أهو انقلاب عسكري أم انقلاب على الشرعية الدستورية؟!! (1-2)
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعا لى: ( هَذَا بَلاغٌ لِلْنَّاس وَلِيُنْذَرُوْا بِه وَلِيَعْلَمُوَا أَنَّمَا هُو إِلَهٌ وَاحِد وَلِيَذَّكَّر أُوْلُو الألْبَابْ) ..الآية
هذا بلاغ للناس
توطئة:
هل ما حدث في مصر هو إنقلاب عسكري؟! ، أم إنقلاب على الشرعية الدستورية؟! ، أم انتفاضة شعبية ساندها الجيش؟!! . للإجابة على هذا السؤال لا بد أن نستصحب أحداثاً مماثلة وقعت في عالمنا العربي إذ إنقلب الجيش الجزائري وعلى رأسه الشاذلي بن جديد وأقصى الاسلاميين عندما فازوا بانتخاباتها ، وبالرغم من إلحاح الغرب على نشر الديمقراطية في البلاد العربية حيث انطلقت أجهزة الاعلام للترويج لذلك لأنها تعتبر أن من يحكم هذه الدول حالياً إما العسكر أو أنظمة يتوارث فيها الحكم ، أي أنها أنظمة إنقلابية لم تصل لسدة الحكم عن طريق الانتخابات أو أنها أنظمة عائلية يتوارث فيها الحكم ، تكرر ذات السيناريو في فلسطين عندما فازت حماس بالانتخابات وهي حركة إسلامية ، وقبل هذه الأخيرة وبعد ما حدث في الجزائر من انقلابٍ على الشرعية ، علينا أيضاً أن نستصحب ما حدث مع أربكان في تركيا، وبالتالي لا بد أن نقرر لحقيقة لا تقبل الجدل بأن الغرب لا يرغب في حكم الحركات الاسلامية حتىوإن أتت عبر صتاديق الإقتراع . وبعد أن بشرتنا أمريكا " بالفوضى الخلاقة" بدأنا نشهد إختراقاتها لثورات الربيع العربي من أجل إجهاضها ، وأزعم أنه لا ينكر ذلك إلا مكابر أو قابض فما فضيحة تهريب قادة المعهد الديمقراطي والجمهوري وفريدوم هاوس ومؤسسة اديناور من مصر أثناء قيادة المجلس العسكري في مصر عقب الاطاحة بمبارك ببعيدة عن الأذهان!! ، ولا الجاسوس الأمريكي الذي إندسَّ وسط الثوار في ميدان التحرير ببعيدة عن الأذهان!!
المتـن:
لست مع مرسي أو ضده ولست مع تمرد أو ضدها ، ولكن حيرتي مردها إلى أنه يوم حدث إنقلاب ضد الشرعية الدستورية في ساحل العاج هبت أمريكا وفرنسا وبريطانيا مثل الكلاب السعرانة تبكي على الديمقراطية التي أتت بالحسن أوتارا حاول بغاغبو أن يستمر في حكم البلاد حيث إستند إلى قرار المحكمة الدستورية الإيفوارية وأصر الحسن أوتارا أن نتيجة الانتخابات كانت لصالحه ، وانتهى الأمر إلى حربٍ ضروس بين أنصارهما ، ونزلت فرنسا وأمريكا بثقلهما حتى أصبح مصير بغاغبو محكمة لآهاي سجيناً ، وموضوع ساحل العاج موضوع يحتمل الأخذ والرد لأن هناك إنتخابات جرت!! ، وعلينا أن نذكّر بأن مجلس الأمن و الاتحاد الأفريقي علقا عضوية ساحل العاج حتى عاد الأمر للرئيس الحسن أوتارا!!
أما في جمهورية مالي فقد إنقلب العسكر على حكومة منتخبة عبر صناديق الإقتراع ، فتحرك الشمال المتمرد بقيادة الاسلاميين وانفرد بحكم شمال البلاد، حينها تدخلت فرنسا وساندتها أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي لإعادة الشرعية الدستورية تحت غطاء محاربة القاعدة، وإني أزعم أن حركة أزواد ليس لها علاقة بالقاعدة ولكنها حركة إحتجاجية قامت ضد تهميش الجنوب للشمال!!، أما قُبيل أن يُطاح بالرئيس مرسي فقد أعلنت أمريكا والاتحاد الأوروبي أنهما لن يقفا مع أي من الطرفين، أي أنهما لن يسندا الشرعية الدستورية ولتذهب الديمقراطية التي بشرتنا بها إلى صندوق النفايات ، وبالتالي فإن الغرب عموماً أوغل في ممارسة إزدواجية المعايير حينما يتعلق الأمر بوصول الاسلاميين إلى سدة الحكم ولذلك نشهد العداء المستحكم من الغرب عموماً للنظام الحاكم في بلادنا الذي رفع شعار أسلمة الدولة، فحاكت للنظام الكثير من المؤامرات والدسائس من حصار وإشعال وتمويل حركات التمرد!!
