أطباء بلادي.. للدهشة أكثر من وجه!! … بقلم: ضياء الدين بلال

 


 

 


diaabilalr@gmail.com
مخطئ من يظن بعدم وجود قانون يحكم  السياسة. قانون داخلي يختبئ في التفاصيل.الفعل يحدد طبيعة رد الفعل، والمقدمات تتحكم في النهايات.لا يمكن أن تقطع تذاكر سفر لعطبرة فتجد نفسك في المناقل(كل عام وأنتم بخير أهل مدينتي الرائعة).
نعم التاريخ ليس كائن عدمي يسير أصلع الرأس حافي القدمين بلا قوانين تحكم مساراته!
الخطأ المركزي الذي وقعت فيه نظرية التمكين في بدايات الإنقاذ هو افتراضها أن تقوية الذات تتم بإضعاف الآخر، وتجارب التاريخ ومنطقه يقولان إن غياب الآخر يجعل عناصر الذات تنقسم على نفسها لتنازع بعضها. وإن ضعف الآخر قد يمثل خطراً عليك أكثر من قوته!
قد تكون تلك محفوظات لا تغيب عن الكثيرين،حضرت لدي تلك البديهيات وأن استمع لعدد من الأطباء المبتعثين للقاهرة لدراسة تخصصات لا توجد بالسودان، وهم يروون لي قصة لا يمكن أن تحدث إلا في السودان.
300 طبيب ابتعثوا للدراسة والتأهيل في مصر، تكلفة  الفرد الواحد  بدون أسرة تقترب من 185 مليون جنيه-طبعاً بالقديم- كان خيارهم  الدخول في تخصصات غير موجودة في السودان، في السابق كان المتخصص في الباطنية يختار تخصص أدق عبر كورسات قد لا تتجاوز الستة أشهر فيصبح (أخصائي باطنية وقلب أو كلى أوجهاز هضمي أو عصبي) الآن الاتجاه العالمي الدخول مباشرة في التخصص الدقيق، مثل دراسة خمس أو أربع سنوات في تخصصات القلب والكلى والجهاز الهضمي.
هؤلاء الأطباء ذهبوا إلى دول متعددة لدراسة هذه التخصصات الدقيقة،ابتعثتهم وزارة الصحة وأجاز ذلك مجلس التخصصات الطبية.
المفاجأة المذهلة أن الدفعة الأولى منهم عندما عادت إلى السودان وهي تحمل تلك التخصصات- المتفق عليها من مال المواطن السوداني البسيط- تحفظ المجلس الطبي على قبول شهاداتهم،بل تماطل في إبداء الرأي.
الجدير بالذكر أن المجلس الطبي يسيطر عليه أطباء كبار منهم أطباء باطنية على النهج القديم، ويبدو أن لهؤلاء تحفظ تجاه المنافسين الجدد.
عامان والمجلس الطبي لم يبت بأمر قاطع في شهادات أصحاب التخصصات الدقيقة، قرر بعضهم الهجرة إلى دول الخليج، دون أن يدفعوا فواتير تمويلهم من خزينة الشعب السوداني، والمستمرون في الدراسة ينظرون بعيون القلق في مصير من سبقوهم،وكبار الاخصائيين يستعصمون بالبقاء في الخرطوم ويرفضون الذهاب إلى الولايات، ولا يكتفون بذلك بل يغلقون الباب على من خلفهم!!
روى أحدهم أن دعوة عالمية سنوية كانت توجه لأطباء أحد التخصصات وكان في كل سنة يلبي الدعوة طبيب واحد لا يتغير، المنظمة خاطبت الجهات المختصة في السودان ،عن لماذا لا تتاح فرص لأطباء آخرين من ذات التخصص؟!!
بالقطع المؤسسات والهيئات العامة لا تخجل من سلوكها حيث يختبئ الجميع تحت عباءة العام.
للأسف تحولت وزارة الصحة من وزارة ترضيات لوزارة صراعات وأخيراً أصبحت تجمع بين الاثنين،وزارة ترضيات في منصب الوزير ووزارة صراعات مصلحية أدنى من ذ لك، صراعات تستخدم فيها جميع الأسلحة غير المعقمة بل الصدئة أحياناً.
المشكلة الكبرى أن مرجعيات المراقبة والعقاب تعاني أضعف أوضاعها، الأزمات تعلق على شماعة الانتظار، لعلها تحل عبر عامل الوقت، وعقارب الساعة لا تنجز مهام الآخرين!
على طريقة (بلاهي شوف) انظروا لهذه المعادلة وتعاملوا معها كعينة لفحص الوضع الصحي في البلاد، مقدرة على الإنفاق، حاجة ملحة للتخصصات، عجز في الاستيعاب، لوجود (فيتو) اعتراضي يرفعه الكبار.

 

آراء