آثار السودان : “أن تأتي متأخراً خير”
يعد السودان من أقدم البلاد التي سكنها البشر بحسب الحفريات التي وجدت في بعض أجزائه مؤخرا وتفسيرات اللغة المروية التي يعتبرها بعض العلماء أصل للغة الهيروغليفية
ونجد أن السودان ولفترة طويلة لم يهتم بجانب الآثار ما شكل عائقاً لتوضيح البعد الحضاري الأصيل في تأريخه
وتحتاج الآثار السودانية لمجهودات كبيرة ومد أطر التعاون مع الجهات المانحة والمتخصصة في الترميم والتنقيب حول الآثار
وحسناً فعل وزير السياحة والآثار والحياة البرية بعقد اجتماع هام مع علماء وأساتذة الجامعات المختصين في الآثار، وربما يعود هذا لاستلامه ملف الآثار الذي كان مكلفاً به وزير الدولة فيما مضى
ويلاحظ أن بعض علماء الآثار قد تجاوزوا من العمر عتيا ويملكون ذخيرة معرفية وخبرة كبيرة يجب الاستفادة منها قبل أن ينتقلوا بها ، وتطبيق ما يعرف بـ Die Empty وهي مبادرة بعدد من الجهات لاخراج كل عالم وباحث وعارف ما يمكله من معلومات واتاحتها للإستفادة منها، وتأتي في إطار أن الكثير من العلوم والمعارف ماتت مع أصحابها وربما كانت ستفيد البشرية في تحدياتها الماثلة والمتوقعة
وجدير بالذكر أن مخرجات هذا الاجتماع كانت هامة، حيث تمثلت في إنشاء كيان لعلماء الآثار بكل جامعات السودان، وحبذا لو شمل هذا التجمع أساتذة علم الآثار السودانيين العاملين بجامعات ومؤسسات ومنظمات دولية خارج السودان وداخله
ويتوقع من هذا الكيان أن يضع رؤية استشرافية لآثار السودان تمكن البلاد من إعادة سمعتها وتأريخها الأصيل والعمل على بثه بالطرق المختلفة ، ولعل هذا يسهم في تجاوز الاحساس بالدونية لدي بعض السودانيين، كما قد يسهم في تجاوز تحديات النعرات الاثنية بإعادة تشكيل للرأي العام حول التأريخ الموحد والتوحد الذي يضيق مساحات الفرقة السلبية
ولعل التأمين على إعادة نشر مجلة كوش من قبل هذا الكيان الجديد لعلماء الآثار السودانيين كفيل أن يسهم في ما ذكر آنفاً ليتكون المجلة مصدراً مهما للعلم والمعرفة لجميع الباحثين والاعلاميين بالداخل والخارج.
والأدوار المنتظرة لهذا التجمع كبيرة والطموحات والآمال المتعلقة بهم أكبر، فما أحوجنا لإعادة كتابة التأريخ السوداني وفق الاستكشافات الآثارية وتدعيم ما يتطابق مع التاريخ الشفاهي المشكوك في الكثير منه، وينتظر منهم أيضاً رصد تقارير الحملات الاستكشافية من حلفا القديمة إلى كل بقاع السودان وتمحيصها ومتابعتها وتطويرها ان احتاج الأمر .
والعمل على انقاذ آثار النوبة التي صاحبت قيام السد العالي ومازال بعضها غير معلوم، والعمل على احضار الآثار المنهوبة للسودان، فعودة تلك الآثار ستمثل نصراً كبيرا للبلاد، وإن قال أحد أن وجود هذه الآثار بالمتاحف العالمية تعمل على الترويج للآثار والسياحة في السودان، فيمكن وضع نسخة بالمتحف العالمي وتوضح أن النسخة الأصل عادت لموطنها، فيكون بذلك كسب أكبر لجميع الأطراف، فالمتحف العالمي قام بدور هام في المسئولية العلمية واعاد النسخة الأصل لموطنها، وبذلك يدفع السائح للحضور ورؤية الأصل في السودان فتزيد بذلك الأفواج السياحية المهتمة بالآثار ويكون كسباً كبيرا للتجمع هذا ولوزارة السياحة
كما أن الاتفاق حول اقامة مؤتمرات علمية حول الحضارات والتنقيبات والآثار المروية لهو أمر مهم ، فالعالم الآن يهتم بتلك الحضارة ويقيم حولها المؤتمرات ولعل من المتوقع أن يقوم في العام المقبل مؤتمر حول الحضارة النوبية بباريس يقيمه متحف اللوفر بالتعاون مع جامعة السربون
إن أمة بلا تأريخ موثق بحضارته الآثارية والوثائق لا شك عاجزة عن خوض غمار تحديات المستقبل، فميزة التاريخ أنه يثبت قدرة أسلافنا على قيادة العالم وبلوغ حضارة عظيمة دانت لها جهات مختلفة وامتدت على طول البلاد وعرضها بثقافتها وتجارتها، وهو الشئ الذي يؤكد لنا أننا قادرون كذلك على اعادة تلك الأمجاد
أحمد عبدالعزيز أحمد الكاروري
Ahmed Abdalaziz Alkaruri
brilliance.sd@aol.com
Mob : +249 123 22 33 33