وفاة 21 طفلا متأثرين بأعراض سوء التغذية في إقليم دارفور

 


 

 

الخرطوم ـ «القدس العربي»: توفي 21 طفلا متأثرين بأمراض سوء التغذية خلال الأسبوعين الماضيين، في معسكرات النازحين في إقليم دارفور، غرب السودان. في وقت حذرت فيه “المنسقية العامة للنازحين واللاجئين”، من تفاقم الأزمة الغذائية داخل المخيمات وتداعيات السيول والأمطار التي أدت إلى إصابة العشرات وتدمير الألاف المنازل، وأطلقت نداء عاجل حول الأوضاع الإنسانية المتردية داخل المخيمات، داعية إلى التدخل السريع من المنظمات الإنسانية والحقوقية الدولية لتقديم الخدمات الطارئة للنازحين.
ومنذ يونيو/ حزيران الماضي، توقف برنامج الغذاء العالمي عن تقديم الحصص الغذائية للنازحين، وفق المنسقية، التي أكدت حسب إحصاءات أولية، وفاة 18 طفلا في معسكر كلمة و3 آخرين في معسكر كأس، جنوب دارفور.
وقال منسق النازحين واللاجئين في معسكر كلمة، يعقوب محمد لـ”القدس العربي” إنهم “مع كل يوم جديد، يرصدون حالات وفيات جديدة للأطفال دون سن الخامسة، بسبب سوء التغذية”، مشيرا إلى أن “عدد الأطفال المصابين داخل مستشفيات معسكر كلمة تجاوز السبعين، بينما يعاني أكثر من 1000 آخرين خارج المستشفيات بسبب ضيق العنابر والقدرة المحدودة للمستشفيات”.
ووصف الأوضاع الإنسانية هناك بـ “الكارثية”، في ظل ضعف المعينات الغذائية والصحية، وتداعيات الأمطار، مشيرا إلى أن معسكر كلمة تحول إلى بركة ماء، حيث إنهار 7000 منزل، وتدمر عدد من المدارس والمراكز الصحية، ومراكز المرأة داخل المخيمات خاصة في مراكز النازحين رقم 1، 2، 7 ،8 ، الأمر الذي ينذر بتفاقم الأوضاع الإنسانية، خاصة مع انتشار البعوض وأمراض الملاريا والكوليرا والإسهالات المائية.
وأشار إلى الحاجة الماسة في المعسكرات للخيام والمشمعات والمساعدات الغذائية والعلاجية العاجلة، واصفا، أوضاع النازحين في ظل استمرار هطول الأمطار ونقص الغذائية بالبالغة الصعوبة.
وأضاف: النساء يحاولن حماية أطفالهن الجائعين من الأمطار، عبثا مستخدمات ثيابهن وقطع القماش والشولات المهترئة، مشيرا إلى أن هناك سيدات يضطررن لترك أطفالهن المرضى بسوء التغذية في المستشفى ليدركن إخوتهم في ظل الخوف من تهدم المزيد من المنازل.
وكذلك تعاني عشرات النساء الحوامل وكبار السن من تدهور أوضاعهم الصحية، حسب يعقوب.

خسائر فادحة

وفي معسكر كاس جنوب دارفور، توفي 3 أطفال جراء إصابتهم بسوء التغذية، بينما يعاني أكثر من 50 من تداعيات المرض، داخل مستشفى محلية كاس، حسب منسق النازحين واللاجئين في ولاية جنوب دارفور محيي الدين التجاني، الذي تحدث لـ”القدس العربي”.
ولفت إلى الخسائر الفادحة التي تسببت بها الأمطار في معسكرات جنوب دارفور، والتي تجاوزت 17000 منزل، حيث كانت أكثر المعسكرات المتضررة معسكر كلمة، حيث تدمر 7000 منزل وعطاش 2117.
فضلا عن معسكرات كاس، أصيب 20 نازحا وفقدت 1700 أسرة منازلها، مشيرا إلى أن المخيمات الأكثر تضررا في كاس، هي كرلي وأبوبكر، بالإضافة إلى المعسكرات الجنوبية ومعسكرات الرحل والمساليت.
وأضاف: يعاني النازحون داخل المعسكر من نقص الغذاء والدواء، بينما بدأت تنتشر أمراض الملاريا والإسهالات المائية داخل المعسكرات بسبب المياه الراكدة. وتابع: “يقف المريض لساعات طويلة منتظرا دوره في المستشفى، ليجد أنه خال من الأخصائيينة – فقط أطباء عموميون- وبعد كل ذلك لا يجد الدواء للعلاج”، مشيرا إلى غياب السلطات ومنظمات المحلية الدولية.
وطالب برش المعسكرات بالمبيدات وتوفير الخيام والناموسيات للنازحين، لتدارك تداعيات الأمطار التي ظلت تهطل بغزارة في كاس، مشيرا إلى ضرورة استئناف توزيع حصص برنامج الغذاء العالمي للنازحين وتوفير الرعاية الصحية والعلاج داخل المعسكرات.
وندد المتحدث باسم منسقية النازحين واللاجئين، آدم رجال، بتردي الأوضاع الإنسانية داخل المخيمات والنقص الحاد في الاحتياجات الأساسية للنازحين خاصة الغذاء ومياه الشرب النقية، مطالبا الجهات المعنية بالتدخل الفوري لتدارك الأوضاع المتفاقمة هناك.

