أطلِقوا سراح إنقلابيي الإنقاذ وخُذوهُم للتسويه!

 


 

 

" شَقّ الصّف ليس ما فَعَلَتهُ قحت فنحنُ لم نجد منها سوى النتائج المأساويه التي نعيشها اليوم. شق الصف هو ما يقومُ به مَن يكتبون مساندين للتسوويين ومن يغزون الميديا مبشرين .. من يعينون قحت ، التي قدّمَت في فترة حكمها كلّ ما أضَرّ بالوطن. قوى الثوره الحيه على الأرض هي الأساس وستستمر الثوره حتى إقتلاع الانقلاب ومن دار في فلَكِه ".
بعد عودتِهِ مِن مَنْفَاه كُنّا قيادات شرطة ( مجموعة الغد ) نذهبُ إليه يومياً في منزله ونتفاكر فيما ستأتي به الأيّام. الأستاذ علي محمود حسنين الرجل الذي افتقدهُ الوطن وكُلّ شرفاؤهُ والذي لم يُمهلُهُ القدر فذهب الى رحابِ الله في وقتٍ مفصَليٍّ كان يحتاجه الوطن و كُلّ ذَرّةٍ من تُرابِهِ.
تقدّم بالعريضه ، التي كان لنا شرف حضور ولادتِها والإسهامِ فيها ، في مواجهة إنقلابيي الإنقاذ بمجهوده ومبادرته وهي العريضه التي تُحاكَم بها الآن قيادات الانقاذ عسكريين ومدنيين وهي ، على عِلّاتِ أداء المحكمه ، تبقى الشيئ الوحيد الجاد منذ نجاح الثوره حتى الآن.
من الاشياء الجوهريه التي يسعى خلفها كل شرفاء الوطن وقف ثقافة الإنقلابات العسكريه التي سادت ثُمّ أقعَدَت بالوطن وأهلِهِ عبر سنواتٍ كانت كفيلةً بوضعِهِ على قِمّة دول العالم.
لن تتوقف هذه الانقلابات ما لم نخطو الخطوة الأولى تجاه ذلك وهي المحاكمات الرادعه لهؤلاء الذين يقومون بها وبما أن الجريمه هي تقويضٌ للدستور فهيَ تُمَثّل إقعاداً بالوطن وإزراءً به وبمكتسباته فلذا وَجَبَ أن ترقى العقوبه لمستوى الجُرم.
اتساءل هُنا ما الذي يجعل التسوويون والداعمون لهم يُكرّمون من قاموا بإنقلاب أكتوبر الذي لم ينقَلِب على نظام دستوري فحسب وإنّما قَصَدَ تقويض ثورَه ( خَجّت ) كل المنطقه بل والعالم وقَدّمَت الشُهداء والجرحى والمفقودين. ما الذي يجعلنا في موقف الذين يتسوّلون وهُم قابَ قوسَين من إنتزاعِ حقوقهم كامِلَةً ولَو بالدَربِ القاسي الذي سيضمَن مستقبلاً مشرقاً لهذا الوطن لم يحدث منذ الاستقلال.
ما الذي يجعل التسوويون والداعمون يستصحِبون معَهُم قَتَلَة أبناءنا وبناتنا في مُسَلسَلٍ طويل بَدأ مُنذُ فَض الإعتصام والسلوك ( البهيمي ) الذي رافَقَهُ الذي أذلّ أبناءنا وإمتَدّ بَعدَ تقويضِهِم للدستور مُتَمَثّلاً في القتل والإعاقه والإغتصابات والنهب الذي رافق التظاهُر السلمي والإحتجاج الراقي لأبناء وبنات الشعب السوداني.
ما الذي يجعل التسوويون والداعمون
يستصحبون قادة الإنقلاب وداعميهم من الحركات المسلحه وهُم يُفرِغون دارفور من قبائلِها ويقتلون ويُشرّدون إنسانَها ويخلقون الفوضى والقتل ثُمَّ وهُم في لَبوسِ مَن يتدخّلون لحلّ المشاكل زُوراً وبُهتاناً ( يفلِقوا ويداوو ).

