أحزاب جوبا .. المصالح تفرق المواقف … تقرير: خالد البلوله إزيرق

 


 

 

 

تحالف  الانتخابات

 

khalid balola [dolib33@hotmail.com]

أربعة ايام تبقت لإنتهاء فترة الترشيح للانتخابات، ومازالت قوى تحالف تجمع جوبا تعقد اجتماعاً وتفض آخر بشأن تنسيق مواقفها من الانتخابات، وأخيراً انفض اجتماعها اول أمس دون ان يصل لقرار واضح مجمع عليه من الاحزاب بعد ان تباينت المواقف واختلفت الرؤى حول العملية الانتخابية وما ينبغي ان تقوم به الاحزاب. فأكثر من ثلاثه لقاءات بالخرطوم لرؤساء احزاب جوبا بعد لقائهم الاول بجوبا، واجتماعات شبه اسبوعية للجنة متابعة تنفيذ مقررات اجتماع احزاب ملتقى جوبا، والمحصلة النهائية لتلك المارثونات موقف غير معروف من المشاركة في الانتخابات أو مقاطعتها وغموض اكثر حول التحالفات في الانتخابات المقبلة في ظل حديثها عن وحدة الصف لمواجهة هيمنة المؤتمر الوطني الممسك بتلابيب الأمور منذ العام «1989م».

فقد انفض اجتماع قوى تجمع جوبا دون ان يضع اجابة على الاسئلة المطروحة امامه فيما يتعلق بالعملية الانتخابية المقبلة سواء كان من حيث التحالفات الانتخابية أو الموقف من اجراءات نزاهة وحيدة العملية الانتخابية، بل ان المتابعين للاجتماع اشاروا الى مؤشر غياب الحركة الشعبية الحزب الرئيسي والداعم للتحالف من اجتماع رؤساء الاحزاب والذي ربما شكل صدمة للاحزاب المجتمعه وبدا الغياب وكأنه مؤشر لحالة الفراق القادم بين الحركة الشعبية واحزاب ملتقى جوبا، بعد ان حزمت الشعبية حقائبها ويممت وجهها شطر المفوضية القومية للانتخابات، وسمت مرشحيها لمختلف الدوائر الانتخابية التشريعية والتنفيذية، تاركة قوى تجمع جوبا تبحث عن موقف موحد لها بعد ان افتقدت الحركة الشعبية التي كانت تعينها بقيادتها ومواقفها وكسبها الجماهيري. ما قاد لحالة من الخلافات التي سادت اجتماع احزاب قوى جوبا والذي خصص للنظر في الموقف من الانتخابات، وقد تباينت فيه الرؤى بين مطالبة بعض الاحزاب بدفع استحقاقات التحول الديمقراطي المطلوبة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة مع تأجليها الى نوفمبر 2011م، واعلان بعضها مقاطعة الانتخابات «حزب البعث العربي» لعدم توافر الاشتراطات المنصوص عليها في مؤتمر جوبا، ودعوة بعضها «المؤتمر الشعبي» الى ضرورة التنسيق في المرحلة المقبلة وتصويب العمل  لمنافسة المؤتمر الوطني بدلاً من تبادل الاتهامات والانتقادات.

وأعاد سيناريو الاختلاف وعدم الفعالية التي تسيطر على قوى اجماع جوبا في احداث فعل سياسي او الاتفاق على موقف موحد، حالة التباين في المواقف التي سادت طويلاً بين تلك الاحزاب المنضوية تحت لواء تجمع احزاب جوبا التي تنبأ كثيرون بفشلها مسبقاً نتيجة لتلك الحالة الخلافية التي تتباعد فيها المواقف وتختلف فيها المصالح بين هذه الاحزاب، ومن الناحية الاخرى فإن طبيعة التحالف الذي نشأ في جوبا والذي وصمه كثيرون بأنه تحالف المصالح بعيداً عن المواقف حيث اتخذه كل حزب وسيلة لتحقيق مصالحه مع احتفاظه بمساحة بينه والآخرين في الميادين السياسية الأخرى، فحالة التنسيق التي سادت بين احزاب التحالف في مؤتمر جوبا الذي بدأ وكأنه شكل اللبنة الأولى لعملية تحالف انتخابي، إهتزت تلك الصورة التي إرتسمت في مخيلة كثير من المراقبين وغدت بعيدة التحقق بعد المعادلات السياسية الجديدة التي أفرزتها المصالح الانتخابية والتقديرات السياسية في المسرح السياسي في مواجهة الاستحقاق الانتخابي. وهو ما كشفه سباق الانتخابات الذي خلط كثير من أوراق اللعبة في الميدان السياسي. حيث شرع كل حزب في تسمية مرشحيه للانتخابات في مستوياتها المختلفه دون الاتجاه الى أي نوع من التنسيق او التحالف مع الأحزاب الأخرى حتى الآن، رغم ان الوقت بحسب مراقبين مازال متوافراً لقيام تحالفات أو الاتفاق على تنسيق مشترك بين هذه الاحزاب في الانتخابات المقبلة.

