(أريتني يا إسحاق سمعت كلامك)!!
ضياء الدين بلال
14 February, 2012
14 February, 2012
diaabilalr@gmail.com
حتى ولو أن رضانا عن قرار لجنتي العدل والقضاء في قضية المستشار مدحت جاء منتقصاً جداً وأدنى من توقعاتنا ومثيراً للدهشة والتعجب والحيرة في بعض جوانبه إلا أنه من الممكن اعتبار القرار خطوة للإمام!!
القرار نص على إيقاف المستشار مدحت عن مزاولة العمل وإحالته للجنة محاسبة إدارية، مكونة من رئيس قطاع عام بالوزارة ومستشار قانوني وقاضي محكمة عليا، لكن مصدر الحيرة والباب الذي من الممكن أن تنسرب عبره شياطين الظنون، هو تبرئة مدحت من المسؤولية الجنائية تجاه التجاوزات الموثقة التي وجهت إليه!!
يا أهل العدل والقانون من زمن أبو القوانين حمورابي إلى رئيس القضاء السوداني مولانا جلال أفتونا في أمرنا، هل من الممكن تبرئة شخص ما من أي تهمة صغرت أم كبرت دون الاستماع لشهود الاتهام والاكتفاء بشهود الدفاع فقط ..!
نعم، رفضت المثول أمام لجنة أصدقاء مدحت بوزارة العدل برئاسة المستشار محمد فريد- لأسباب أصبحت معلومة لكم- ولكنني قدمت معلومات إضافية وقائمة شهود من 12 شاهداً مستعدون للإدلاء بشهادتهم على اليمين للجنة القضائية المكونة من قضاة المحكمة العليا مولانا محجوب الأمين وتاج السر صالح وحيدر أحمد دفع الله، والثلاثة لم يستمعوا لشاهد واحد!! واكتفوا بالاطلاع على شهادات لجنة محمد فريد!! ومع ذلك قال دوسة للصحافيين إن القضاء برأ مدحت من تهمة استغلال النفوذ!!
الغريب في الأمر أن دوسة قال إن ما ثبت على مدحت هو أن المستشار يمتلك شركات بحسب إفادات المسجل التجاري بالإضافة لشراكته لمجمع زمزم الاستهلاكي بالخرطوم ، ذلك المجمع الذي حصرت كل مشتريات الوزارة منه فقط!!
مستشار في منصب شبه قضائي له شركات - أقر دوسة بأنها أكثر من التي ذكرناها في المقال- وهو مسؤول الشؤون الإدارية والمالية بالوزارة ويجعل كل مشتريات وزارة العدل حكراً على متجره الخاص، ومع ذلك لا يعد هذا الأمر استغلالاً للنفوذ!!
المشكلة ليست ما ستؤول إليه قضية مدحت ولكن الخطورة في اعتماد السابقة واعتبار ما حدث تجاوزاً إدارياً قد يستحق التوبيخ فقط ،هذه السابقة ستفتح الباب واسعاً أمام تجاوزات أكثر خطورة، مستشار غير مؤتمن على الاحتياجات الصغيرة للوزارة كيف يؤتمن على عقودات بملايين الدولارات!!
قلت للجنة إن شركة مدحت وآخرين شاركت في تقديم عطاء (الرادارات الضاربة) بالطيران المدني بتدخل مباشر من قبل مستشار الهيئة مدحت عبد القادر، أسالوا الباشمهندس شمبول مدير الطيران المدني وقتها. وإلى هذه اللحظة لم يرن هاتف شمبول!!
قلت للجنة أسألوا مولانا عبد الدائم زمراوي وكيل الوزارة السابق عن قصة تأجير الحافلات والتجاوزات التي تمت فيها. إلى هذه اللحظة لم يطرق أحد منزل زمراوي للسؤال والبحث عن إجابة!!
قلت للجنة إن مدحت حاول رشوة مسؤول كبيييير في الدولة بقطعة أرض مميزة، فغضب المسؤول وأمر بفصله من العمل وأسألوا في ذلك وزير العدل الأسبق علي محمد عثمان يس، وهو مستعد للشهادة، لم يقترب أحد من هاتف أو مكتب أو منزل يس!!
قلت للجنة إن مدحت انتحل صفة (رجل أعمال) وهو يقوم بتسجيل تلك الشركات في المسجل التجاري وقمت بنشر المستند ورقمه- واحتفظ بنسخة منه الآن- واحد من اثنين إما هذا المستند مزور أو مدحت منتحل. لا منطقة وسطى بين الانتحال والتزوير!!
مع كل ما سبق تبرئ اللجنتان مدحت من المسؤولية الجنائية وتكتفي باعتماد التجاوزات الإدارية وتحيله للجنة محاسبة، وتنطلق الزغاريد وتوزع الحلوى على مائدة دوسة- شخصياً- ليأخذ قطعتين منها ابتهاجاً ببراءة مدحت الجنائية وإحالته للمحاسبة الإدارية!!
يحدث ذلك لا في السوق العربي ولا في حي الشجرة ولكن داخل (برج العدل!!)، ودوسة يحتفظ بابتسامة محايدة ويتلذذ بطعم الحلوى!!
أقسم بالله هذا لم يحدث في أي وزارة عدل في العالم. قلت لمولانا دوسة الزميلة الوطن نشرت بعض الممتلكات المليارية لمدحت في الخرطوم بالصورة وفي الصفحة الأولى ورغم ذلك لم تطلع اللجنتان على إقرار الذمة الخاص به، ورئيس الجمهورية - بجلالة قدره- قدم للشعب السوداني إقرار ذمة على الهواء في برنامج الصديق الطاهر التوم، لماذا لم يفعل مدحت ذلك داخل غرف اللجان المغلقة!!
إلى هنا عزيزي القارئ أغادر هذا الملف ولن أتعامل معه مرة أخرى إلا كمتهم بإشانة السمعة (المادة 159) أو الكذب الضار (المادة 114) في محكمة الصحافة، حينما يقرر المستشار مدحت عبد القادر الانتصار لكرامته أمام القضاء، لا في لجان الدغمسة التي تسبقها الحلوى والزغاريد قبل أن تنطق بحكمها..(أريتني يا أستاذ إسحاق فضل الله كان سمعت كلامك)!!