‎سد النهضة اصبح أمراً واقعا رغم ضجيج المفاوضات

 


 

 

 

 

امريكا والدول الرأسمالية الغربية بصورة عامة همها وتوجهاتها السلمية والتصعيدية ~تستهدف من ورائها جني الفوائد الاقتصادية فكل تدخل أمريكي في اي موقع كان الغرض الاساسي منها البحث عن فرص العمل والعقود لشركاتها ولتسويق منتجاتها وصناعاتها المدنية والعسكرية والفنية على المدى المتوسط والبعيد وهذه استراتيجيات لم يصل الفكر الأفريقي والعربي وغالب دول العالم الثالث بعد وكما نتابع ونشاهد مفاوضات سد النهضة الماراثونية واُخرها كانت في كنشاسا عاصمة الكنغو فامريكا تتولى دور الراعي والمنسق في عملية المفاوضات الجارية بخصوص تبعات تشغيل سد النهضه ما بين اثيوبيا والسودان ومصر وذلك لغرض تعظيم مصالحها الاقتصادية والسياسية في المقام الاول وللعلم فكرة انشاء السد في عام ١٩٥٨ كانت فكرة أمريكية وسميت انذاك بسد البوردر اي السد الحدودي ثم وقع الاختيار في ذاك المكان موقع الحدث بعد ذلك تغيرت الاسم عدة مرات المرة الاول الاولى من قبل شركة كهرباء اثيوبيا سمى بمشروع اكس ثم عدلت الحكومة الي سد الالفية واخيرا في عام ٢٠١١ اعتمدت حكومة اثيوبيا اسم سد النهضة العظيم فلا حرج على امريكا من تغيير الاسم انما المهم لديها الجوهر كيف تستفيد امريكا من كعكة السد على المدى الطريل في شكل قروض بفوائد وعقود للشركات وعلى ضمانة انتاج طاقة بكميات هائلة من السد الذي يعتبر الأكبر في افريقيا والعاشر في العالم فالمشروع سواء كانت فكرة أمريكية او اثيوبيا فهو استثمار ناجح سيغير ملامح اقتصاد دولة اثيوبيا والتي تبحث عن مصادر اخرى لتعزيز قدرة اقتصادها لتخرج من انفاق الفقر المدقع وتلك فرصتها لتصبح الدولة الاولى لتصدير الطاقة في افريقيا

‎ولكل فعل ردّة فعل ولكل مشروع جوانب موجبة وجوانب سالبة فكما قامت السد العالي وعلى اثره اختفت مدينة من اجمل المدن في العالم (حلفا ) ثغر السودان الشمالية وبابخس الثمن وكذلك سد مروي وتأثر كثير من المناطق ما قبل وبعد السد ودون مقابل مجزي ولكن العزاء ان المصلحة للوطن فكان القبول بالتضحية وإثيوبيا لطالما مقر السد في داخل حدودها فمن حقها الاستثمار والاستفادة من المشروع الحيوي مع احترام المواثيق المبرمة .

‎اعتقد ان ما يدور من حديث وتضخيم الموضوع بمخاطر السد ليست واقعية فان افترضا جدلا ان السد قد يحدث فيه خطورة فالخاسر الاول اثيوبيا ثم الجهات الممولة للسد من بنوك وشركات تامين التي لا يمكن قبول الدخول في شراكة تمويلية دون الاطمئنان على تقييم المخاطر المرتبطة واستبعد كذلك فرضية ما يقال اثوبيا تستهدف تجفيف مياه النيل لان الهدف من قيام المشروع توليد الطاقة وتوجد اتفاقية مبادي بتوقيع الثلاثة وبإشراف الاتحاد الأفريقي وحتى لو توسعت اثيوبيا زراعيا فلديها انهار عديدة تكفيها وكذلك نضع في الحسبان ما حدث العام المنصرم كمية الأمطار التي هطلت شمال السد كانت اكثر كثافة واخطر من فيضانات النيل الأزرق . ويوجد عشرات السدود حول العالم وبعضه اكبر من سد النهضة في السعة الاستيعابية والإنتاج فلم نسمع حتى الان عن حدوث انهيار كارثي اضف الي ذلك ان عدد كبير من مهندسي وخبراء وعلماء السودان اجروا دراسات جبارة منذ عام ٢٠١١ وما بعد الثورة حول مخاطر السد واستطاعوا قفل الثغرات المقلقة مع الجانب الإثيوبية بإشراف مباشر من مهندسين السودان ثم ان التقنيات الحديثة لبناء السدود من المؤكد افضل جودة من السابق لكل ما ذكر فان فجوة الخطر قد تم تداركها لمستويات منخفضة و من المستحيل منع الأخطار نهائيا بفرضية وجود اسباب اخرى من صنع الطبيعة قد تحدث الكوارث اما هواجس احتمالية نقص حصة دول المصب من المياه فالسودان أصلا لا تستغل جزء كبير من حصتها فربما بعد قيام السد سيزداد استهلاك السودان لزراعة الاراضي التي كانت تغمرها الفيضانات وازدياد الدورات الزراعية فهذا يعتبر من الجوانب الإيجابية ولصالح السودان بالاضافة الي جانب الحصول على الطاقة النظيفة والرخيصة وسدالعجز .الكبير .

‎فظروف السودان التفاوضية مختلفة عن مصر ولذلك من الطبيعي اختلاف الخيارات ولا بد ان يكون للسودان راي مستقل مع احترام الراي المصري للتعبير عن قلقها ودون زُج مسالة الحدود في مفاوضات السد وان لا تقع السودان في فخ الحرب ضد اثيوبيا بالوكالة فعلى فريق وفد السودان ادارة ملف السد من منظوره الاقتصادي والفني والسد اصبح واقعا لا محال علينا ان نستعد لتعظيم الفوائد . فامريكا طاقمها السياسي تدير طاولة الوصول للوفاق بين الفرقاء ومن جانب اخر مؤسساتها الاعلامية تدق طبول الحرب وتتحدث عن مناورات فرق الجحيم المصرية لدك وتدمير السد وتفتح شهية دول الصراع والجوار للبحث وتوقيع عقود التسليح والدفاع معها فالقلق سيد الموقف والسد مستمر نحو الجاهزية والاستعداد رغم كل الظروف وإسرائيل حتى لو بعيدة حاليا عن الاضواء فهي موجودة بقوة ربما قد تظهر على السطح كما حدث اثناء مفاوضات ازالة اسم السودان من قائمة الاٍرهاب - وما يدور من مفاوضات وضجيج اعلامي ما هي الا استهلاك للزمن حتى تنضج وتتعاظم المقاصد والملفات السرية والسد اصبح حقيقة لا محال وقرار الحزب والتشغيل والاتفاق كلها في يد امريكا ولا أتوقع حربا لان فرص التشغيل هو الأقرب وتخدم مصالح امريكا والشركاء على الأقل في الوقت الراهن,,,,,,~

‎دكتور طاهر سيد ابراهيم
‎عضو الأكاديمية العربية الكندية
Taher-67@hotmail.com

 

آراء