فالحركة الشعبية يبدو ان التفاهمات التي دخلت فيها مع شريكها في الحكم المؤتمر الوطني حول قوانين الاستفتاء والمشورة الشعبية والأمن الوطني قد باعدت بينها وتحالف جوبا الذي صنعته ورعته وإتخذته كوسيلة ضغط على المؤتمر الوطني نجحت من خلاله في الوصول لمبتغاها، ويبدو من خلال مواقفها انها لم تحسم بعد ما اذا كانت ستخوض الانتخابات ضمن تحالف انتخابي ام انها ستخوضها لوحدها، بعد ان تقاطعت مواقفها مؤخراً مع بعض احزاب تحالف جوبا، حيث ترى كثير من القيادات الحزبية ان الحركة قد وقعت صفقة مع شريكها المؤتمر الوطني حول القوانين بعيداً عن أعين المعارضة، وإن كانت مازالت تحتفظ بشعرة معاوية مع تحالف المعارضه، ولكن يبدو أن درجة التنسيق بينهما بدت أقل بكثير من السابق، رغم تصريحات أمينها العام باقان أموم عشية اختيارها للسيد ياسر عرمان مرشحاً لها للانتخابات الرئاسية حيث قال ان حركته ستقود مشاورات من أجل التحالف مع الاحزاب السياسية في الانتخابات، وقال الناطق الرسمي بإسمها ين ماثيو، في مؤتمر صحفي انه لا تحالف مع المؤتمر الوطني في الانتخابات القادمة إلا اذا اصبح جزء من مشروع السودان الجديد الذي تطرحه الحركة الشعبية. وفي الاتجاه الآخر داخل اروقة تجمع جوبا مازالت بعض الاحزاب تتحفظ على إجراءات العملية الانتخابية وتتخوف من تزويرها من قبل المؤتمر الوطني الأمر الذي جعلها لم تعلن موقفها النهائي من المشاركة بشكل اكثر وضوحاً، وتثير تحفظات واشتراطات للمشاركة في العملية الإنتخابية في وقت تجعل فيه الباب موارباً للمشاركة في الانتخابات مثل حالة «حزب الأمة القومي، والحزب الاتحادي الديمقراطي خارج تجمع جوبا».

ورغم الخطوات التي اتخذتها كثير من احزاب تجمع جوبا في تسمية مرشحيها، يستبعد مراقبون ان تعرقل عملية الترشيحات للانتخابات التشريعية والتنفيذية، خطوات التحالف حال التوصل لصيغة بشأنه بين احزاب قوى ملتقى جوبا، لإعتبار أنها يمكن ان توزع الدوائر الانتخابية فيما بينها حتى وان استدعت صيغ التحالف انسحاب بعض مرشحي الاحزاب من بعض الدوائر، وأن امكانية التحالف يمكن ان تنشأ الى نهاية مارس المقبل أي قبل ايام من انطلاقة عملية الاقتراع في الجزء الاول من ابريل، ويرجحون امكانية التحالف أو التنسيق في حده الأدنى بين هذه الاحزاب، استناداً الى ان هذه الاحزاب لن تستطيع لوحدها ان تحقق نتيجة مرضية اذا خاضت الانتخابات بدون تحالف، مشيرين الى ان التحالف والتنسيق قد لا يكون تحالفاً كاملاً ولكنه ربما يأخذ صيغة ما ترضي تطلعات الاحزاب جميعها في خوض الانتخابات، وما يعزز ذلك اشتراك احزاب جوبا واتفاقها على هدف واحد هو سعيها لخلخة قبضة المؤتمر الوطني واضعافه. ويرى مراقبون ان ما يضعف التوجه نحو التحالف الكلي بين احزاب جوبا يبدو في توجه كل حزب لتسمية مرشحيه دون وضع اعتبار للاحزاب الاخرى لعمليات تنسيق او تحالف قد تنشأ مستقبلاً، وان هذه الترشيحات ربما تخلق خلافات داخل الاحزاب بسبب استبعاد مرشح او دعم مرشح آخر. فالحزب الشيوعي مثلاً سمى سكرتيره العام محمد ابراهيم نقد مرشحاً للرئاسة وسيعلن قائمته لبقية الدوائر خلال اليومين، وكان سكرتيره نقد قد قال لـ»الصحافه» مؤخراً «ان كل حزب يريد ان يعرف وزنه في الساحة السياسية في هذه المرحلة بعد الانقطاع الطويل لتجربة الديمقراطية في السودان، لذا ليس هناك تحالف كامل إلا في دائرة او دائرتين وليس على طول المجال الوطني، لكن سيحدث تنسيق فقط في بعض الاحيان،  أما حزب الأمه القومي بزعامة السيد الصادق المهدي يبدو انه ماضي في ترتيباته لخوض الانتخابات ويركز بصورة أكبر على توحيد صفه بعودة المنشقين منه من خلال «نداء الوحدة» الذي اطلقه زعيمه السيد الصادق المهدي والذي وجد الاستجابة من احزاب الأمة التي تمضي جهودها نحو الوحدة، خطوة وصفت بأنها ضمن سياق التحضير لخوض الانتخابات المقبلة بفريق انتخابي واحد من أحزاب الأمة ربما يستند عليه الصادق المهدي في مواقفه بشأن التحالفات داخل تجمع أحزاب جوبا.بالأمل»

 

آراء