إستفهامات
مدخل أليم
قبل عشر سنوات تقريباً وعلى طريق الخرطوم
مدني، وشاب يقف على الطريق ليجد مركبة توصله للخرطوم، وبحكم العادة يرفع يده مؤشراً لكل مركبة في اتجاه طريقه، ورفع يده لسيارة لاندكروزر ولم تقف ولكن بعد قليل تعود السيارة (الشاب حسب أنهم عادوا ليحملوه)، ولكن يا لهول مفاجأته أنزل مَنْ بداخلها زجاجه وانتهر الشاب: ليه تأشِّر ما شايف العلم أو البيرق. الشاب: وليكن رفعت يدي وأنت مخيّر بين أن تقف لي أو لا. اللاندكروزري: أنت قليل أدب تأشِّر لسيارة يرفرف في مقدمتها علم. وحدثت شمطة بينهما سببها عدم احترام العلم في نظر اللاندكروزري وما رآه الشاب من فعل عادي رده القبول أو الرفض. المناسبة شنو؟ فضلاً تمهَّل (please wait). في يوم واحد وفي خرطومكم هذه رأيت سيارة بيضاء يرفرف في مقدمتها علم أو بيرق ليس كبيارق وأعلام رئاسة الجمهورية وليس كأعلام الولاة والمعتمدين ولا كأعلام السفارات بل علم أخضر بحافة بيضاء أجهدت نفسي كثيراً بأن أسير بسرعة السيارة التي في مقدمتها العلم لأقرأ ما كتب عليه لم أستطع غير قراءة (لا إله الا الله) وفي جهة واحدة ولا أدري ماذا كتب في الجهة الأخرى لسببين لسرعة السيارة وصعوبة الفضول، ماذا أقول لو أوقفوني وقالوا لماذا تطاردنا؟ لم أفق من صدمة العلم الذي على سيارة الصوفية وأنا أفكر فيه كثيراً فإذا بأخرى -على شارع أفريقيا- وهذه المرة بعيدة عني وأمامها علم أخضر يرفرف سيارة لاندكروزر. السؤال هل هناك ما يقيّد استخدام الأعلام؟ هل الأمر مباح لهذا الحد؟ وماذا لو طوّرت الصوفية أو أي جهة الأمر بحيث يجعلوا لهم سيارة تشريفة أمام حاملات الأعلام هذه وصار (الشيخ) لا يتحرّك إلا إذا تقدّمته سيارة تشريفية ويوويويويويو وسيارة الشيخ تنهب الأرض بعدها نهباً. يبدو أن ربط الزهد بالصوفية صار في خبر كان ولا علاقة تربط متصوّفة اليوم بالزهد، فمنهم من دخل في السياسة وجعل له فيها باعاً طويلاً، ومن حيث المساكن والسيارات والرفاهية حدث ولن تمل وإن ملَّ السامع. ولكن أن يصل الأمر إلى مرحلة الأعلام وبعد قليل السيارات التشريفية والحرس أصلاً موجود والمراسم موجودة وبلا نص ولا وظيفة فمن الحيران من يخلع للشيخ نعليه على مرأى من الناس ومسمع. هل يخاف التنفيذيون أن (يتبن) فيهم الشيوخ؟