أما آن لهذا الجرح أن يبرأ

 


 

 



waladasia@hotmail.com 
سعيد عبدالله سعيد شاهين
كندا -  تورنتو
الحادث الأليم الذى هز المجتمع السودانى صبيحة العيد جراء فقد أكثر من 30 مواطنا سودانيا فى حادث ما عرف بطائرة تلودى . غض النظر عن مسبباته ونحن كمسلمين نؤمن أنه لكل أجل كتاب ولا تدرى نفس بأى أرض تموت . وتتعدد الأسباب والموت واحد . نسأل الله لهم المغفره ولأسرهم حسن العزاء وإنا لله وإنا إليه راجعون .  هذا الحدث يستوجب منا جميعا أن نقف وقفة جاده مع النفس .
ونسأل ، كم من الأنفس البرئية هلكت فى صراع محصلته النهائيه صراع حول السلطه ليس إلا .  وهذا الصراع مردوده الفعلى للشعب السودانى الذى يدعى المتصارعين حول كرسى التلسط هو صفر على الشمال  منذ خروج المستعمر وحتى يومنا هذا . سواء كان ذلك بما يسمى سنوات الديمقراطيه المهدره بسبب المكايدات او سنين الحكم العسكرى العجاف .
هناك حقائق يجب علينا إستيعابها فى لماذا يعانى إنسان السودان كل هذا الرهق والدمار الممنهج والمبرمج حتى وصلنا إلى ما فيه نحن اليوم من حال !؟
نعم أولى هذه الحقائق تقول أن السودان بوضعه التاريخى الضارب فى الجذور والحضارى منذ الفراعنه والجغرافى كمعبر إسترتيجى لتلاقح الحضارات العربيه والأفريقيه بجانب وضعه الإقتصادى المتمثل فى الثروات التى تذخر بها أرض وأنهار وبحار مساحته الجغرافيه ، هذا خلاف التركيبه السايكلوجيه لإنسان السودان المتمثله فى حبه وتمسكه الشديد بإحترام إنسانية الإنسان وعدم الحقاره وتشبعه بروح الديمقراطيه بسجيته وفطرته . خلاف الوعى السياسى العالى لما يدور حوله من أحداث وما يجرى فى العالم أينما كان الحدث حتى قبل ظهور إمبراطورية تقانة المعلومات . حيث كان راعى الغنم يعلم ما يدور فى بنما مثلا وأين تقع بينما جيرانه من الدول المحيطه به لا يعلمون أين تقع أمدرمان مثلا فى خارطة العالم . كل هذه المحصله الإنسانيه الماديه والسياسيه جلبت له هذا الشقاء الذى يعانيه . لأن إنطلاقته تعنى الكثير للدول الراسماليه ،  إذا ما سمح لإنسان السودان الإستفاده من هذه الثروات مما يعنى وجود مارد إقتصادى فى مساحة سوق الرأسماليه التى جيشت الجيوش للسيطره العسكريه على مقدرات هذه البلاد لصالح رفاهية (أسما) شعوبها و(فعلا) خزائن أصحاب رأس المال ، وتعنى خلخلة أنظمه فى المنطقه إذا ما سمح لهذه الممارسه الديمقراطيه أن تأخذ حظها من الممارسه الفعليه على أرض الواقع . هذا هو الواقع الذى أثبتته محاضر ومجريات التاريخ قديمه وحديثه . وليس كما يسمى (وهم المؤامرة) حتى يحبطوا الناس ويصرفون الأنظار عن الحقيقه .
ثانى هذه الحقائق هو ما إبتلى به الله إنسان هذا السودان من أبنائه الذين مهدت لهم الظروف وغفلة الزمان أن يتسيدوا على مصائر الناس بسفنهم التى تدور فى عباب مصالحهم الجشعه وتجوب خلال بحار ساس يسوس .
وكان جنى قطاف هذا الأمر المبرمج خارجيا لمصالح الدوائر الرأسماليه ، بجانب التقوقع داخل المصالح الذاتيه لمن إمتهنوا مهنة السياسه طائفيا كان أم عاقائديا هى إنفصال جزء من أرض المليون ميل مربع والتى لنؤكد على البرمجه الخارجيه يمكن العوده لقانون المناطق المقفوله إبان عهد الإستعمار الإنجليزى للسودان . والذى كان إنفصلا وجدانيا بين الجنوب والشمال مهد للإنفصال الحقيقى ، وأعاد الإستقلال الأوضاع لحقيقتها سياسيا وإداريا وأهمل الحكم الوطنى الجانب التنموى بشريا وماديا .
