أباطرة الحزب القومي السوداني المتحد بالقاهرة.. العقلية التآمرية 3
20 January, 2010
أباطرة الحزب القومي السوداني المتحد بالقاهرة.. العقلية التآمرية .. وبالونات الإ تهامات .. ما
بين النزعة البراغماتية .. والأداة الإستمولوجية
( 1 - 3 )
بقلم / آ دم جمال أحمد – أستراليا
تهدي الأمور بأهل الرأي ما صلحت فإن تولت فبالأشرار تنقاد
لا يصلح الناس فوضي إلا سراة لهم ولا سراة إذا جهالهم سادوا
تعيش جبال النوبة أزمة فكرية وسياسية وإجتماعية ، فهي أزمة مثقف .. وأزمة قيادة .. وأزمة مفكر سياسي .. وسياسي متحرر من التعصب الجهوي والقبلي والتفكير العشائري .. ومصلح إجتماعي .. وما يؤكد ذلك رأس الرمح للتفكير القبلي السياسي العتيق في جبال النوبة ، هي أديرة الحزب القومي السوداني ( مكتب القاهرة ) ، التي وجدت نفسها في غفلة من زمن المهازل .. قيادات هشة وضعيفة وغاوية فكرياً ومنهزمة إجتماعياً في مواقع ( قيادات ) .. لتصبح وصية علي الأخرين .. وبأنه لا حق لأحد في جبال النوبة التحدث عن قضايا النوبة إلا بإذن أو تزكية منهم ، وتصف نفسها بأنهم مناضلين وهم نمر من ورق .
ومع إحترامي وتقديري لبعض قيادات الحزب القومي السوداني المتحد بالداخل والخارج وجمهور القراء إلا إنني أردت أن أوضح لهم بعض من الحقائق والملابسات ، التي تدور وتحاك خلف الكواليس .. وما يجري في مكتب القاهرة ( قيادات الغفلة ) ، كما يحلو أن أسميهم حتي يقفوا علي حقيقة (هؤلاء) والعبث الذي يتم هناك باسم الحزب القومي .. وأهالي جبال النوبة ، لأنهم في تناسي تام إنه من حق أي أحد في جبال النوبة أن يكتب ما يحلو له وما يراه صواباً مهما إختلفنا معه .. ما دام ذلك يعبر عن فكره ورؤيته وتساهم في دفع القضية النوبية .. ولكل طريقته في التعبير دون أملاء أو وصية من أحد .. وكل واحد منا في موقعه أن يدافع عن جبال النوبة سواء كان بالقلم أو الرأي أو الكلمة أو السلاح .. وعلي الأخرين إحترام هذا الرأي دون التقليل من شأنه أو التبخيس بقدرات وأفكار الأخرين .
فالعقلية التآمرية هي طريقة في التفكير الإنفعالي تغزو الحقل الثقافي والإجتماعي والسياسي لجماعة بشرية أياً كانت ( أمة .. طائفة .. قبيلة .. حزب ...إلخ ) وتسيطرعليه ، وتدفع إلي حالة من الشلل تلقي بظلالها علي مجمل نتاجات هذا الحقل وإبداعاته إن وجدت .. وهي طريقة فعالة في ( إغتيال العقل ) . وذلك عندما تتمفصل مع ضرب من العقلية السجالية ، التي تتميز بدورها بنمط من التفكير الإنفعالي ، ومن سماته تغليب الجزء علي الكل وغياب النقد الذاتي وحجب الواقع .. وغياب أرضية للحوار وسيادة حوار ( الطرشان ) والذي يظل شاهداً علي تغلغل هذه العقلية في خطابنا النقدي المعاصر وتمفصلها مع كل إشكاليات الإنغلاق ( تعصب .. تمركز .. عنف .. نفي .. إرادة تكشف عن ميل إلي إتهام الأخر بهدف طرده وفصله وإبعاده .... إلخ ) .
