أهلا بك أستاذي عبدالله أحمد النعيم .. بقلم : بدرالدين حسن علي
لست جمهوريا ولكني أحترم كثيرا الشهيد محمود محمد طه أو بمعنى أصح المنصور بن حسين الحلاج ، وبمعنى أدق حلاج السودان ، وأذكر جيدا أننا قدمنا مسرحية " مأساة الحلاج " لصلاح عبدالصبور عام 1969 من إخراج عثمان جعفر النصيري ، على خشبة المسرح القومي بأم درمان ، وكنت مساعد المخرج وأحد طاقم المسرحية وأكاد أحفظ المسرحيه عن ظهر قلب :
جاء في الحلاج :
أعطوا كلا منا دينارا من ذهب قاني
براقا لم تلمسه كف من قبل
قالوا صيحوا .. زنديق كافر
صحنا زنديق كافر
قالوا صيحوا ، فليقتل إنا نحمل دمه في رقبتنا
فليقتل إنا نحمل دمه في رقبتنا
قالوا .. أمضوا .. فمضينا
الأجهر صوتا والأطول
وضعوه في الصف الأول
ذو الصوت الخافت والمتواني
وضعوه في الصف الثاني
" لعن الله الكذابين المدعين المتنطعين وإياك أعني يا جاره – دي من عندي "
المسرحية الشعرية " مأساة الحلاج " هي أصلا : الكلمة – الموت ، هي السلطة المتحالفة مع الدين والمعارضة ، هي محنة العقل ، رحمك الله يا عبدالصبور ، ويظل النصيري " الذكي جدا " أحد الذين تنبأوا بشنق محمود محمد طه كما كان يقول لي ، و ليس غريبا أن النصيري أخرج المسرحية في مكان إقامته الحالية في لندن وأرسل لي نسخة من المسرحية وأجدها مناسبة لشكره ، المسرحية قدمتها جماعة الأداء الفني وهي عن محاكمة محمود محمد طه ، وشارك فيها العديد من الأصدقاء من بينهم سلمى بابكر زوجة النصيري وعاصم محمدين وعزالدين طه ومواهب ميرغني وعثمان عبدالحميد وصديقي العزيز الشاعر محمد المهدي عبدالوهاب .
والمسرح السوداني كثيرا ما طرح مسألة الهويه وو ..و لكن بعضهم لا يقرأون ولا يهتمون ، ولجميع هؤلاء أقول " ياخي هنيئا لك بالثراء " الخلب " و بالبيتزا والبيرغر لكن تذكر قوله تعالى " لا يسمن ولا يغني من جوع " سورة الغاشية ، يا ربي هل أنا متخلف ؟ يجوز !!!!
محمود محمد طه " 1909 – 1985 " رجل رائع وسوداني عظيم جدا ومثال يحتذى ، جمعتني به الكثير من اللقاءات النيرة والمدهشه ، إنسان بسيط ولكن له عقل جبارومواقف شجاعة ونادرة – والدي رحمه الله – كان يعتبره مثاله الأعلى رغم أن والدي لم يلتحق بجامعة وإسلامه كان دائما إسلاما بسيطا وعلمنا أن لا نكون من المتطرفين – لعنة الله عليهم - ، ومشهد إعدامه أكبر خسارة تحيق بالسودان هو والرجل الهمام عبدالخالق محجوب وصحبه ، وحتى تلاميذ محمود يعتبرون جميعا فاكهة السودان ليس هناك أحلى منها أمثال الشايب والقراي والنعيم وحتى كريمته أسماء ، وإن إسترسلت في وصفه ورواية سيرة حياته وأفكاره لكتبت مقالات ومقالات ، وهو بالفعل ينطبق عليه القول "تموت الأسود في الغابات جوعا ولحم الضأن تأكله الكلاب " وما أكثر الكلاب في وطني !!!
الأحد 11 أغسطس ومن الساعة الثانية ظهرا وحتى الساعة الخامسة مساء تقام ندوه هامة دعت لها منظمة " صمود " السودانية والتي ولدت بأسنانها في هذا الزمن " الملعون " .
