وعلى ذلك قس

 


 

وعلى ذلك قس
22 October, 2016

 


((وعلى ذلك قس ))

أكثر الكتابات عن ثورة إكتوبر (( بؤسا ))هي تلك التي تقارن وتفاضل بين نظام 17 نوفمبر 1958م بقيادة الفريق إبراهيم عبود وزملائه من الجنرالات في الجيش السوداني ((في ذلك الوقت )) وبين ثورة إكتوبر أو إنتفاضة 21إكتوبر م1964 لا فرق في التسمية طالما أن من قام بالثورة هو الشعب الذي إنتفض عن بكرة أبيه وحقق التغيير المنشود من خلال الثورة التي قام بها ورفع أول شعاراتها وهو شعار الحرية والديمقراطية ووأشترط عودة العسكر إلي ثكناتهم ، والمقارنة غير العادلة دائما تكون حول الجوانب الإقتصادية حيث إستطاع نظام عبود إقامة بعض مشروعات التنمية خلال المدة التي قضاها في السلطة وهي ست سنوات لدرجة أن الجماهير في سوق الخضرة بالخرطوم خاطبته فائلة : يا عبود ضيعناك وضعنا وراك وملأت سيارته بالفاكهة والخضروات وهذه المقولة نفسها كانت من بركات ثورة إكتوبر التي أتاحت للشعب أن يعبر ويمدح ظلام الدكتاتورية ويلعن نور الحرية . ومن المؤكد تماما ومن غير شك أنه لم يمر علي السودان نظام كمم الأفواه وكبت الشعب مثل نظام الفريق إبراهيم عبود الذي أوقف الصحافة الحزبية في أول القرارات الثورية التي قام بإتخاذها وسمح للصحف المستقلة بالصدور ولكنه مارس في حقها أسوأ أنواع الرقابة وجمع وزير داخليته الصحفيين في أول أيام الإنقلاب العسكري وقال لهم لا تقولوا شئيا عن الحكومة لا تنتقدوها ولا تمتدحوها ولا تكتبوا عن إنجازاتها ولا تتحدثوا عن النظام سلبا أم إيجابا .

ومنع نظام عبودالكلام عن مشكلة الجنوب وهي كانت أكبر مشكلة في السودان علي الإطلاق وعمل علي فرض رؤيته المتعلقة بطرد القساوسة الأجانب من جنوب السودان وكانت تلك القرارات قد نتج عنها أول إتهام للسودان بأنه بلد لا يحترم الأديان ويعمل علي فرض الإسلام واللغة العربية علي غير المسلمين من شعبه ولم يكن عبود ونظامه يخضعون رؤاهم الخاصة بالجنوب لأي نوع من الحوار أو التفاكر مع الرأي العام المحلي عبر الإعلام والصحافة و في المؤسسات الدينية والتربوية الأمر الذي زاد من الإستياء ضد سياسات عبود من قبل المسلمين والدعاة الذين نظروا إلي سياساته علي أنها تضر بنشر الإسلام والدعوة له أكثر مما تصلح .وعندما أقر النظام أول ندوة لمناقشة قضية جنوب السودان كان ذلك في 21 إكتوبريعني يوم الثورة وكانت نهايته لكون الندوة أكدت علي أن السبب الأساسي في مشكلة جنوب السودان هو غياب حرية التعبير . ويقول الصحفي يوسف الشنبلي في كتابه صحافي بلا حدود : خمسون عاما في دهاليز وبلاط صاحبة الجلالة أنه في مساء 21 إكتوبر 1964 طاشت ثلاث رصاصات إخترقت أجساد القرشي eوحسن عبد الحفيظ ومبيور طلاب جامعة الخرطوم الذين كانوا يشاركون في أول ندوة يقرها النظام لمناقشة قضية جنوب السودان . ويضيف أن بيان وزارة داخلية نظام 17 نوفمبر قد زاد من الإحتقان الذي ورد فيه أن أن كل من يتحرك ضد السلطة .will be shot down
.وقال وزير الداخلية عندما عاد إلي البلاد بعد رحلة خارجية لو كنت موجودا لقمت بلف جثمان القرشي بالعلم السوداني ورافقته إلي قريته القراصة بدلا من أن يقوم بذلك زعماء المعارضة . إنتهي الإقتباس من الشنبلي .ويبقي القرشي هو رمز الحرية في ثورة إكتوبر وقد إحتل مكانه في قرية القراصة مسقط رأسه وفي قلب الخرطوم حيث نمر كل يوم بحديقة القرشي . وغير القرشي هناك شهداء كثر من الطلاب ومن الشعب وهناك من فجروا ثورة إكتوبر وعلي رأسهم الشيخ الراحل الدكتور حسن الترابي الذي قاد دفة الثورة وجمع حولها الشعب والقوي السياسية حتي تكون ثورة قومية وإنتفاضة شعبية ولكننا لم نسمع أن تم تكريم الرجل في مناسبة من مناسبات ثورة إكتوبر أو إجراء مقابلة تلفزيونية معه حول الثورة غير اللمحات القليلة التي جاءت عن الثورة في برنامج شاهد علي العصر من علي قناة الجزيرة . ولم تعد ثورة إكتوبر حدثا عابرا ولا لحظة تاريخية كغيرها من المناسبات والأحداث التي يشهدها الناس في حياتهم العادية ولكن إكتوبر هي الأساس الذي وضعه الشعب السوداني لحريته وكرامته ويجب أن تمضي عليه الأمة لكونه طريق للحرية والإنعتاق ولو حدثت بعض العقبات في الطريق من إنقلابات عسكرية وهيمنة طائفية إلا أن الحرية هي الأصل وهذا ما أثبتته الأيام وجاء في مخرجات الحوار الوطني الأخيرة بأن الحرية هي الأصل ومن حسن الطالع أن تكون ختام حياة الشيخ حسن الترابي هي ورقة الحريات في مؤتمر الحوار الوطني ليكون وفاءه لهذا المبدأ الديني والعقدي والإنساني ولثوار إكتوبر الذين ضحوا معه من أجل الحرية والكرامة وسيادة حكم القانون .elkbashofe @ gmail . com

elkbashofe@gmail.com
\\\\\\\\\\\\\\\\\\

 

 

آراء