وما أعنيه بالعقلية التآمرية في صفوف الحزب القومي السودانى بالقاهرة .. هي عقلية متمرتسة تقوم بتنفيذ خطط وإستراتيجيات مدروسة ومؤامرات كبيرة تستهدف القيادات الشابة التي إستطاعت أن تجد لنفسها مواقع خاصة .. دون أن تلتف أو تدور حول فلك هذه المؤسسات المحكمة قبضتها .. والعقول الناشئة التي تصدي بالقول دون مهاباتهم .. وهذه المؤامرة تحاك بشكل واع ومقصود .
إن أطراف المؤامرة هي أطراف معينة من المجتمع التقليدي والكلاسيكي وبعض ( المثقافاتية ) ، التي تتدعي المعرفة والسياسة وتوهم الأخرين بذلك .. كالسامري الذي أضل قوم سيدنا موسي . وإن هذه المؤامرة تحاك في الخفاء وتأخذ شكل الرموز والشواهد والمعميات وبث الإشاعة والترويج لتشويه صورة الأخرين وإطلاق بالونات من الإتهامات ضدهم ، وتسفيه كل كتابة نقدية من هذا النوع الذي لا يروق لهم أو أي شخص يتجرأ ويقوم بنقد هذه المؤسسات الحزبية ( المقدسة ) أو توجيه النقد لهذه القيادات والنخب السياسية .. إتهامها باللاموضوعية واللا علمية ، وتارة رميها بالكفر والخروج عن الملة النوبية .. ورميها إلي ساحات الأعداء .. ووصفهم بالمتربصين والمندسين .. والموالين للحكومة .. وهي إتهامات لقد سئمنا من سماعها . فإن هذه الإتهامات الموجهة إلى شخصي ظلت تدور في إطار من العقلية السجالية المحكومة بإرادة عدم المعرفة .. وبإرادة نفي للأخر ، عقلية تحكم علي الكل من خلال الجزء وتدفع إلي الحوار من إلغاء المحاور نفسه ، والتي يجب فضحها وكشفها في الوقت المناسب وإنني أمتلك كل الأدلة والملفات السرية بالأسماء والبراهين وخاصة المتآمرين من داخل صفوف الحزب القومي وأعوانهم من خارج الحزب ومن يتعاون معهم . لأنني كصحفي لي مصادري الخاصة في إمتلاك المعلومة .
كما أسلفت فإن الذي يتجشم عناء السفر في أروقة العقلية التآمرية وفي الظلال المرعبة لثقافة المحاكمة والإتهامات التي أطلقوها ضدي .. سيعثر علي مادة بيولوغرافية مرعبة تتصدرها عبارات وبيانات للتحليل النفسي والتحليل السوسيولوجي لمنهجية وإستراتيجات الحزب القومي بمعطياتهما السطحية والتي لا ترقي إلي مستوي التحليل الناجع لمشكلات وإشكاليات المجتمع النوبي والثقافة النوبية معاً . لأن غياب الموضوعية داخل أطر الحزب القومي فقد جعله يغفل بعض الجوانب المهمة وبل أهمل بعضها الأخر .. لأنه لا يتميز بمنهجية ورؤية ميتافيزيقية ، حتي يري الأمور بصورة مطلقة وواعية .. فهناك إعتباطية تحريضية تطال كل من يتجرأ لنقد الحزب وتفكيك رموزه أو العمل علي إحداث ثورة فكرية والمناداة بالتجديد والتغيير لنمط المنهجية ورؤية الحزب وبعض القيادات والرموز التي تدور في حلقة مفرغة وهي غير قادرة علي إستيعاب الواقع السياسي بالمتغيرات الكثيرة التي طرأت علي الساحة النوبية والسودانية .. وفي الوقت الذي تعيش فيها جبال النوبة فراغ سياسي وإحباط عام ، نجد أن جماهير جبال النوبة بالداخل لقد تجاوزت هذه المؤسسات شبه الحزبية وقياداتها المتناحرة والمختلفة دوماً .
