يسـتاهـل

 


 

عبد الله علقم
11 February, 2011

 

(كلام عابر)

الإعلامي  المصري ضخم الجثة الشهير عمرو أديب قادته قدماه إلى ميدان التحرير (الذي غير الثوار  الشباب اسمه الآن إلى ميدان الشهداء) فقابله الشباب مقابلة غير كريمة وطردوه من الميدان وسط صيحات "مش عاوزنك" لأنه ارتكب خطأ جسيما في حق نفسه أولا وفي حق هؤلاء الثوار حينما وصفهم بأنهم  خاضعون  لجهات أجنبية تحركهم وتتولى الإنفاق على حركتهم وتقدم لهم وجبات الكنتاكي ومشروب الكوكا كولا في ميدان التحرير. يستاهل عمرو أديب فقد لقي جزاءه الذي يستحقه،رغم أنه أفلت من الضرب فقد تعاملوا معه بطريقة حضارية، فأقسى عقاب للإعلامي هو رفض الجماهير له وأن يبلغ  هذا الرفض درجة الاحتقار مثلما حدث لعمرو أديب.
 أخطأ عمرو أديب في حقنا كسودانيين حينما ظهر قبل بضع سنوات  على إحدى القنوات الفضائية المصرية المملوكة لرجال الأعمال المصريين (أعتقد أنها قناة دريم) وأخذ مع ضيوف برنامجه يتحدث عن السودان كأنه أرض خالية من السكان داعيا الشباب  المصري للهجرة جنوبا للسودان  بدلا من مخاطر ركوب أمواج البحر الأبيض المتوسط في الطريق إلى أروبا. قال إن الأرض الزراعية متاحة "بتراب الفلوس" في منطقة الجزيرة حيث يستطيع كل شاب أن يشتري "كام فدان" بدولارات زهيدة (مئات قليلة)، وهناك،أي في أرض الجزيرة الخالية من السكان سواء على نيلها الأزرق أم الأبيض،  يستطيع "المستثمر" أن يزرع الأرض ويربي (جاموسة جاموستين) ودواجن ويطلق مركبا في النهر المجاور للمزرعة  لصيد السمك ويستعين في كل ذلك ،إن أراد، باليد العاملة الرخيصة من سكان المنطقة.ويواصل عمر أديب الخطرفة فيقترح على الجزّارين اللحاق بمولد السودان لتقديم خبراتهم (الذهبية) حيث يستطيعون تقطيع اللحم بطريقة مبتكرة (أصلو السودانيين ما بعرفوش يأطّعوا اللحمة) تدر على الجزّار دخلا كبيرا لا يتحيل عليه الجزار السوداني (الذي لا يعرف تأطيع اللحمة).
مثل هذا الكلام الفارغ امتد لما يقارب الساعة على تلك القناة الفضائية المصرية وعمرو أديب يتوسط الحلقة ويفتي وينظر افتاء وتنظير الخبير بالسودان وبأهل السودان، فاقتعنت من يومها أنه "راجل أي كلام"  واقتنعت كذلك بأنه مجرد رجل ضخم الجثة وصناعة إعلامية ،وسقط في نظري تماما، ولئن وجدت له العذر في عدم معرفته للشعوب خارج مصر فليس له العذر في معرفة شعبه وشباب بلده.
نحن نحب مصر ونحب شعب مصر وهناك الكثير المشترك الذي يجمع بين السودانيين والمصريين بعيدا عن تقلبات السياسة وأمزجة الحكام، وكل ما نرجوه من الذين بأيديهم صناعة الإعلام في مصر  أن يبادلونا الفهم والاحترام، على الأقل من أجل المنافع والمصالح الاستراتيجية المشتركة.
سقط عمرو أديب،المذيع التلفزيوني والصحافي والكاتب،  سقوطا مستحقا قبل حضوره لميدان التحرير، وكان ميدان التحرير المشهد الأخير في تراجيديا السقوط تحت سمع وبصر القنوات الفضائية والمواقع الإسفيرية. يستاهل عمرو أديب و"عجبتني ليه".
(عبدالله علقم)
Khamma46@yahoo.com

 

آراء