أم قسمة ست الشاى : سلاماً يا نساء الأرض قاطبةً ..فى كُلّ مكان !
لأمير الشعراء أحمد شوقى قصيدة درسناها على أيّام المرحلة الأولية ، كان المعنى من دراستها - والله أعلم - أن لا نثق بالماكرين ومضمرى السوء ، حتّى وإن جاءت نصائحم ، بطريقة ( مُغلّفة ) و( مُزركشة ) ببعض عبارات الإشادة والثناء والإعتراف بنجاحات الآخرين ..والقصيدة تبدأ بالبيت الشهير الذى صار من الحكم والأقوال المأثورة : " برز الثعلب يوماً فى ثياب الواعظين " !. تذكّرت هذا المقطع الشعرى ، وأنا أُطالع مقالاً لصحفى ( إنقاذى ) ، يُعيب فيه على شباب ( شارع الحوادث ) ، إحتفائهم بإمرأة " ست شاى " بتقديمهم لها ، لتقص شريط إفتتاح غرفة عناية مركزة للأطفال ، بإحدى المستشفيات بأم درمان ، وذلك ، إعترافاً منهم بفضلها ، وتقديراً لجهودها فى فعل المكرمات ، و لكن ، فى المقابل ، جاء ذلك الصحفى ، ليقف على النقيض تماماً ، (( يستكتر )) علي " ستّات الشاى " هذا الفعل الذى يجب أى يكون من منظوره ( حصرياً ) على الوزراء والرؤساء و( أكابر القوم ) ، ويمضى ليعيب على الصحافة السودانية " الإحتفال " بالخبر ، ويصل لخلاصة فكره ، لنتيجة مفادها – على حد قوله وتعبيره – بالنص : " إنّ الأمة التى تضع ست الشاى مكان وزير الصحة ، و وزير الصحة محل ست الشاى، - مع أنّ بناء الغرفة ما كان ليتم لولا موافقة الوزارة وسلطاتها المختصة - أمة لا يمكنها أن تتقدم شبراً إلى الأمام ، فى ظل هذا النظام أو غيره من أنظمة (الثوار) ".والمقال بأكمله موجود على الشبكة العنكبوتية، فلا داعى ، للإطالة والإستطراد .
أقول ، بهذا النوع من الكتابة ، يكشف ذلكم الصحفى عن عقليّة ( ذكوريّة ) ، سائدة فى الوسط الصحفى ، مُدجّجة بإحتقار ( طبقى ) ، وإن جاء المقال ( مُنعّماً ) ، ببعض عبارات الثناء على مشروع ( شارع الحوادث ) ، وهذا الخطاب - فى تقديرى - خطاب ( إزدراء )، يحمل بين طيّاته ( خطاب كراهية ) ، ( ضد النساء ) ، وهو خطاب مُنتشر فى وسائل الإعلام (السوانية ) ، وللأسف ، فإنّ هناك كتابات، تمضى فى طريق ذات الخطاب ( المرفوض) ، حينما تحاول الرد على تلك الكتابات ، والتصدّى لهذه الشخصيات ، فنجد - للأسف - بعض زملائنا الصحفيين، يقعون فى ( مطبّات ) و ( مُجاراة ) ممارسة ( خطاب الإزدراء ) ببعض المهن التى ( ولج ) و أتى منها بعض أؤلئك الكُتّاب لمهنة الصحافة ، وإن إكتفوا بالرد على تلك ( الكتابات ) على حساباتهم الشخصية فى فضاءات (الميديا الإجتماعية ) ، وهذا ما يجب أن ننتبه له ، ونُحذّر منه ، حتّى لا ينطبق علينا القول المأثور " لا تنه عن خلق، وتأتى مثله ...عارٌ عليك إذا فعلت عظيم " !.
أعود للشعر ، وقد بدأته مُستشهداً ، بشوقى ، لأختم ، بمقطعٍ من شاعر الشعب محجوب شريف ، فى الإحتفاء بالنساء، وهو المُنصف دوماً للنساء ، لأنشد معه ، وهو القائل فى واحدة من قصائده الخالدات:" سلاماً يا غزالات العمل والبيت..ملاياتك ضفاف النيل .. أحب واديك ..هذا الحوش ..أحب الشاى ، مع القرقوش.. أحب المستك الفوّاح ..أهيم فى غمرة النعناع ..بُن ..ومدق ..وجمرة تسخّن الإيقاع ..سلاماً يا نساء الأرض قاطبةً فى كل مكان ".. وسلاماً على شباب (شارع الحوادث ) بنين وبنات ، وعلى مُبادراتهم / ن الراجحة الظافرة ، وألف تعظيم سلام لـ( ست الشاى ) " أم قسمة "ولكُل زميلاتها (ستّات الشاى) ، و( ستّات الكسرة ) و( ستّات الداندرمة ) وغيرهن من آلاف ، بل ملايين ، النساء السودانيات ، العاملات ، المُكافحات ، الكادحات ، فى وطننا الحبيب ، ولـ"نساء الأرض قاطبة فى كل مكان "، مليون سلام.
20 مايو 2015
faisal.elbagir@gmail.com