أبو اللطف .. حديث الوثيقة !! … بقلم: علاء الدين حمدى

 


 

 




ـ ربما يختلف معى الكثيرون ، وربما سأهاجم من الكثيرين ! ولكننى مازلت عند رأيى أن إسرائيل ، تلك القميئة ، ليست المسئولة الوحيدة عن المشاكل والصراعات الفلسطينية ! وانما ينميها الفلسطينيون أنفسهم بخلافاتهم المستمرة التى لا تكاد تنتهى أو تقترب من نهايتها الا لتبدأ من جديد ! 
صحيح أن ذلك يتم بترتيب إسرائيلى صهيونى بطريق أو بآخر ، ولكنها بكل تأكيد لا تلام إذا كان ما تفعله يصب فى مصلحتها ! أو إذا وجدت أرضا خصبة لاستنبات بذورها الشيطانية ! خاصة إذا "انتقت" من أصحاب هذه الأرض من يعرض خدماته عن علم أو جهل ليتولى نيابة عنها رعاية زرعها وغرسها ، بل وحصاد نتاجها وتقديمه إليها داخل سلال من فضة مغلفة بأوراق منداة بدماء بنى وطنه ! تستوى فى ذلك "فتح" أو "حماس" أو غيرها من الفصائل التى "تُستَنْبَت يوميا" لتتناحر بكل اخلاص حول "الزعاآآآآآمة" ولكن على حساب أرواح الرجال وبكاء الثكالى ونواح الأرامل ولوعة الأيتام ، وقبل ذلك وبعده .. ضياع الأرض والقضية .
ـ ليست "بكائية للكآبة " ، ولكنه واقع أليم ، قديم قِدم القضية ، وان شئت فقل قِدم "داحس والغبراء" وربما قبل ذلك مما لا تحصيه معلوماتى التاريخية المتواضعة ، واقع أثارته تصريحات "الحق والحقيقة" التى أطلقها المناضل التاريخى "فاروق قدومى ـ أبو اللطف" وعلى حسب رأيه ، لطف الله تعالى به وبنا , والتى "ادعى" فيها تورط "عباس ودحلان" باتفاق مع الإسرائيليين والأمريكيين " أريل شارون وشاؤول موفاز ووليم بيرنز المبعوث الأمريكي والقنصل الأمريكي في تل أبيب ومبعوث عن جورج تينت" مدير المخابرات المركزية الأمريكية وقتها ، فى دس السم للرئيس "عرفات" ليتوفى فى 11 نوفمبر 2004 .
ـ ولست بصدد البحث حول خلفية وفاة "عرفات" ، فهناك جزم فلسطينى شبه يقينى أنه مات مسموما ، ولست كذلك بصدد تحرى صحة تصريحات "أبو اللطف" أو مناقشة الوثيقة التى أعلنها عبر قناة "الجزيرة" القطرية , كما أننى لست من مؤيدى الأخ "عباس" أو الأخ "دحلان" ولا الاخوة فى "حماس" أو بقية الفصائل التى تتناحر فيما بينها بعيدا عن أحلام الوطن ، ولكننى ، ودون تبنى وجهة نظر أى طرف ، أسأل كعربى محايد لا يثق فى كل هؤلاء .. كيف تسربت هذه الوثيقة الى يد "أبو اللطف" ؟! ولماذا صمت عنها ما يقرب من الخمس سنوات كاتما سره الدفين ؟! ولماذا لم يناقش هذه المعلومات الخطيرة مع رفاق الكفاح والسلاح وقت ترشح "عباس" لرئاسة السلطة الفلسطينية وهو الذى يصرح ، الآن ، أنه أرسل "الوثيقة" إلى "عرفات" فى حينه !!! وطالبه بمغادرة أراضي السلطة الفلسطينية خوفا على حياته ، مع ملاحظة أنه نفس الطلب الذى كانت تطلبه اسرائيل من "عرفات" آنذاك ، وأيضا حرصا على حياته ولكن من زاوية أخرى .. أى غَادِر والا ... !!! ولكن "عرفات" ، على حد تصريحات "أبو اللطف" ، رفض ! وقال إنه سبق أن زوّد عدداً من أعضاء اللجنة المركزية والمجلس الثوري للحركة قبل أكثر من سنة ، وكذلك عدداً من الدول العربية بنسخة من هذه الوثيقة !!!! بمعنى أن ما اذاعه "أبو اللطف" معروف !!!
