March, 2017

 

 

 

جوبا – أغسطس/ 2010م
من النافذة أري جميع المآلات
لاتخشـوا جميع الاحتمالات
الا التي تقطع الحوارات
وتوقف تبادل الاشارات
وتضيف الي العشرين
سنوات أخري عجاف آتيات صاعدات
كل المآلات مفروشة بحسن النوايا
وطريق الغواية
طريق ألمانيا التي ورثـت
من النوايا جدار
كانت تحن الي الـتوسع
تزرع الأشـواك
تحصد عاصـفة
تخسر نصف البلاد
يــذوب الجدار مـن الجلـيد
ويـوزع هدايا لسواح عابريـن
جدار بـرلين حجر
جدار برلين أثـر
تعود البلاد بدون جدار
حـنـين لعدل عمر وسيف الأمام على
بجمع فضول أموال الأغـنياء
لوكان الفقر رجلاً
لابتهجنا جميعنا
بسيف الامام على
نتساءل جميعاً لماذا البلاد فى هذا المخاض العسير
وأين الطريق لضوء النهار
كل المآلات لاتهم
الحوار الجـوار هو الاهم
تاج السلطان لايهم
البلاد هى الاهم
صولجان الملك يمضى
غير عابئ الف مرة
منذ علوة والمغرة
البلاد حضور
والاحلام حضور
الاحلام بضـاعة الفقـراء الوحيدة
مثل كل قصيدة
لاتقبل الاحتكار والمصادرة
منذ بدايات الحياة
وفى العولمة والحديث عن نهاية التاريخ
والصعود الى المريخ
من النافذة أراقب لحظة أخيره
في مسيرة طويلة طويله
من ألف ليله وليله
تتوقف ثم تبدأ رؤية جليله
في حضورها ، فى إيقاعاتها النبيله
الحاكمية للأرض ، للصِلات ، للبشـر
للنيل والنبل والتواريخ القديمه
للمعانى وللانسان
في الصِلات والصلاة ورحلة الرعاة
في النزوح والتجارة
في إلتقاء الأرض الذى
لاينقطع
بإنقطاع الحوار وحسن الجوار
وإنهيار العماره الاماره
من النافذة أراقب لحظاتنا الجديده
وإمتدادات الحقيقه
مامضي سيعود
سينهض الرعاة والجنود
بعد زوال الاماره
وجمهورية التجاره
مع نهاية المساء والمسار
يهمد القطار
تتجدد الصلات دوت كوم
الحياة صاخبة مثيرة
والنهرلايحفل بالمسيـرة طويلة قصيرة
الأحداث من صنعنا
الفيس بوك
والنيولوك
من الإله والطبيعة
ننتهي بقصـيدة من عصرالأنيانيا
تبدأ رحلة جديدة
عديمة المذاق
طعمها الملل والأمل والإنحدار
والعودة للبدايات
حينها ستنهض المديـنة
عند ريفها العريض
وتعزف الألحان من جديد
جوقة وفرقة للموسيقي والنشيد
يتواصل الحديث
حوار وحدة وانفصال
نمولي أسكندرية
حلفا والجنينة
أردمتا والطينة
أحلام ريفنا الحزينه
وصايا الموتي في المدينه
رحلة حياتهم الأليمـه
بعد أن امتلأت المدافن
وغلاء المهوروالسكن
وخيبة الوطن
الحنين والشجن
بعـد الهجـرة الكبيرة
الي موانئ المدينة
يشترون بها
اليأس والضياع
وتجرع الهزيمة
يشترون بأحلامهم
بضاعة من النهوض
والصعود
والعبور نحو حـلمهم
من النافذة أراقب
ومن النافذة أري
أرى الصِلات بين المدينة والقـري
الإنحداروالصعود
السعي والقعود
ترويض النفوس والأسود
أراقب الذين أتو علي غير موعد
مع المرض في عالم ملئ بالغرض
أتـو علي غير موعد مع الفاقة
علي غير موعد مع الحياة
وموعد مع الشقاء
علي غيرموعد مع الألوان تجـلب التعاسة
علي غير موعد مع اختلاف الألسن يجلب الحروب
علي غيرموعد حتي
يحصلون علي موعد
مع الفرح والصباح والقمر
يأخذون موعدا
مع الطعام والسلام
وموعد جديد
مع ترهاقا وزارح
قودوى وعلى الميراوى وأحمد فضيل
كون انوك وعبدالقادرإمام وعبدالفضيل
قبيل الغروب وعندالأصيل
تمضي الحياة
بالسلام أوالحديد
بالقديم أوالجديد
الصورة متناثرة الاجزاء
جيلاً بعد جيل من الاخطاء
الجوع لرؤيـه صافيه
يعصف بالمدينة
يلحق بها الهزيمة
حتي تخرج لساحة الشهداء أولساحة خضراء
تشتري من أحلامها
الصعود والنهوض والعبور
ترمم الجسور
تحلق كالنسور
الصورة مد وجزر
اذا ما رحلنا معاً
نعود نزرع الاشجار
والازهار فى كل الــبلاد
نُحى الصلاة