الحاشية:
لا بد أن يستوقفا المشهد المصري منذ 30 يونيو حزيران 2013 ، حين بدأ كل من الطرفين الحشد لإستعراض قوتيهما في الشارع المصري ، مما يجعلنا نطرح بعض الأسئلة المهمة المحيرة التي لا أحد يستطيع مجرد التكهن بالإجابة عليها، وأولها: تُري من هو وراء كل هذا الحشد المكلف مادياً ،لأن ما شاهدناه من معينات كالخيام ومكبرات الصوت والاعاشة والأعلام التي انتشرت بالاضافة للمواصلات ، وكل تكاليف هذه اللوجستيات التي أخرجت هذا المشهد لا بد وأن يكون قد توفر لها التمويل اللآزم؟!!، الشيء الآخر المحير هو أن الدولة المصرية حينما أجرت الاستفتاء على الدستور تكلف ذلك حوالي 300 مليون جنيه ، فمن أين لتمرد توفير التمويل لطباعة (25) مليون بطاقة زعمت أنها جملة بطاقات التواقيع التي حصلت عليها ، وبالطبع هناك تكاليف إتصال وإعاشة للذين يقابلون المواطنين للحصول على تفويضهم الخطي عبر هذه البطاقات؟! وأيضاً من أين مولت جماعة الاخوان تكلفة طباعة (26) مليون بطاقة، هذا إن زعمت إن تُحَصِّل تبرعات من أتباعها ، هذا وإن علينا أن نصدع بالحقيقة بأنها غعلاً جماعة منظمة عمرها (80) عاماً في الشارع المصري وأن لها حزب معلن ومسجل قانوناً ويمكننا أن نفترض أنه وفر هذه التكلفة من تبرعات أعضائه؟!!
تخيل القاريء العزيز أن كذا مليون معارض إحتشدوا في ميدان التحرير ومثلهم من جماعة الأخوان في ميدان رابعة لمدة تقارب الأسبوع الآن وهو أمرٌ جد مكلف ، فمن دفع تكاليف هذه الاعتصمات ، وأرجو أن لا يقول لي أحد أنها انتفاضة أو اعتصام عفوي ، لأن الطرفان أجريا بروفات قبل (30) يونيو بعدة أيام في استعراضٍ كل طرف لقوته أما الطرف الآخر ؟!!
كان واضحاً للعيان والسماع أن معظم وسائط الاعلام من فضائيات وإذاعة وصحافة مصرية وانترنت لم تقف عند مسافة واحدة من الطرفين بل كان واضحاً وقوفها ضد مرسي وما كان معه إلا فضائية (مصر25) التابعة للإخوان وبعض الفضائيات التي ليس عليها إقبال ، وقد أغلقت فور عزل الجيش لمرسي ، فهل خسر الأخوان وحزب الحرية والعدالة هذه الوسائط لسوء تقدير أم أن الأمر كان مدبرٌ له بليل وكانت وراءة أيادٍ ومنظمات أجنبية تدفع بإتجاه الصدام والمصادمة؟! ، كل هذه الأسئلة المحيرة هي ضمن الأسئلة التي أفرزتها الحالة المصرية بعد توجيه الجيش لإنذاره الطرفان (48) لتسوية الأمر ، وهو يعلم أن حالة الاحتقان وصلت لنقطة اللآعودة وأن القرار بعزل الجيش للرئيس المنتخب أصبح واقعاً وأن الإنذار ما هو إلا تحصيل حاصل!!
