أزمة بورتسودان.. هذا هو السبب!!

 


 

 


منصة حرة


هتف شاب بكلمة مسيئة في وجه الفريق أول ركن شمس الدين الكباشي لحظة خروجه من اللقاء المشبوه الذي جمعه بعضوية المؤتمر الوطني وبعض عضوية حزب الأمة في الحتانة، وكان مجرد تصرف فردي وتم الاعتذار عن الإساءة في وقتها، ولكن هتاف الشاب كان ضمن هتافات مشروعة حول تحقيقات مجزرة القيادة العامة وتصريحات الكباشي التي استفزت حينها كل الشعب السوداني، مع رفض واضح للقاء الحتانة شكلاً ومضموناً، والذي تدثر من خلف زيارة اجتماعية للمعايدة ولكن اتضح أن اللقاء كان سياسياً بامتياز.
بعدها وجد العنصريون فرصتهم وتلقفوا الهتاف الفردي، وهرولوا به نحو منصات التواصل الاجتماعي وصحفهم الإلكترونية، بهدف الإساءة للجان المقاومة وزرع الفتن القبلية التي يجتهدون في تأجيجها منذ بداية الفترة الانتقالية، وانتشرت البوستات العنصرية كالنار في الهشيم بين دعاة الفتنة، وتم شحن قبائل النوبة التي ينتمي إليها الفريق أول كباشي، وبدأوا في دس سمومهم بين المواطنين البسطاء لتأجيج النعرات القبلية، ونظموا مسيرات "خاصة" بقبيلة النوبة لرفض الإساءة التي تعرض لها الكباشي، رغم أن الإساءة رفضها الجميع بدون فرز، ولكن للأسف تم حصر المسيرة بين أفراد القبيلة بشكل مدروس بعناية.
من ضمن المسيرات، التي تم تنظيمها، مسيرة النوبة في بورتسودان، التي أعلنوا أنها لهدف دعم الكباشي ورفض الوالي المدني لجنوب كردفان، وتم التصديق للمسيرة وخط سيرها الذي يمر عبر حي "دار النعيم" الذي يسكن فيه البني عامر، رغم وجود خيار آخر للمسار عبر طريق حي "دار السلام" للوصول لأمانة حكومة الولاية، (ركزوا معي إصرار بعبور حي البني عامر واستفزازهم، وهذا يقدح في الهدف الأساسي للمسيرة التي تم تجيش البسطاء من أبناء النوبة لها عمداً).
معروف تاريخياً أن النوبة يسكنون مجاورين للبني عامر ويتعايشون في سلام وحب ووئام طيلة حياتهم، باستثناء الفتنة التي حدثت بينهم في عام 1986 خلال الفترة الانتقالية بعد انتفاضة مارس – أبريل 1985 التي أطاحت بنظام مايو، لذات الأهداف الحالية ولضرب ثورة الشعب، وهنا قاسم مشترك واحد متمثل في ثورة مدنية انتزعت السلطة من نظام عسكري، ورغم علم "اللجنة الأمنية" بخطورة هذا المسار تم التصديق للمسيرة، وكانت النتيجة إساءات واستفزازات وتراشق بين الطرفين بالحجارة، وبدء إحراق المنازل والممتلكات، والقتل والإصابات بالرصاص الحي، والسبب المباشر هو "اللجنة الأمنية" التي يجب فتح تحقيق مع أفرادها ومعاقبتهم وإقالتهم، لأن ما حدث يسيء للحكومة المدنية، ويصب في صالح النظام البائد.
وقفات التأييد والمسيرات في بورتسودان عادة تبدأ من السوق باعتباره منطقة وسطى للتجمع، ولكن المسيرة الحالية تم الحشد لها من داخل الأحياء، والهدف واضح جداً ليحدث احتكاك بين المواطنين، مع ملاحظة عدم قيام اللجنة الأمنية بتامين المسيرة وحماية المواطنين، وهذا تقصير واضح يضعهم في خانة الخيانة والتسبب في إشعال الفتنة.
سألت أصدقاء من أبناء قبيلة النوبة أثف بهم، كان ردهم بكل وضوح هو الرفض للتصعيد الذي حدث دون مبرر، مؤكدين أنهم جزء من نسيج المجتمع السوداني، وأي إساءة لهم هي إساءة للشعب السوداني، ولم يستبعدوا وجود أياد خفية حركت البسطاء لتفتعل معركة عنصرية باستغلال واقعة فردية.
كما استمعت ايضاً لأصدقاء من البني عامر، أكدوا عدم وجود مشاكل بين النوبة والبني عامر، وما حدث هو تصعيد مفتعل، وحملوا اللجنة الأمنية نتيجة الصراع، موضحين أن تعطيل القانون في مثل هذه الإساءات هو أمر مقصود، يهدف إلى خلق فتن وصراعات قبلية، مطالبين بفتح تحقيق شامل ومحاكمة كل المتورطين.
ما حدث في بورتسودان، هو صورة طبق الأصل لما يحدث في بقية المناطق، وعلى الحكومة المدنية عدم الثقة في القيادات الأمنية الحالية لأنها امتداد طبيعي للنظام البائد، وستعمل بجهد لخلف الفتن والصراعات المحسوبة على الحكومة المدنية لتنال سخط المواطنين، ولكن إذا عرف السبب بطل العجب.. ودمتم بود

الجريدة
manasathuraa@gmail.com

 

آراء