وذلك على العنوان التالي :
55 John St . Room 308
السودانيون في كندا عموما وفي تورنتو خصوصا موعودون بحديث لا يتوفر بسهولة مع الأستاذ البروفيسور "إبن بطوطة " عبدالله أحمد النعيم " وما أكثر الشبه بين الأثنين بعنوان " من صميم قضايا وتحديات المهاجر المسلم : من هو المسلم الكندي ؟ المواطنة وتقرير المصير الثقافي/الديني " ، وكما قلت تنظمها مجموعة " صمود " التي إعتادت أن تطرح على السودانيين في كندا قضايا ومحاور وأنشطة في غاية الأهمية من بينها تلك المحاضرة القيمة التي أقامتها ومنظمة جبال النوبه لصديقي العزيز الكاتب الصحفي فتحي الضو محمد قبل أسابيع قليلة- بالمناسبة الذين يسألون عن غيابه عليهم معرفة أنه كان مريضا - ويبدو أن تجربة صمود في هذه المجالات الثقافية السياسية تزداد وضوحا وتماسكا ، إذ أنها أشارت في دعوتها إلى مسالتين مهمتين :
الأولى الإلتزام بالمواعيد " بصرامة " ، وهذه مسألة نعاني منها في كافة أنشطتنا في الداخل والخارج ، عدم إلتزام غير عادي بالمواعيد ولا أدري متى نجتاز هذه " الآفه " ، ولكني آمل على الأقل أن نبدأ بشيء من الجدية في الإلتزام بالمواعيد كما أشارت " صمود " في رسالتها ، والمحاضر ذات نفسه يستحق ذلك ، والأستاذ محمود وتلاميذه من أشد الناس إلتزاما بالمواعيد .
الأمر الثاني والمهم جدا " المناقشة " ، فأيضا درج البعض لإستعراض " عضلاتهم في الفارغة " في عشق غير طبيعي " للمايكرفون " تجده يأخذ فرصته في الحديث ويتحول " بقدرة قادر " إلى محاضر وعالم واستاذ " بينما هو في الواقع يحدث أصواتا مشابهة تماما لأصوات البراميل الفارغة ويذكرني ذلك بالإمام الصادق المهدي في عملية تهتدون إلى إريتريا ، فقد رسم فنان الكاريكاتير هاشم كاروري لوحة معبره يقدم فيها الراحل المقيم عمر نورالدائم كوب ماء للصادق بينما الإمام يقول له " كدي خليني من المويه أديني المايكروفون " وقد كانت لفته بارعة من " صمود " بتحديد المواضيع التي يمكن مناقشتها وأوضحتها في نحو ثماني موضوعات أظن أنها تستجيب لموضوع جاد وهام ويجب أن ينجح و يؤسس لحوار موضوعي ، وآمل أيضا أن تكون تلك قاعدة في المستقبل ، فقد تألمت كثيرا عندما " تفرعن " البعض في محاضرة الأستاذ الموسيقار المتفرد يوسف الموصلي ، وقبلها أيضا في محاضرة المحامي بدوي تاجو وكانت عن القانون .
أما أستاذي " إبن بطوطة " عبدالله أحمد النعيم – أمير الرحالة المسلمين الوطنيين - فلا يحتاج إلى تعريف وتقديم ، فالرجل قامة رفيعة جدا وفرصة نادرة كي يلتقيه " أهل تورنتو على وزن أهل كايرو "وفعلا صدق تاج السر عندما قال : مصر يا أم جمال أم صابر سوف نجتث من الوادي الأعادي ، يكفي أنه مجاهد حقيقي من أجل العلم ، فارق بلاده ووطنه مفارقة الطيور للوكور ، متحملا قسوة الغربة وهي ضريبة مؤلمة جدا ، فهو الخبير في مجال حقوق الإنسان في جامعة أموري الأمريكية ، وما زلت أذكر جيدا ما كان يردده علينا " الشريعة تم وضعها من قبل بشر ولكن القرآن منزل ، الشريعة هي فقه وكلمة فقه تحمل في مضمونها معنى مفهوما " .
الندوه من الواضح اهميتها من عنوانها ولا أملك إلا الترحيب بأستاذي عبدالله النعيم وأقول له حقيقة مرحبا بك ، لا يهم أن نتفق أو نختلف المهم أن نسمعك أيها الإنسان الرائع ، وكل عام والجميع بخير .
badreldin ali [badreldinali@hotmail.com]