ـ وبصرف النظر عن الاستشهاد برجل أصبح فى رحاب الله ، لا يمكنه تصديق أحد أو تكذيبه ، ودون الوقوف عند المبرر غير المقنع جملة وتفصيلا ، الذى ساقه "أبو اللطف" حين سُئل عن عدم كشفه فحوى الوثيقة ، مرة أخرى ، وقت انتخاب "عباس" فأجاب ( أن "عباس" هو العضو الوحيد من حركة "فتح" في اللّجنة التنفيذية لمنظمة التحرير المُـقيم في الداخل ، وأن الوقت لم يكن ملائما لتفجير المعركة ) !!! ، وحقيقة لست أدرى متى يكون ذلك الوقت الملائم الذى يراه "أبو اللطف" للكشف عن "خيانة" رجل بينه وبين قمة الهرم "النضالى" خطوة ، من المفترض أن يحمل بعدها آمال شعبه وأحلامه ، ويضع على كتفيه مسئولية استعادة دولته السليبة كمناضل ومجاهد تأكد الناخبون أن وراءه تاريخا من الشرف لا العار والخيانة ؟!!! 
ـ ولو اقتنعنا فرضا بمبرر الأخ "أبو اللطف" الذى كان من أقوى المؤيِّـدين لانتخاب "عباس" رغم الخلاف الشديد بينهما ، فهل كان هو نفس مبرر ذلك "العدد" من أعضاء اللجنة المركزية والمجلس الثوري لحركة "فتح" سواء فى الداخل أو الخارج الذين اطلعوا على الوثيقة وعلموا "بخيانة" عباس من "عرفات" شخصيا قبل وفاته بما يزيد عن السنة كما قال الأخ "أبو اللطف" ، لذلك دعموا اختيار "عباس" وهم ، أو بعضهم ، على علم مسبق بخيانته على أساس مبرر أنه آخر رجال الداخل ؟!!  
ـ ولك عزيزى القارىء أن تضع بعد هذا الكلام ما شئت من "أفاعى" الاستفهام والتعجب ، يضاف إليها سؤال أخير حول السبب الذى دفع "أبو اللطف" الى الكشف عن وثيقته الآن ، أثناء إرهاصات انعقاد مؤتمر "فتح" السادس أغسطس 2009 ، الذي لم يُـعقد منذ 1989 بسبب الصراع على عضويته ومكان انعقاده ! هل لأن الرجل لمس نجاح "عباس" في استِـصدار قرار من المجلس الثوري "لفتح" بعقد المؤتمر في مدينة "بيت لحم" المحتلة فظن أن ذلك من شأنه أن يفرض برنامج يسقط حقّ الشعب الفلسطيني في المُـقاومة حسب ما ذكر فى تصريحاته ؟ أم أنه يتحرك وفقا لمصالحه الشخصية التي تهدف إلى إفشال المؤتمر وتفتيت "فتح" كما يتهمه معارضوه ؟
ـ أيا كان السبب ، فالوضع " الفلسطينى ـ الفلسطينى " أصبح وضعا كارثيا ، ولا جديد فى ذلك ! ، الجديد الوحيد هو دخول القيادات الفلسطينية "التاريخية" بلا استثناء الى حلبة الصراع بقدها وقديدها لهدم المعبد على رؤوس أصحاب القضية !
ـ لذلك أكرر اقتراحى السابق أن تشكل لجنة عربية أهلية غير حكومية ، من الرموز المشهود لها شعبيا بالوطنية الحقيقية تضم غالبية من الفلسطينيين ، عفوا ، المخلصين الحقيقيين ، "وهُمُو كُثْرُ" ،البعيدين عن دوائر المنظمات والحركات ، لا مؤاخذة ، النضالية ، تتولى التفاوض والإدارة ووضع آلية تقرير مصير هذا الشعب الطيب واعلان دولته المنشودة وليكن عملها ، أى اللجنة ، تحت إشراف الجامعة العربية كغطاء دولى وليس ادارى ! هذا طالما أن القيادات ، لا مؤاخذة مرة ثانية ، تفرغت للاقتتال فيما بينها ولم ترق منذ النكبة وحتى الآن الى مستوى المسئولية ! وعندما ينتهون من بعضهم البعض ذبحا وسحلا وتشهيرا وتجريسا .. فتح وحماس وعباس والغير عباس الخ .. فالأمر متروك وقتها ، "يديكم طولة العمر" ، لأصحاب البلد ، إن شاءوا استقبلوا " المنتصر " فى دولتهم بأكاليل الغار ، وان شاءوا استقبلوه ب ( كلمة غير لائقة ) ! ، واللهم لطفك .  
ضمير مستتر :
مات المُدَاوىَ والمُدَاوىِ والذى جلب الدواء وباعه ومن اشترى !

a4hamdy@yahoo.com


 

آراء