وزارة العدل بالسودان: لماذا يتجاهل متخذ القرار تعيين أحد جهابذة القانون في منصب الوزير؟

 


 

 


بسم الله الرحمن الرحيم
جاء في الأخبار أن الرئيس البشير أصدر مرسوماً جمهورياً بتعيين الدكتور/إدريس إبراهيم جميل وزيراً للعدل،وذلك بعد أن إعتذر عن هذا المنصب الرجل العالم والعصامى الدكتور/عباس محمد طه حاج الصديق ،لأسبابٍ لم تكشف عنها رئاسة الجمهورية،ولكننا على علمٍ تام ودراية بالشخصية الفذة ،والعلم الغزير لأستاذنا الجليل د.عباس، مما جعل رئاسة الجمهورية تبحث عن شخص أخر،وهاهى تجد ضالتها في د.إدريس ،وحسب ما نقل إلىَ من سيرته الذاتية ،فهو من مواليد 1959م،وتخرج في جامعة الخرطوم-كلية القانون في عام 1983م بمرتبة الشرف ،وحصل على الماجستير من جامعة ليستر ببريطانيا،والدكتوراه في القانون التجارى من الجامعة الامريكية في لندن 2001م،وعمل مستشاراً في عدد من المؤسسات السعودية وحالياً يعمل مديراً للإدارة القانونية وسكرتير مجلس الادارة بشركة حصاد الغذائية بدولة قطر،ومما لا شك فيه أن الوزير الجديد ومن خلال سرد سيرته الذاتية أعلاه،نجده فعلاً يتمتع بمؤهلات أكاديمية رفيعة،وخاصةً فيما يتعلق ،بالدراسات العليا،إذ انه حصل عليها من الجامعات البريطانية مهد القانون الوضعى،فنسأل الله له التوفيق وخاصةً أنه تم تعيينه والسودان يمر بمراحل دقيقة لها علاقة وثيقة بوزارة العدل ،فعلى المستوى الداخلى ،نجد أن الناس تفتقد في كثير من الأوقات سيادة حكم القانون ،كما أن أهل السودان وبمختلف مشاربهم وأحزابهم وطوائفهم ،ومنظمات المجتمع المدنى الأخرى لم يتفقوا على دستورٍ دائم،يلبى طموحاتهم ويؤسس لدولة القانون والمؤسسات ،فالدستور والقوانين المتفرعة منه ومنذ الإنقلاب على النظام الديمقراطى في عام 1989م ،أصبحت تسن وتفصل على حسب رغبة الحزب الحاكم وذلك ،من أجل البقاء على سدة الحكم لأطول فترة ممكنة،وأيضاً من أجل إقصاء المعارضين ،والإستمرار في القبضة القوية على مفاصل الدولة ،وخارجياً نجد أن الوزير الجديد ،سيواجه بسيل من الطلبات متعلقة بتحسين حقوق الإنسان في السودان ،وكذلك مطالبات المحكمة الجنائية الدولية المتكررة ،بتسليمها الرئيس البشير وبعض المسئولين بالدولة ،إذاً :المهمة صعبة وتحتاج للحكمة والمهنية العالية ،والشجاعة في إتخاذ القرارات ،دون الإرتماء أو الانصياع لتوجيهات أصحاب النفوذ وأصحاب المصالح الضيقة ،والتى أضرت بالوطن والمواطن كثيراً،وجعلت القانون يطبق على الضعيف الذى لا ظهر له ولا حول ولا قوة له ،ويترك صاحب النفوذ ،لأنه من أهل الولاء ،وله نصيب في السلطة ،ويعمل بقانون القوة لا بقوة القانون.
فوزارة العدل فى أى دولة من دول العالم ،وخاصةً الدول التى تعمل وفقاً للقانون وتحترم القانون،وتخضع مؤسساتها كلها لحكم القانون،نجد أن هذه الوزارة لها القدح المعلى في سن القوانين ووضع الدساتير،مع العمل على إلزام جميع أفراد المجتمع للانصياع للقانون ،حتى يتسنى للجميع العيش بسلام وطمأنينة،مع حفظ حقوق الجميع،من نيلٍ للوظيفة العامة،والمشاركة في كل مؤسسات الدولة على قدم المساواة بين كل أفراد الدولة،وفقاً لمعايير يراعى فيها العدالة والكفاءة والمؤهلات العلمية ،وبعيدأ عن المعايير المختلة والتى تتجافى مع العدالة ،من ولاءٍ لحزب معين أوالإنتماء لقبيلة بعينها أو صلة قرابة بمسئول نافذ فى النظام القائم،وغيرها من الأمراض العضال التى أصابت مؤسسات الكثير من الدول فى مقتل والسودان ليس استثناءاً منها.