إن إكتشاف وتحليل الخلفية الفكرية للحزب القومي االتي تدار من داخله فمن شأنها ان تكشف الدور التآمري الذي قد يضر بالساحة الفكرية والسياسية النوبية ، وفي إطار التبريرية التي ساقها مكتب إعلام رئاسة الحزب القومي المتحد بالداخل وجانب الإلتماس في عدم الإساءة إلي هذه القيادات أو مس الحزب القومي كان منطق صوت العقل ونقطة إلتقاء للتصالح وإمكان رجوع الكل إلي حظيرة الحزب .. فقد إلتزمت به وقلت ( ولنصبرن علي ما ءآذيتمونا ) .. ولكن بعد حلقات هذه المؤامرة من قيادات حزبهم بالقاهرة .. لقد أصبحت هذه التبريرية هي ( منطق الفكر التراجيدي الشائع في الأدبيات النوبية ) ومنطق التأويل الذي يستند علي التناقض وإفتقارالمادة السياسية في حركة غياب الموضوعية بتناقض شكلي للأزمة الداخلية التي يعيشها الحزب القومي وقياداته في عدم إلتزامهم بالقرارات والنداءات التي تصدر من رئاسة الحزب بالداخل سواء كان من المكتب السياسي أو التنفيذي . كما تشهد علي ذلك تلك المؤامرة الأخيرة وهي إمتداد طبيعي لتواصل حلقات التآمر والخلافات التي تطرأ كل يوم عبر خطابات فقيرة الكلمات والمحتوي والمضمون.. المشوبة بالهمز واللمز والسخرية تكشف عيوباً أساسية في المنهج الفكري الذي يؤدي إلي كل هذا القدر من النتائج والنماذج لقيادات صارخة للرؤية المشوهة بالآمال الجوفاء التي تنتشر داخل الوسط النوبي في أزمنة الهزيمة والإحباط .
نرفض هذه العقلية التآمرية التي توضح تخلفنا السياسي والتنظيمي .. فما سر هذه الغشاوة التي تتحكم في رؤية الحزب القومي ومن يماثلة في الرؤية . إن ما يميز هذه القيادات هي السطحية والسذاجة .. ويعد هذاالنموذج من الفكر أنموذجاً صارخاً للرؤية المشوهة الجوفاء .. إن لم تكن تعبيراً عن عقدة نقص مزمنة مستعصية علي الشفاء . فلذلك يسعي إلي تعميمه تيار بأكمله .. تيار يملأ الساحة النوبية الفكرية والسياسية صخباً وضجيجاً وزبداً ( وأما الزبد فيذهب جفاء ) ، هكذا يتم الحكم علي الأخر المختلف معه بالإرهاب والفصل والطرد والجفاء والقتل السياسي دون الوصول معه إلي حوار أو لحظة إقتناع وتصالح مشترك . إن الحالة السياسية في جبال النوبة ما تزال مجهولة علي مستوي المعرفة وعلي مستوي الوعي العام بها ، ومن ثم تبدوا الحالة السياسية وتجسيداتها المؤسسية والحركية .. وتفاعلاتها وقضاياهما الخاصة .. وفلكورياتها أو بتعبير أدق ( أنثروبولوجياتها ) غائبة تعاني إضطرابات سلوكية ظاهرة تقود إلي أحوال إرتكاسية شاملة في حالة المجتمع والدولة بأسرها لا لشئ إلا للنزعة الرديكالية التي تعتبر حرب مماهاة بين الموجود والمفهوم ، ثم بين المفهوم والمقول ، وأخيراً بين المقول والمعمول في الواقع النوبي اليوم ، التي لا تفرق فيه هذه المؤسسات بين الوجود التقليدي وبين موت البجعة المحتضرة وبين السير في مواكب المتغيرات القادمة والمستقبل السياسي .. والتحولات ليست شعارات أو أمنيات .