اتفاق فوقي

وقال لـ”القدس العربي” إن النازحين ظلوا يواجهون الموت والجوع والمرض، في ظل غياب السلطات المركزية وحكومة إقليم دارفور وقادة الحركات الموقعة على اتفاق السلام، الذي وصفه بـ”اتفاق المحاصصات وتقاسم السلطة”.
وأضاف: أن الاتفاق ظل اتفاقا فوقيا، نال بموجبه قادة الحركات مناصب في السلطة، على حساب قضايا النازحين واللاجئين.
وفي 3 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وقعت مجموعة من التنظيمات المسلحة والمجموعات المعارضة، بينها عدد من حركات دارفور، اتفاق سلام مع الحكومة الانتقالية.
ووفق الاتفاق، تم تعيين اثنين من قادة حركات دارفور، في المجلس السيادي، رئيس الجبهة الثورية وحركة جيش تحرير السودان المجلس الانتقالي الهادي إدريس، وقائد حركة تجمع تحرير السودان، الطاهر حجر، بينما تولى قائد حركة جيش تحرير السودان مني أركو مناوي، منصب حاكم إقليم دارفور، وقائد حركة العدل والمساواة، جبريل إبراهيم، منصب وزير المالية، بالإضافة إلى وزارتي المعادن والتنمية الاجتماعية، ومناصب ولاة ولايات دارفور الخمس. ولاحقا، تعثر تنفيذ البنود الخاصة بالترتيبات الأمنية، ومعالجة أوضاع النازحين واللاجئين وقضايا العدالة الانتقالية.
ومنذ انقلاب الجيش على الحكومة الانتقالية في 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي يعيش إقليم دارفور أوضاعا أمنية متردية، حيث قتل نحو 1000 شخص في نزاعات مسلحة.
وتتهم منسقية النازحين واللاجئين، مجموعات مسلحة موالية للسلطات السودانية، بالمشاركة في النزاعات القبلية، وتنفيذ أعمال نهب وقتل في أنحاء دارفور. وكان برنامج الغذاء العالمي قد أعلن تعليق خدماته في دارفور، نهاية العام الماضي، بعد هجوم مجموعات مسلحة على مستودعاته الثلاثة الرئيسية في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.
وطالب البرنامج وقتها، السلطات السودانية بتوفير الأمن الكافي، على وجه السرعة، واستعادة المخزون المنهوب من مستودعاته، وتقديم ضمانات حتى يتمكن البرنامج من استئناف عملياته بأمان، محذرا من أن إيقاف أعماله في شمال دارفور وحدها سيؤثر على حياة نحو 2 مليون نازح.
وتزامنت سلسلة الاعتداءات على مستودعات برنامج الغذاء العالمي في الفاشر، مع اعتداءات مسلحة على مقار البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور (يوناميد) والتي أنهت مهامها في البلاد العام الماضي.
وأقر حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، بأن من قام بنهب المقار الأممية هي قوات نظامية وحركات مسلحة ومواطنون، وطالبهم بإعادة كل ما تم نهبه من المقار الأممية، والوقف الفوري للانتهاكات. ولاحقا، أعلنت السلطات السودانية القبض على عدد من المتورطين في الهجوم واستعادة بعض الممتلكات الأممية المنهوبة.
وفي مطلع مارس/ آذار الماضي، قال برنامج الغذاء العالمي، إنه شرع في استئناف أعماله تدريجيا في شمال دارفور بعد أكثر من شهر من التعليق في أعقاب سلسلة من الهجمات ونهب جميع بالفاشر في أواخر شهر ديسمبر/ كانون الأول 2021. وفي 23 مارس/ آذار الماضي حذرت كل من منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) وبرنامج الأغذية العالمي، من أن التأثيرات المجتمعة الناجمة عن النزاع والأزمة الاقتصادية وضعف الحصاد في السودان، تؤثر بشكل كبير على إمكانية الحصول على الغذاء، مرجحة وصول عدد الأشخاص الذين يواجهون الجوع الحاد في السودان إلى أكثر من 18 مليون شخص بحلول سبتمبر/ أيلول 2022. وفي 21 يوليو/ تموز الحالي، وقع البنك الدولي اتفاقية مع برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة بقيمة 100 مليون دولار أمريكي، لتوفير تمويل مباشر لتنفيذ مشروع شبكة أمان طارئة في السودان، للاستجابة لانعدام الأمن الغذائي الشديد في السودان الناجم عن ضعف الحصاد وارتفاع أسعار الغذاء العالمية.
واندلعت في الإقليم، الواقع غرب البلاد، حرب طاحنة، في عام 2003، راح ضحيتها نحو 300 ألف قتيل، وملايين النازحين والمهاجرين، حسب إحصاءات الأمم المتحدة.
////////////////////////

 

آراء