أردولية التايوان.. في إنتظار المجهول

 


 

 

(1)
عند مدخل مدينة كاس وجدنا آسيوية خمسينية، يبدو عليها الأعياء كانت متعبة و هي تعاني من إلتهاب صدري . ذلك في مارس 2005 اثناء تطوعي مع جهة عون أممية أبان الكارثة الإنسانية في دارفور.
اخذتها معي الي نيالا حيث مكثت بضع أيام وسط قفشات زملائي المحببة و "الشقية"، تعافت لتغادر الي الخرطوم بالقطار.
تحدثنا كثيرا، علمت من سردها أنها قادمة من دولة افريقية مجاورة و لديها إهتمام خاص بالعلاقات الدولية لكن ما الذي أرغمها على السفر بالبر و هي أكاديمية مرموقة ؟.
تحدثتٓ بتشاؤم بالغ عن مستقبل العلاقات الدبلوماسية بين موطنها التايوان و البلدان الافريقية. أخبرتني ضاحكة ان امريكا لا تضحي من أجل الاخرين و لن تضحي من أجل التايوان.
كان ذلك في عهد الرئيس الصيني المتحفظ خو جينتاو و ليس الحالي المصادم شي جينبينغ.

(2)
و لأن الدولة المشار إليها كانت محورية في المنطقة سعت الصين بأدواتها الجيبية طرد التايوان من هناك رغم تدخل كل من الولايات المتحدة و فرنسا بثقليهما.
أستعانت الخارجية الصينية بأكاديمي سوداني يعمل لدي جامعاتها لإقناع قيادة القطر الافريقي ، إلا ان الأكاديمي سوداني أشار الي رجل أعمال سوداني مرموق يقيم هناك في الصين ربما يفلح في تحقيق ما يريدون.
بينما كانت طائرة الوفد الدبلوماسي الصيني تهبط في مطار عاصمة البلد الافريقي فإذا بوفد مشترك من قصر أليزيه و السفارة الأمريكية بباريس يزور المشفى العسكري الذي يتعالج فيه رئيس ذلك البلد الافريقي وقتذاك.
بجمل صارمة تم تهديد الرئيس العليل بإنقلاب عسكري عاجل إذا ما أقدم على استبدال العلاقة مع التايوان بالصين.
أنحنى الزعيم الافريقي لأوامر زواره في المشفى الباريسي، ليعترف لاحقاً بوحدة الأراضي الصينية بعد عام واحد بينما كان يجلس على كرسي مكتبه الرئاسي في بلده. عندها تذكرت مخاوف الأكاديمية التايوانية.

(3)
السيدة نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأمريكي أكثر الديمقراطيين يمينية ، اي أنها متطرفة أزاء ما تؤمن به. قد قررت المرأة التي ظلت نائبة بالكونغرس لأكثر من ثلاث عقود و نصف زيارة التايوان في هذا الظرف العالمي الدقيق حيث ظلال الغزو الروسي لأوكرنيا تخيم على العالم بأسره منتهكة بذلك ( سياسة الغموض الاستراتيجي) تجاه التايوان . ذلك رغم تحفظ البيت الأبيض و الجيش الأمريكيين على الفكرة.
لأن الصين التي يقودها شي جينبينغ ليست تلك التي كانت في عهد خو جينتاو أو سلفه جيانغ زيمين.
من الواضح ان الثمانينية العنيدة و التي ستتقاعد بعد عام لن تعدل عن تصميمها لزيارة جزيرة التايوان في أغسطس الحالي.
بينما الصين اليوم اصبحت أكثر تصميما للذهاب ابعد من حادثة جزيرة هينان عام 2001 عندما حاصرت مقاتلتان صينيتان طائرة تجسس أمريكية في بحر الصين، عندما دخلت المياه الاقليمية لدولة الصين ، و نتجت عن المناورة المتبادلة بين الطرفين تحطم احدي المقاتلتين الصينيتين و مقتل قائدها ( الذي أعتبر بطلاً قومياً) - مع عطب بالطائرة الأمريكية مما أدى الي هبوطها إضطراياً في الأراضي الصينية ، بينما المقاتلة الصينية الثانية كانت في انتظار أمر من الرئيس الصيني أنذاك جيانغ زيمين لإسقاط الطائرة الأمريكية لكن من حسن حظ البشرية لم يحدث.
ربما التايونيون في الحاجة الي إستشارة الرئيس الجورجي السابق ميخائيل ساكاشفيلي أو الاوكراني الحالي زيلينسكي لترك عدم المبالاة و ذلك برفض زيارة السيدة نانسي بيلوسي.

(4)
الأخ مبارك عبدالرحمن أردول مدير الشركة الوطنية للموارد المعدنية، مناضل لا يمكن إنكار تضحياته في الكفاح ضد الظلم و القهر في السودان، إلا أنه تغير كثيرا بعد انقلاب 25 أكتوبر المشؤوم. أظهر السيد أردول لا مبالاة بالآخرين الي حد يمكن إستعارة إسمه لتوصيف حالة اللامبالاة المستندة على اللا شيء او على اناس عرفوا بتغيير جلودهم و هي (الأردولية ) .
ظناً منه في تلقي الحماية من قبل السيد حميدتي( الوكيل الحصري للرئيس بوتن و شركة فاغنر بالسودان و منطقة وسط افريقيا).
رد الأخ أردول على تقرير شبكة (سي ان ان ) الأمريكية بإستهزاء معيب.
الذي يجب ان يعلمه السيد أردول ان واشنطن بوست و (سي ان ان) تعنيان (سي آي آيه).
المعلومات التي بطرف تلك الشبكة تكون قد تحركت في الإتجاهين قبل ان تعرض على عامة الناس، لذا من الحكمة بمكان التعامل معها بمهنية و بعض الموضوعية .
بالمعطيات الأقليمية و الدولية ، عوضا عن المحلية التي أمامنا لن يستطيع السيد حميدتي معها حماية نفسه ، ناهيك عن حماية الآخرين.

 

د. حامد برقو عبدالرحمن
NicePresident@hotmail.com

 

آراء