وعندما أكتب في موضوع أو قضية ما أسعي دائماً أن أكون صادقاً وأميناً مع نفسي وأحاول بقدر جهدي وإستطاعتي أن أعكس ما أشعر به تجاه أي قضية مثل أي مواطن أخر من جبال النوبة يعيش في مجتمع يحترم ويقدر حرية الفرد في التعبير عن رأيه . ولم يحدث مرة إنني كتبت لمنافقة (فلان) أو إرضاء (علان) أو لمجرد السير في مواكب الأخرين .. أو الإساءة للأخرين . ولذلك كانت كتاباتي بقدر ما تنال من ثناء وإعجاب ، كانت أيضاً تجد الذين ينتقدونها بشدة ويلعنون كاتبها .. لم أحتج أو أتذمر أو أنزعج .. بل تمنيت أن يطلع عليها ( هؤلاء ) قراءةً وتحليلاً دون أن تعقد لها الإجتماعات والجلسات للترويج والتهديد ، ثم التنصل إن جاز التعبير مخافة وخشية كأنهم يقولون ( هذا هو موقفنا نحن أبرياء مما يكتب ) ولم يدري ( هؤلاء ) إن الإختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية ولا حتي العلاقات الإجتماعية .. فلا يؤدي إلي التصادم بين الأفراد والمجتمعات .. بل هي ظاهرة صحية وأساس لوجود التنظيمات والأحزاب والمجتمعات الديمقراطية المتقدمة وسمة من سمات التحضر والرقي والتمدن والتطور التنظيمي والإنساني .. هذا ما كنت أقوله إلي ما يسمي بقيادات الحزب القومي بالقاهرة وحتي أخر لحظة بأن يحكموا عقولهم ويتعاملوا بمرونة وحكمة في إتخاذ أي خطوة أو قرار وإنني لا أبالي بما يتخذونه هذا إذا جاء بقرار الأغلبية .. وصافحتهم وداعاً بعد التسليم والتسلم وقرار الفصل ، الذي حبكوه ونسجوه بليل بعد أن هاجت وماجت ( قيادات العشائر الحزبية ) من البيان الذي أصدرته ( وقامت الدنيا وقعدت ) من حركة مكوكاتهم الهاتفية ورنين جوالاتهم في دار ندوتهم كما هو ديدنهم دائماً في أي أمر يمس ( البيوتات الحزبية ) ويعد خروجاً عن طوع الذين نصبوا أنفسهم أوصياء وقيادات للنوبة دون قواعد جماهيرية أو حتي مؤهلات قيادية وقدرات تنظيمية . وحتي قبل مغادرتي لمكتب الحزب القومي تمنيت لهم كل التقدم وأن أسمع عنهم كل ما هو إيجابى من تغيير ونقلة وتطور وهي إستحالة في ظل وجود بعض الرموز التي تكتم علي أنفاس الأخرين الذين يتتطلعون إلي التغيير والتجديد .. وهم يعلمون ذلك ولكن ما كنت أتوقع منهم أن تكون ردة فعلهم هذا التصرف ( الأهوج والأحمق ) غير المسئول وهذه ( ما جنتها علي نفسها براقش ) .
لأنني التزمت شرف الخصومة وأدب الخلاف ونداء رئاسة الحزب القومي بالداخل .. لأن الخصومة لها شرف وكلمة .. لكن عندما يصل بهم التطاول إلي عدم الإلتزام بشرف الخصومة ونداء رئاسة مكتبهم بالداخل .. وإتهامي بالإرهاب وتصدير الإرهاب يعتبر قتل سياسي وموت سريري وتدميراً لشخصى .. هو ما لا يمكن السكوت عليه ، لأنهم إفتعلوا سيناريو جديد علي شعب جبال النوبة وتبقي وسمة عار علي جبينهم .. ولكن العداوة والحرب بيننا وأنا لها وإن إختلت موازينها وبترت رأس الحية لتعرية هذه القيادات التي لم تتحرر بعد من أوهام الماضي ولا من ربقة السلف الكلاسيكى الذين قادونا في جبال النوبة في السنوات الأخيرة إلي أنفاق مظلمة ومسدودة .
لقد إلتزمت الصمت طوال هذه الفترة عن الرد حتي أتمكن من جمع كل الخيوط والمعلومات عن المتآمرين وأعوانهم ، وكذلك إنشغالي في جمع المواد لإكمال حلقات فصول كتابي بعنوان ( مسيرة الحزب القومى السودانى بين الإدمان وصراع النخب في العمل السياسي ) .. والذي شارف الآن مراحل الأخيرة من تصحيح وتبويب وإعداد للطباعة وسوف أقوم بنشره في حلقات متتالية علي صفحات الأنترنت .
وإلي اللقاء في الحلقة القادمة ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
سدنى – استراليا 15 إكتوبر 2004 م