أركو مناوي ” رؤى وحقائق للتاريخ”

 


 

 

 

قال القائد مني اركو مناوي رئيس حركة جيش تحرير السودان في الندوة التي أقامها مركز أبحاث الديمقراطية و الدراسات الإستراتيجية في أستراليا، علي خدمة zoom"" اليوم الأحد 14 فبراير 2021م ٌ قال : أن واحدة من الإشكاليات التي جعلت هناك هوة بين الجبهة الثورية و قوى الحرية و التغيير، أن الأخيرة ؛ عقب سقوط النظام يوم 11 إبريل 2019م، ذهبت قيادات من قوى الحرية و التغيير و التقت بحميدتي، رغم أننا قلنا لهم يجب أن لا يتم مبايعة الدعم السريع، لأن ذلك سوف يغضب إنسان دارفور الذي مايزال متأثرا بجروح الحرب في دارفور، و خاصة من قوة الدعم السريع، رفضوا حديثنا و ذهبوا و التقوا مع العساكر، هؤلاء هم الذين جاءوا بالعسكر للتحالف، ثم بعد ذلك بدأوا يطالبون بالمدنية، رغم إنهم كانوا يعلمون أن السلطة أصبحت تحالفا بين المدنيين و العسكر، و أن الفترة الانتقالية يجب أن تستمر بهذا التحالف حتى نهايتها.