ما الذي يجعل التسوويون يُفاوِضون بإسم الشعب السوداني في إستجابَةٍ ( كريمه ) للقوى الإقليميه والدولية ويرمون أسياد الثوره الحقيقيين عِظاماً ثُمّ يكسرون ظهر الثوره بإستِصحابِ أحزاب الإنقاذ التي ثارَ الشعب ضدها والحركات المسلحه التي ساندت إنقلاب أكتوبر وتركت شعبها في دارفور لمُعاناتِه وتوَهّطَت ( همبريب ) السُلطَه ؟ ورغم كلّ هذا نجدُ من يُسانِدُهُم ويَشُدُّ مِن أزرِهِم؟!
لماذا يقوم المساندون بالإصطفاف خلف هذا الباطل الذي يجري الآن وهُم بفعلهم هذا إنما يقصمون ظهر الثوره ويخونون شباباً في أعمَارِ أبنائهِم وأحفادِهِم تصدّوا لِما لَم يَقدِروا هُم عليهِ خلالَ ستينَ عاماً في أعزّ ما يملكون.
هل نعيد الفشل والنهب والإرتزاق بالسّير مرّةً أخرى خلف نفس الأوجُه التي قَوّضَت الإنتقال وأورَثتنا ما نحنُ فيه الآن ؟ ولِمَ؟ ألِأنّ السودان في طريقِهِ للتفكّك كما يزعُمون؟ ألا يَهُمُّكُم ما نحنُ فيه الآن وما كُنّا فيهِ بالأمس فنعودُ لنستصحب القيادات التي تَحمِل السلاح الذي يُخيفُكُم؟ هل هكذا تتخلون عن الثوره للقادِم المجهول؟ ماذا تقصدون برأب الصدع هل هو أن يترك الشباب القابض على جمر ثورَتِهِ التي بذل فيها الدماء وَهُو يحرُسُ دماء إخوَتِهِ على الأسفلت هل تطالبوهُم أن يتركوا كل ذلك ويضعوا أيديهم على الأيدي الملطخه بالدماء وبالنهب وبالإغتصاب؟ مَن وَضَعوا ( أبِوَاتَهُم ) - أحذيَتَهُم العسكريه - على الجِباهِ الشُم لأبنائنا وبناتنا .. ألا تخشون من السقوط في نظر هذا الجيل الذي أعطانا جميعًا دروسًا افتقدناها طيلة حياتنا التي بدأت منذ الاستقلال.. هذا الجيل الذي أعَزّنا وجعلَ لنا إسماً أصلَهُ في الأرض وفَرعَهُ في السماء.
هل يُعقل هذا الإستفزاز للثوار ببيعِهِم تحتَ أقدام السفارات والعيون المُسَلّطه على الكراسي لجعله أمراً واقعاً مستصحبين معكم احزاب البشير ومؤيدي الانقلاب وقادة الإنقلاب والمليشيات التي ما فتئ عودها يقوى لحظياً وهي تسرِق وتُهَرّب وتَرْتَزِق وهي عالةٌ على الخزينه العامّه؟ وأيُّ إصلاحٍ تنتظرونهُ في حقّ أجهزةٍ أمنيه ونظاميه بأيدي هؤلاء القاده؟
أخيراً أقترح عليكُم وقف محاكمة البشير وانقلابيي الانقاذ وإطلاق سراحهم واستصحابِهِم معكم فيما تقومون به من تسويات فَمَن تستصحِبونَهُم مَعكُم وتحتفونَ بهم لم يقوموا بأكثر مما قامَ به اولئك .. لم يَبقَ لنا للأسَفِ سوى ذلك.
الآن تتكرر نَفس الإنتكاسات التي خَتَمَت ثورَتي أكتوبر وأبريل لِتُوَشِّح ديسمبر بالسَّواد. نكتُبُ والغُصّةُ في حُلوقِنا مما عشناهُ وشاهدناهُ وما تَعَرّضنا لهُ وتَعرّضَ لهُ جميع شرفاء الوطن منذ ١٩٨٩. الذينَ هُم صامتون ومُبعَدون الآن لِتَتَسَيّدنا قحت ومُناصِروها الّذين يستصحبون معَهُم اولئكَ الذين كانوا يضعون ( البوت ) على وجوهِ ابناء شعبنا. .. لكُلّ الذين هُم أسباب خوازيق الوَطَن : ترَجّلوا فهذا الحقُّ ليس لكُم. إنزووا فهذا الحقُّ يَخُصّ الشباب الذين فجروا الثوره وحافَظوا عليها حتى الآن مشتَعِلَه.

melsayigh@gmail.com

 

آراء