ثم كان الإنفصال الثانى بأيدى أبناء الوطن ممتهنى السياسه ومن يطلق عليهم قادة العمل السياسى فى السودان . وكانت نيفاشا والتى أتاحت فرصة ترتيب أوضاع وإعادة ثقه لمدة سته أعوام ضاعت فى عراك وصراع الديكه (المغذى) خارجيا ليتم الإنفصال بإرادة بنيه !!؟؟ لا يستثنى من ذلك من هم فى الحكم أو المعارضه ، ودفتر التاريخ يسجل بكل وضوح ما جرى على الواقع حول أكبر مذبحه لوطن ، مذبحه أستبيحت فيه أرض وعرض وثروات ومقدرات أمه بكاملها .
والآن نشهد بأعين مفتوحه وعقول (غير واعيه) أو حقيقة لا ترغب أن تتحلى بذلك وبأسى شعبى عميق عما أوصل به ممن يدعون قيادته ، البلاد إلى هذا الدرك المتجه نحو هاوية عميقه . أخطر ما فيها أن هناك (جيل) عقدين من الزمان هم ضحايا صراع الفيله هذا الذى يهشم زرع أمه كامله متمثل فى هؤلاء الأطفال الذين اتى بهم قدرهم فى هذا الجو (النتن) الذى لايرعى لإنسانية بنيه بقدر ما يرعى لمصالح قادته الذاتيه وأثبتت التجارب أنه كلما تحققت مصالح آنيه و(تنفذ)
ومشاركه فى كعكة السلطه تناسى هؤلاء أسباب حملهم للسلاح أو حتى معارضتهم وهذا ينطبق عمليا لمن حملوا السلاح وصالحوا لفتره أو من كانوا فى قيادة التجمع المعارض وتنعموا بمكيفات المجلس الوطنى ومخصصاته ، ثم  المشاركه الأخيره فى وثير مقاعد القصر الجمهورى .
ماذا إستفاد المشردين فى المعسكرات من أطفالنا والثكالى من نسائنا والمحبطين من شبابنا من كل هذا العراك ؟
لقد حان الأوان للإجابه على السؤال أعلاه أما آن لهذا الجرح أن يبرأ ولهذا العبث أن يقف ؟؟
الإجابه قطعا ليست فى مقدور من يتسنمون قيادة زمام الأمر السياسى فى الوضع الراهن ، الأمل والواقع والضمير الوطنى (يحتم) على من يطلقون عليهم لقب (التكنقراط) أولئك النفر من أبناء وبنات السودان ما قبل وما بعد الإنفصال أن يتحرك هؤلاء الذين لم تلوثهم مرشحات العمل السياسى السالبه ، والذين لا يدينون بولاء إلا للسودان وحده ، الأطباء المحامين المهندسين الزراعيين البيطرين الإقتصادين رجال الدين الذين هم على (جمرة الدين) قابضين وليس لمصالحهم الدنيويه متصارعين الشباب الذين أهلكتهم آلة المطامع والمصالح الخاصه . العسكريين الذين تؤلمهم ما آل اليه الوضع العسكرى والأمنى فى كافة مناحيه من إمتهان وإرتهان ليكونوا حرسا خاصا لمصالح أولوا نعمتهم الجدد . هذه الشرائح داخل وخارج السودان عليهم أن يتحدوا فى تنظيم يعيد للسودان مجده وعزه المنتهك والمسلوب ليكون فاعلا لبنيه وللإنسانيه . عليهم تشمير السواعد والعمل بجد وهمه ورويه وتمحيص ودرايه لإعادة هيكلة الدوله السودانيه مما لحق بها من تشويه ودمار . وإلا البركه فى الجميع ولحظتها نغنى (هنت يا سوداننا اليوم علينا) أما المهاترات وكيل الشتائم المتبادله فهى طحن بلا طحين وتسعد من هم فى سدة العمل السياسى بكل اطيافه . وليعلم من نعنيهم بأنهم لن يجدوا الطريق ممهدا ليس من قبل القابضين على زمام السلطه والتسلط بل حتى من دهاقنة البزنس السياسى وقادته المنشطرين من أحزابهم أو غيرهم لأنهم أعطوا وما أبقوا شيئا غير حصاد الهشيم . ولنعيد قرآة قصة القرود حتى نتعظ من القرود ولا نكون مجرد قرده فى سرك العبث السياسى السودانى .

 

آراء