يحق لك ان تعتذر ويحق لنا

 


 

د. مجدي اسحق
10 December, 2019

 

 

إن رب العز غافر الذنوب جميعا.. فتجلى من على.. هو القادر على قراءة مافي النفوس ويعلم خباياها ومقاصدها..لكننا نحن عباده نصفح بعد ان نقرأ مابين السطور لنجد إن كان بها نبرة صدق توبه يمسح من قلوبنا ما يشوبها من الشك والريبه...

لقد قرأت إعتذار عبدالرحمن الصادق وقلت ياليته لو صمت فإن إعتذاره أتى مليئا بالقوب خاليا من المنطق كأنه يستخف بعقولنا.. فما فعل سوى ان فتح لنفسه هوة ينزلق فيها إلي مدارج أكثر سوأ وقتامة في قلوبنا.
أتى إعتذاره يترنح ويحاول الوقوف ولكن هيهات.. متكئا على دعوى أنه دخل نظام الإنقاذ معارضا داعما للتحول الديمقراطي..
مقولة فطيره... فأما أنه كان يعلم طبيعة نظام دولة الحزب وكيف ان الدوله ماهي الا قطعة شطرنج في ملعب حزب الإفك والفساد.. فهل كان يتصور أنه كفرد أتى يمثل نفسه كما قال قادر على الوقوف أمام إمبراطورة الفساد هذه.. فإن كان يعلم إستحالة تحقيق ولو جزء من افكاره لأصبح موقفه هو مجرد إنتهازية ومرض في السلطه فلسنا حوجة الى إعتذاره...
ولو أحسنا الظن وقلنا إنه كان يظن حقيقة.. أنه بإمكانياته الفرديه قادر على تغيير خط دولة الفساد.. ولعمري هذه سذاجة لاتخفي على أحد... ولايبلعها من بلغ الفطام..
إن السذاجة وعدم الخبرة ليست عيبا في ذاتها فالناس تتعلم من مواقفها... لكن أن تستمر أكثر من ثمانية أعوام.. مرت فيها كثير من المياه تحت الجسر فأما أنها سذاجة غير قابل للتعلم وهذا خطر على شعبنا فعليه ان يلزم داره وينسى إعتذاره... أو إن المواقف التي مرت لم تكن كافية لهز قناعاته وغرس جرثومة الوعي... وإن كان هذا حقيقه فإنه يحق لنا أن نستغرب... أهي نرجسية تمنع الفرد ان يرى أبعد من موطأ قدميه أم هو إعجاب بالشموليه قد أعمت أبصاره عن مايحدث من حوله وفي كل الحالتين سيحمد شعبنا لله إن كفانا شره وان يحفظه بعيدا من مواقع القرار فشعبنا يكفيه من المصائب والمحن... وعليه فقط قفل باب محرابه عليه والإغتسال من أدران الإنقاذ والإحتفاظ بإعتذاره لديه.
إن قبلنا بضعف الخبرة وسذاجة في فهم دولة التمكين فإننا لانستطيع ان تتجاوز أسئلة عشعشت في قلوب شعبنا ربما تظن انها غير ذات بال ولكنها أشواك مغروسه من غيرها يصبح الاعتذار لايساوي ثمن الحبر الذي كتب به.
إبتداء..
لماذا أنت؟؟
وماهي مميزاتك التي تجعلهم يعيدونك للخدمه دون غيرك من الشرفاء وبعد عام لتصبح مساعدا لرئيس الجمهوريه... فهل تستطيع ان تقنع نفسك بأي ميزة سوى إنك إبن الإمام... ولا أعتقد أنك واهم بإمتلاكك ميزات خاصه جعلتك تقفز بالعمود لهذا المنصب وإنهم إختاروك حبا وكرامة لأجل مواهبك الفذه.
ثانيا
مادام إختاروك لأنك ابن الإمام وقيادي في حزب الأمه... رغم معرفتهم بموقف الامام وحزب الأمه.. ألم يخطر ببالك انهم ربما أختاروك بإعتبارك الحلقة الأضعف ليدخلوا بها عليهم؟؟
ثالثا..
عندما نصحك اخوتك بأم منصبك سيكون سهما على مواقف والدك ومواقف حزبك.. فهل حقيقة كان المنصب من الأهمية الا تبالي بتحذيرهم.. ولم يكن هاجسا لك بأنك ستصبح وصمة عار لوالدك وبؤرة هجوم على حزبك؟؟
رابعا..
طوال سنينك في السلطه ألم ترى موقفا يغسل هذه الغشاوة من عينيك؟؟
فلا فشل الدوله و لا استشراء الفقر.. ولا حملات القتل في دارفور البطش على المعتقلين والمتظاهرين... هل كل هذه الدماء لم تهز فيك شعره؟؟
خامسا..
ذكرت مواقفا لك سطرتها في اعتذارك بأنك وقفت ضد التجاوزات القمعيه.. ولن نكذبك في دعوتك ولكن نسألك ولا نشكك مافائدة موقف لا يؤثر ولا يغير في سياسات البطش والظلم.؟
سادسا..
فإذا كانت لك مواقفا بلا عائد ولا تأثير مالذي جعلك تستمر بلا هيبة ولا تقدير ولا صوت مسموع..بل رقم متجاهل بلا وزن ولا صدى
سابعا..
لو كتبت إعتذارك بحروف من ذهب.. وخطت حروفك سحر المعاني الذي يسلب القلوب.. لما أستطعت ان تقدم لشعبنا تفسيرا لموقفك من أسرتك.. وانت مساعدا لرئيس الجمهوريه إعتقل والدك... وعاش في الخارج خوفا من الرجوع من سلطتكم.. أخواتك ينزعون من بين أطفالهم حتى أدمنو الاعتقال والسجون.. و تهديد.. وبطش عليهم حتى كسرت يد إحداهما... هل يعقل ان نصدق أن سلوكك هذا كان طبيعيا وانت تذهب مكتبا يبطش في أهلك وتنام ليلا في القصر قرير العين ووالدك واخواتك أما في المنافي اوتحتضنهم ليالي السجون... ما أبعد هذا من أخلاق الشعب الذي تعتذر له ولم تنحاز له وفوق ذاك لم تحترم أخلاقه وتقاليده..
ختاما نقول...
يحق لك ان تطلب الاعتذار من شعبنا ولا أحد يمتلك حق عدم العفو ولكن لانكذبك القول فاننا لم نجد في إعتذارك ما يدغدغ مشاعر الطمأنينة واليقين بصدق الإعتذار.. ولا بجدواه ولم يغسل ما في قلوبنا من شكوك وإحباط..
فنصيحتي لك وانا صادق ان تعيش حياتك بعيدا من الهم العام فأنك أصبحت تحمل جرثومة الإنقاذ بين مسامك.. والشك في إن بذرة حب السلطه قد اصابت منك مقتلا موقع الصمود والصدق... فقربك من الشرفاء تهمه ووقوفك في مركب الثوره ستجعل من الشرفاء ينفرون منك وستكون إسفين خلاف وقنبلة تنتظر الانفجار..
فإن كنت تحب شعبك كما ذكرت.. وتؤمن بالديمقراطيه كما زعمت فألزم دارك حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.. وربما يجازيك ربي بصبرك عفوا... لأننا خبرنا أعمالك.. فربما يكون في صمتك خير لشعبنا ولك كفارة و أجر وحسن ختام..

 

آراء