تحدث مناوي في بداية حديثه عن تاريخية مشكلة الحكم في السودان، و قال: كان يجب أن يكون هناك حوارا مجتمعيا واسعا عقب الاستقلال، يشارك فيه جميع آهل السودان، حتى يحصل التوافق الوطني، فالنخبة التي كانت علي سدة الحكم تطوال سنين ما بعد الاستقلال مدنية و عسكرية، أهملت الحوار الوطني، الأمر الذي أدى لظهور تيارات تعبر عن أقاليم مثل نهضة دارفور و مؤتمر البجا و مؤتمر جبال النوبة، و هي مجموعات تعبر عن الهامش و لكنها لم تستطيع أن توصل صوت الهامش بالصورة المطلوبة، لأنها كانت سلمية، الأمر الذي كان لابد من تغيير الآدوات الاحتجاجية في الهامش، فظهرت البندقية " الحركات المسلحة" تحمل مطالب آهل الهامش جميعا، الأمر الذي أرق المركز. بسبب أن نخبة المركز لها اعتقاد أنها وحدها هي التي يجب أن تبت في قضايا الحكم في البلاد. فالعمل المسلح هو الآداة التي جعلت المركز ينتبه لمطالب الهامش و مشاكل السودان، و بدأت تطرح قضية الحوار الوطني، و كانت قناعتنا بعد الثورة أن يحدث حوارا وطنيا بين جميع القوى و الحركات و منظمات المجتمع المدني للوصول لتوافق، قبل تشكيل الحكومة، حتى يصل الناس بعد الحوار إلي سلطة الفترة الانتقالية، و هم علي اتفاق كامل علي برنامج واحد، يشارك في تنفيذه جميع آهل السودان، لكن للأسف أن نخبة المركز كانت عينها علي السلطة فقط، فهي ماتزال مقتنعة بأنها وحدها هي التي تقرر في شأن الحكم دون الآخرين.
أن الثقافة السياسية التقليدية في السودان، دائما ترفض التيارات الجديدة، و تحاول ان تجد علاقة بينها و التيارات القديمة، عندما يعلن عن حزب جديد أو حركة يحاولون البحث عن إيجاد علاقة بين رئيس الحركة الجديدة أو الحزب جديد و الأحزاب التقليدية، لمعرفة كيف يفكر هذا الشخص، أو معرفة سنده الاجتماعي لكي يلونونه به، بعد سقوط البشير رجع الناس إلي أحزابهم القديمة، و تركوا الحركات التي ليس لها انتماء سياسي تصارع لوحدها لكي تفرض ذاتها علي الآخرين. و هي ممارسة تؤكد أن العقلية السياسية في المركز لا تريد أن تغير ذاتها وفقا للتحولات الجديدة التي فرضتها الثورة، خاصة أن الثورة فجرها جيل جديد ليس له علاقة بالموروث السياسي التقليدي الذي أورث الفشل لكل النظم السياسي التي مرت علي السودان، لكن تظل العقلية القديمة تبحث في موروثها، و هي لذلك تفعل بالشيء و تناقضه في نفس الوقت، عندما تذهب للعسكر بطوعك و توقع معهم اتفاق ثم تحاول أن تجد مبررا لذلك.
قال مناوي من الأشياء التي أكدنا عليها من أول يوم ،أن التحالفات السياسية التي كانت قبل الثورة هي تحالفات لن تستمر بعدها بذات برامجها القديمة، هي تحالفات وقفت سقوفها عند اسقاط النظام، و لم تقدم أي برنامج لما بعد السقوط، لذلك كان لابد أن تسقط تحالفات و تأتي تحالفات جديدة لها رؤية لحل مشاكل السودان و قضية الحكم. و كنا قدمنا ورقة بعنوان " التحول الديمقراطي و السلام" و أكدنا في هذه الورقة يجب أن يكون هناك حوارا جامعا لجميع آهل السودان تقدم فيه الأحزاب و الحركات أوراق حول قضايا الحكم و الاقتصاد و الثقافة و غيرها و يتم الحوار و يتوصل الجميع لتوافق وطني، لكن للأسف الجميع كان ينظر للسلطة أكثر من البرنامج، و هو الذي أدي لفشل الحكومة الأولي التي لم تقدم لها الحاضنة أي برنامج.
و عن المشكلة الاقتصادية، قال مناوي: أن مطار الخرطوم يوميا يهرب من خلاله الذهب بكميات كبيرة، و أيضا هناك طائرات تحمل ذهبا من الاقاليم، و الكل يعلم ذلك، و المسألة لم تقف عند الذهب بل هناك أيضا معادن نفيسة تنقل من السودان للخارج، و كل هذه الأشياء إذا جمعت تحل مشاكل السودان الاقتصادية. و قال هناك البعض الذين لا يريدون حلا للمشاكل لأنها سوف تعطل مصالحهم الخاصة. و قال أن الأزمات الاقتصادية الطاحنة هي فرصة لأهل النظام السابق لكي تجد شعاراتهم قبولا في الشارع. فالشارع الآن يعاني معاناة كبيرة من الغلاء و سوء الخدمات في الصحة و التعليم و الكهرباء و أيضا في الأمن، و هذه تفتح بابا كبيرا لأهل النظام السابق في تعبئة الشارع ضد سلطة الفترة الانتقالية، فالاحتجاجات التي تشهدها الاقاليم جاءت بسبب القصور في توفير مطلوبات الحياة اليومية، هؤلاء خرجوا يعبروا عن تدهور الأحوال و يستغل ذلك سياسيا من قبل عناصر النظام السابق.
و عن المصالحة الوطنية؛ قال مناوي: أن المصلحة الوطنية مسألة ضرورية جدا للبلاد حتى تنعم بالاستقرار و السلام الاجتماعي، و المصالحة يجب أن تكون كما حدث في نيجيريا و رواندا و جنوب أفريقيا أي " الحقيقة و التسامح" و المصالحة الوطنية التي أعنيها ليست مع رموز النظام السابق، و العديد من هؤلاء يجب أن يقدموا إلي محاكمات عن جرائم ارتكبوها و عن الفساد و استغلال النفوذ، أنا نفسي بسأل لماذا لم يقدم رموز النظام السابق للمحاكمات، و قد مرت سنتين علي سقوط النظام، أما القاعدة الشعبية يجب أن تكون جزء من المصالحة الوطنية، و البلاد لا تستطيع أن تخرج من أزماتها، و يستتب فيها الأمن ،إلا بوجود قاعدة شعبية عريضة مؤيد لعملية التحول الديمقراطي في البلاد، فالمصالحة تضمن أن القوى التي لا ترغب في التحول الديمقراطي لا تجد من يؤيدها في الشارع.
و عن أكتمال السلام في البلاد، قال مناوي: أن المطالب التي ينادي بها عبد الواحد محمد نور جميعها تم أقرارها في أتفاق جوبا، و هو يريد تنفيذ الاتفاق ثم يجلس علي مائدة التفواض، و نقول له أننا بصدد تنفيذ كل ما جاء في اتفاقية جوبا. أما عبد العزيز الحلو هو يرفع سقف التفاوض بأن تعلن سلطة الفترة الانتقالية علمانية الدولة، أو يعطى الاقليم حق تقرير المصير. قال حق تقرير المصير من الناحية النظرية يمكن أن يكون مقبولا، لكن تطبيقا بالنسبة للسودان غير مقبول، خاصة أن انفصال الجنوب يؤرق مضاجع السودانيين و لكن يستطيع أحد أن يمنح حق تقرير المصير لأي حركة. كما أن الحلو يريد اتفاق و يحتفظ في نفس الوقت بقواته هذه غير مقبولة للعسكريين، أما إذا رجعنا للعلمانية نجدها مطبقة الآن في السودان دون أي إعلان تم عن ذلك.
كان القائد مناوي واسع الصدر، و مفتوح الذهن، حيث تقبل مداخلات الناس و أسئلتهم بصورة حميمية، و أجاب عليها جميعا، و بالفعل استطاع أن يطرح أسئلة يتخوف منها العديد من القيادات، و تثير حوار أن كان بالرفض أو القبول في وسائل الاتصال.

zainsalih@hotmail.com
///////////////////

 

آراء