أقول بعد إعتذار الرجل الفقيه في القانون د/عباس ،أخذ متخذ القرار وقتاً غير قصير ،من أجل البحث عن رجلٍ قانونى ضليع ،يملأ هذا المنصب الهام ،وفات على رئاسة الجمهورية أو بالأحرى تعمدت أو تغافلت أو تجاهلت،عدم تعيين شخصيات قانونية ضليعة ،لها خبرة ومعرفة واسعة وأقدام راسخة في مجال القانون،وهذه الشخصيات والتى أحسبها من دهاقنة القانون ليس ،داخل وطننا الحبيب فحسب،بل في عالمنا العربى والإفريقى،ومنها على سبيل المثال لا الحصر:البروفيسور/البخارى الجعلى،فهذا الرجل العالم في مجال القانون الدولى العام ،وقد حصل على الماجستير والدكتوراه من أعرق الجامعات البريطانية،ويعمل الأن بعدد من الجامعات السودانية كأستاذ مشارك،وقد تخرج على يديه عدد كبير من أهل القضاء الجالس والواقف،ومازال يجود بعلمه الغزير على طلابه داخل السودان،وبالرغم من إنتمائه الحزبى إلا أن هذا لا يقدح،فى عدله ومقدرته وكفاءته المنقطعة النظير ،على ملء هذا المنصب الهام والكبير ومعاملة الناس بالسوية،وإنجاز الكثير من القوانين والتى يمكن أن تؤسس لقيام دولة القانون أو دولة المؤسسات،وأيضاً البروفيسور/يسين عمر يوسف،فهو أيضاً رجلٌ ضليع وفقيه في مجال القانون ،وخاصةً القانون الدستورى ،وقانون الاجراءات الجنائية والقانون الجنائى،وقد تخرج على يديه ،الألاف من أهل القضاء الجالس والواقف،وهو يعمل الأن كأستاذ مشارك بعدد من الجامعات السودانية،ومازال طلاب القانون ينهلون من علمه الغزير،أضف لهولاء الدكتور/نبيل عبدالله أديب /المحامى،فهو من علماءالقانون حيث يعمل الأن كمحامٍ،يدافع عن المواطنين الذين تنتهك حقوقهم،ويعمل من أجل إعلاء قيمة الإنسان عن طريق المحافظة على حقوقه المكتسبة،ومطالبة السلطات المختصة ،بمزيد من الحريات الأساسية للمواطنين ،حتى يرتقى المواطن الى المعايير المرعية دولياً بواسطة المعاهدات الخاصة بحقوق الإنسان،وهنالك أسماء أخرى لها إسهاماتها المشهودة والمقدرة في مجال القانون ،سواء كان في قاعات الجامعات أو قاعات المحاكم ،أو منظمات المجتمع المدنى،وكلها تصب في مصلحة الدفاع عن حقوق الإنسان،ومن هولاء العلماء المحامين ،البروفيسور/ محمد الفاتح اسماعيل ،د.يوسف عبدالله الطيب،د.العيد ،د.عادل عبدالغنى،عبدالقادر محمد أحمد،سعيد يدى،مأمون ديشاب ،صلاح الحورى ،عبدالقادر احمد حمزة وشكرى ضوى وغيرهم من فطاحلة القانون بالسودان،والذين إذا منح أى واحد منهم الفرصة في هذه الوزارة الهامة،فلا يخالجنى أدنى شك،فى أنه سينجزالكثير ،لإرساء قيم العدل بين أفراد المجتمع ،وجعل العدالة الاجتماعية تأخذ مسارها الصحيح،داخل أفراد المجتمع الواحد من غير محاباة أو جهوية ،وبلا شك ستؤتى جهوده أى هذا الشخص المختار لهذا المنصب أُكلها وذلك بقيام دولة المؤسسات وسيادة حكم القانون.
وبالله التوفيق
د/يوسف الطيب محمدتوم/المحامى
yusufbuj1965@gmail.com

 

آراء