قيام العباد
نهوض البلاد
وليتنا كنا ندرك المجهول فينا
والمخبأ في الطريق
لنصحح مسودة الطريق الشتات
وحسن الدروب
وصون العهود
ليبقى الجنوب
وتزول الحدود ما بين القبائل وتموت الدول
تسود الامانى الاغانى
نسـبح حتى محيط
الصفاء الوفاء
وحب الحياة
يعود الجنود جميعا
اسرى الغياب
عبر الزمن
نشد الايادى
خيول مسرجة
ومطلقة السراح
والحديث مباح
نعود لنبته ومروى لطيبه ومصر القديمة
ونطوى الهزيمة
عند بر الامان
لا نفرق بين رسل السماء جميعاً
نشرع رايات التحرر
الاخاء الوفاء البهاء
للالوان جميعاً
إختلاف التوحد و توحد الاختلاف
فالورود تذبل إن لم تكن
من كل أنحاء البلاد
تذبل الوردة
يمضى جمالها
أن فقدت جنوبها أو شمالها
إن لم تصعـد جـبال الشرق
إن لم تـرتوى من مـاء الغـرب تبلدية
تحفظ الماء والضياء
تـذبل الوردة إن لم تلتقى بالضفاف
والمجـد للإله والورود فى الاعالى
وعلى الارض السلام
وبالناس الورود
القيام الصيام
اتساع البلاد
دون ضفـاف أو حدود
حتى البحـار
الأنهار
شواطئ القلوب
اعالى النخيل
وسحـرالمشــقة
فى زرع المحبة
ونهدى
بنجامين لوكى ما جمعـنا من ورود عند كل حصاد
بعرض وطول البلاد
للناجين والنازحين
من جحيم الغروب الزوال الظلام
بسوبا الاراضى وغرب البلاد
ونهدي كل هداينا لبناجمين لوكى
وإعتـذارنا المكتوب فى صفحة ورده
يعلن إنتهاء عهد إزهاق الورود
وسوف يصعد بنجامين لوكى
كحديقة وقصيدة
فالورود عملة رسمية
والقـرار صادر من الجمعية
ان نبيع ونشترى بالورود
بلادنا أوسع حديقة
للاحبة والمحبة
احلامنا زرعناهـا
أطلقنا سـراحها
عند البركل
وسنار القديمة
قبل جيش الفــــتح
قبل هكس
عند يامبيو ومانقو ومنقـو
وفى القولد الـتقيت بالصديق
فى الكجور والرايات
المطرزة بالنذور
عند أولياء الله
نهدى كل بركاتنا التى جمعناها
لبنجامين لوكى
فيعود وساماً وإبتساماً
إخاء ومحبه
يعود بنجامين لوكى الى الجمعية والجماعة
مشرعاً لـلازهاروالورود
معلنا إنتهاء عصر الفاقة والمجـاعة
عائداً الي لانييا
يوزع الورود
انتهى عصر الجحود
إنتهى عصر الجنود
انتهى عصر النقود
مادامت الارض تنتـج الورود
وبنجامين لوكى يعود
حاملا الازهـار وما اراد
ودفء البلاد وإتساع الحصاد
رفع العلم
وصمت حروب الجنوب
ولنصلى جميعاً صلاة طويلة
بإسم الفضيلة بكل
اللغات لنفس الالـه
ونبذ الحروب
ومسح الجراح
وضوء الصباح
والسـلام قصيدة طويلة
مليون بيت مربع
السلام إمتداد الجـوار
الــى المرافئ البعـيدة
ونعود بعد طول غياب
نلتقى بنجامين لوكى
يوزع الـورود فـى كـل البلاد
يزيل الصـدود الحدود السدود
نعود بعد طول غياب
نقيم الحوار الجوار
لهدم الجدار
يظل الجنوبى ملـح الـبلاد
ولو بعد طول غياب
تعود الورود للانييا
لبنجامين لوكى وسامسون كواجى
نعود جميعا
مساء إستوائى
نعلق أحـزاننا على جدار الفـرح
جدار التمازج ، تخطـى الحدود
نعود لعصر عبدالرحمن الرشيد
وللناس جميعاً وردة ونشـيد
أخيراً اقول :
سيعود بنجامين لوكـى الـى الحياه
من ثبات غفـوته الاخـيره
اكثر شهـرة وأناقة
يعود الى لانييا
يعود الى الجمعية بأمانى شامخات
متحـدثاً بكل اللغات لغات البلاد
بالبارى بلكنة الــفجولــو سيتحدث المـورو
بالعربى والــبداويت والانجليزى
يوزع الورود عمله جـديدة
يتلو فـى طرقات المـدينة قصـيدة
يتلو وثيقته الاخـيرة
لن يكتفى بالنظر اليها بعين الاعتبار
هذه بضاعتكم ردت إليكم
بسـبق الاصرار اوالترصد
نقف جميعاً
فى ساحة خضراء
وليكن عامنا كله رجاء
وليهجـرنا اليأس ولنطرد الـنعـاس
ولنعطر النهـر بماء الورد
نصحو على أمل جديد
نلتقـى مـرة أخرى
ونحى بنجامين لوكى بـوردة


