أفغانستان أسواق لبيع اليافعات .. في قلب الكابوس الأفغاني .. ترجمة ناجي شريف بابكر عن إخبارية (تي إف أ)

 


 

 

في إقليم هيرات، إلى الغرب من أفغانستان، قامت الكثير من الأسر هناك ببيع إطفالها تحاشيا للموت جوعا.. مما دفع ليسقون بودول المراسل الخاص لإخبارية (تي إف أ) لإجراء مقابلات مع عدة أسر أصبحت الآن غارقة في بحار من اليأس والفاقة المطلقة.
كانت بداية الرحلة بهيرات حول هذه المدينة الواقعة إلى الغرب من أفغانستان، البلد الثالث المزدحم بالآلاف من طالبي اللجوء، المدفوعين بالمجاعات والحروب، كبلائين يرضع كلاهما من ثدي الآخر.. إن إقليم هيرات قد صنف مسبقا بالدرجة الحمراء هناك حيث يتموضع مسلحون تابعون لداعش كعدو عريق لطالبان. كما ورد في تقرير (فانت إير) في بداية هذه النشرة ، فإن مراسل (تي إف أ) الموجود في الموقع، قد قام بإجراء مقابلات مع العديد من السيدات اللاتي ظللن لأيام في أحد ميادين المدينة ينتظرن توزيعا مفترضا لغذاء إسعافي، كان على طالبان أن تقوم بإرساله للمدينة.
إن ما فاقم المأساة هناك هو قيام النظام الجديد في كابول بحرمانهن من الموارد التي كان يكفلها لهن الحق في العمل، "إنه مع وصول طالبان لم يعد لنا نحن النساء الحق في العمل، أوضحت إحدى النساء اللاتي تم إجراء المقابلة معهن، كنت من قبل أعمل كخادمة منزل، لكنني الآن بلاعمل، لم يعد لدي من النقود ما يكفي لشراء الغذا الذي يبقيني وأطفالي الأربع على قيد الحياة. كل مساء أصبح عليهم الأربعة النوم بأمعاء خالية". إن الناس هناك يتعرضون لإهمال كامل، بينما يطرق الشتاء الأبواب.
مليون طفل معرضون للموت في أفغانستان هذا الشتاء:
إن آلاف المنظمات الطوعية قد كان عليها مغادرة البلاد بمجرد أن إستولت طالبان على الحكم في كابول خلال الصيف الماضي. لكن أطباء بلا حدود ظلت هناك وهي تدير مستشفى للأطفال فاقدي التغذية في مدينة هيرات، بدأت كل السراير مشغولة بأطفال يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة، في وضع تتعذر فيه الوسائل الكافية لإنقاذهم. وفقا لما أوردته منظمة اليونسيف فإن مليون من الأطفال يتوقع أن يفارقوا الحياة خلال أشهر الشتاء، ما لم يتم تلافي الأوضاع بصورة عاجلة. محليا فإن مسؤولي (بي أا إم) قد قاموا بكل ما في وسعهم: أكياس من الدقيق، العدس بكميات متواضعة جدا بالمقارنة لإعداد الناس الذين يتزاحمون للحصول على الغذاء. إن العون الدولي الذي كان يعمل على مساعدة إقتصاد أفغانستان المتعثر أصلا، قد قام بتجميد كل المساعدات منذ وصول طالبان إلى السلطة.
تقاليد مندثرة أعادت لها الأزمة الحياة:
إن أوضاعا أسوأ من ذلك بكثير تكتنف أناسا معزولين في قرى نائية عن المدينة، قد جعلت فريق (تي إف أ) يواجه من المآسي ما لا يمكن تصديقه. أسرٌ قد حاصرها الفقر بحيث أصبحت تفتقر لأي أصول تعتمد عليها، قد إضطرت لأن تبيع أطفالها كيما تبقى على قيد الحياة. إن بيع الأطفال وتزويجهم وهم قُصّر قد كانت عادات قديمة منقرضة، لكنها عادت للحياة من جديد، ربما مع بداية الجفاف في العام 2018 ثم العام 2021. ثم إتسع مداها في الغرب من أفغانستان. فاتح الآباءُ الصحفيين بما يشعرون به من العار تجاه أبنائهم، لكنهم أوضحوا ألا خيار لديهم خلاف ما قاموا بالإقدام عليه.
إنني أبكي كل ليلة، لكن ما الحيلة؟
بينما كانت ميرصانور بين ذراعي أمها المكسورة الخاطر، كانت لا تزال طفلة غضة، وهي لا تعلم أن والديها قد قاما مسبقا ببيعها لأحد التجار الأثرياء بالمدينة. الوالد الشاب ناصر أفاد أنه "من أجل أن نقوم بإنقاذ إخوانها الخمسة الآخرين، كان علينا أن نبيعها مقابل خمسمائة يورو. إننا لم نعد نملك سنتيما واحدا، لا نملك طحينا، ولا زيت، لا نملك وقودا للطبخ، لا شئ البتة". إن الرجل الذي قام بشراء الصغيرة سيعود لإستلامها عند بلوغها سن الخامسة. "إنني أبكي كل ليلة" هكذا قالت روشا والدتها عقيلة ناصر. كان ذلك يحدث بينما كانت الصغيرة بين ذراعي أمها تلعب بمُشغّل أفلام بلاستيكي.. "ليس بوسعي ما أفعله، فأنا أعلم أن صغيرتي ستنقلب حياتها إلى جحيم، أنا على علم بذلك".
في ناحية أخرى تمكن أعضاء الفريق من مقابلة "خيرا" وهي طفلة تم الإلتزام بمنحها لرجل مسن بمجرد بلوغها سن العاشرة أو الثانية عشرة. الصغيرة وهي في صمتها كانت تعلم أنها قد تم بيعها مقابل خمسمائة يورو، هي بدورها كان عليها أن تلاقي نفس المصير، كيما يظل إخوانها على قيد الحياة. "لم يعد لدينا ما نأكله بالدار" هكذا أشتكت والدتها بنبرة أسىً بالغ، "وليس هناك ما يعيننا، إنه جفاف بالغ". أفاد الشهود من القرويين أنه دائما ما يصادف أن تباع الصغيرات، مما يشي وفق قولهم أن هناك عصابات خلف هذا السعي المحموم لشراء اليافعات.
إنتهى

nagibabiker@hotmail.com
/////////////////////

 

آراء