ياسر عرمان


هامش :-
بنجامين لوكى – زعيم حزب الاحرار و أحد زعماء النواب الجنوبيين السودانيين فى الجمعية التأسسية التى أعلنت إستقلال السودان وهو نائب منطقة ياي من قبيلة الفجولو احد مجموعات البارية التى تقطن منطقة لانييا وهى نفس المنطقة التى جاء منها د. سامسون كواجى وقد صوت مع زملائه لصالح الإستقلال محققاً إجماع السودانيين مقابل الاستجابة للطلب الذى قدمه نيابة عن زملائه فى ديسمبر 1955م ليتضمن إعلان الاستقلال فقره بإعتماد الفدرالية كنظام لحكم الجنوب فى إطار سودان موحد . وللرغبة فى تحقيق الإجماع حول الاستقلال قبلت القوى السياسية ذلك وأعلنت أن هذا الطلب (( سينظر إليه بعين الإعتبار )) . وقد تنبأ بعض النواب الجنوبيين السودانيين انه فى حالة عدم الإستجابة لهذا المطلب المشروع فإن الجنوب سيخرج من السودان مثلما خرجت باكستان من الهند وقد قال احد مؤسسى الانيانيا القس سترلينو اوهورى نائب دائرة توريت (( إن الجنوب فى مطلبه حول الفدرالية لايضمر نوايا سيئة تجاه الشمال وأن الجنوب لايريد الانفصال وإذا اراد لاتوجد قوة لمنعه من ذلك !!)) وقال فرانكو ويل قرنق صاحب السيرة الذاتية الملفتة للانتباه ، والشقيق الاكبر لجوزيف قرنق والضابط السابق فى القوات المسلحة ‘ والذى درس مرة أخرى فى ((بيروت)) وناظر مدرسة رمبيك الشهير،ونائب دائرة واو والذى رفض إجازة الدستور بأغلبية قال بذكاء ((مادامت الشمس تشرق من الشرق فإن الجنوبيين لن يكونوا أغلبية . وإذا كانت هذه المسودة هى أساس النقاش فلا شأن لنا بها لأنها أهملت مطلب الجنوب الأساسى . وإننى أقرر هنا أن السودان لن يستقر إذا لم يستقيم الوضع فى الجنوب .... إننا لا نضمر شراً لإستقلال السودان ونحبه ونحرص عليه كأى شخص آخر منكم . ولكننا نريد أن يكون هذا الاستقلال حقيقياً لا ملوناً ، وإننا نريد ان ننال حقوقنا كأمة فى السودان المستقل )) . ما أشبه الليله بالبارحة !!! وقد أغتيل القس سترلينو على الحدود اليوغندية فى منطقة ككقدم فى 22/يناير 1967م ولاحقاً جاء الرد عند تقديم الدستور الجديد ، برفض المطلب لان مساؤى الفدرالية اكثر من محاسنها !! وقامت المظاهرات التى تردد بالإنجليزي (( لافدرالية بين امة واحدة)) واليوم تبدو الحقائق ناصعة وشديدة الوضوح بأن بنجامين لوكى وزملائه كانوا على الجانب الصحيح من التاريخ ، وهذه القصيدة تحيه لبنجامين لوكى وزملائه بورده.

 

آراء