الهامش:
السؤال المحير أيضاً أن الجيش سلم الحكم لرئيس المحكمة الدستورية وفق الدستور الجديد الذي وضعه الاسلاميون واستنكرته كل قوى المعارضة فكيف تقبل به وتنفذ نص تسليم السلطة لرئيس المحكمة الدستورية الذي أصدرت محكمته العديد من الأحكام ضد بعض نصوص وشرعية هذا الدستور؟!! وعلينا أن نطرح سؤالاً محيراً أخر ما هو الفراغ الدستوري الذي إستدعى تعيين رئيس المحكمة الدستورية رئيساً مؤقتاً للبلاد؟! هل مَرِضَ الرئيس بمرضٍ أقعده عن ممارسة مسئولياته الرئاسية؟! ، أم مات الرئيس؟! أم أن البرلمان قرر عزله؟!، أم أن هناك نصوص دستورية سرية لا يعلمها فقهاء الدساتير؟!!
إذا كان الرئيس منتخب ديمقراطياً وأن له حزب رشحه وفاز بالأغلبية ، فهل يجوز عزله أو خلعه ، وإن وجدنا المبررات لهذا الإجراء فهل يجوز أن يعتقل (300) من قيادات الحزب وحرق وإغلاق مقاره على مرأى من الشرطة والقوات المسلحة وهما اللتان أعلنتا وقوفهما عند مسافة واحدة من الطرفين؟! الأسئلة المحيرة للحالة المصرية كثيرة وكثيرة جداً ولن يكشف خباياها إلا الزمن أو إختلافات هذه المعارضة المتحدة الآن، وهذا أمرٌ متوقع ستفرزه صناديق إنتخابات قادمه ، ولأنه مرجع هذا هو أن ما بين الأحزاب والحركات هو مجرد تحالف تكتيكي وليس إستراتيجي لإختلاف توجهات هذه الأحزاب الفكرية والعقائدة أي هو تحالف الإخوة الأعداء!!
دعونا نتساءل هل ستقوم السلطة الحاكمة الانتقالية في مصر بحل مشكلة مياه النيل مع أثيوبيا لإتهامها الرئيس مرسي بالتقصير في ذلك؟! ، هل ستقوم السلطة الانتقالية بحل أزمة السولار والبنزين والرغيف والماء والكهرباء التي قال عنها مرسي أنها أزمات مفتعلة بفعل أياديٍ معارضة وأيدي فلول نظام مبارك السابق وأتهمته المعارضة بأنه هو المتسبب فيها؟! ، وإن نجحت في ذلك فوراً ألن يقول قائل أنها فعلاً مفتعلة ومدبرة لإسقاطه؟!!
هل ستحقق السلطة الانتقالية مطلوبات كل الحركات الاحتجاجية التي قطعت طرق السكة حديد وأغلقت أبواب دواوين المحافطات بالجنازير والأقفال والمظاهرت وأضربت عن العمال فتوقف الانتاج ؟! ، هل ستتمكن السلطة الانتقالية من رفع الحد الادني للأجور من الـ (750) جنية إلى (1200) بعد أن رفعها الرئيس مرسي من (300) إلى (750) جنيه؟! . هل ستقوم السلطة الانتقالية برفع نسبة الانتاج المحلي من القمح إذ كان في عهد المخلوع 43% والآن في فترة العام الواحد الذي حكم فيه الرئيس مرسي وصلت إلى ما بين 58% إلى 60%؟! ، هل ستقوم السلطة الانتقالية بضبط الأمن وإعتقال البلطجية وسماسرة السوق السوداء وتوفير الأمن والأمان للمواطنين؟!!
قصاصة:
أما الأسئلة الأهم الذي يفترض أن نطرحها هي:
إلى أين تذهب الآن مصر رائدة الأمة العربية؟! ، أإلى حرب أهلية مع شارع منقسم مع وضد؟!
أم أن الاستراتيجية الأمريكية بنشر الفوضى الخلاقة الاستراتيجية قد تحققت لإضعاف دور مصر العروبي وتهيئة المناخ لإسرائيل لتعيث فساداً؟!
هل ستشهد مصر استقراراً وأن كل فوضى الاحتجاجات والانفلات الأمني سيكون في خبر كان؟!
هل ستدور عجلة الانتاج من جديد حتى يشهد الاقتصاد انتعاشاً بعد التدهور المريع؟!
هل سترفع السلطة الانتقالية أرصدة مصر من العملات الأجنبية بسحر ساحر أو عصا موسى بعد أن تبخر (20) ملياراً في عهد الجنزوري دون معرفة لأوجه صرفها؟!!
سلمت يا كنانة الله من كل شر ، فيبدو أن مشكلة بلداننا في بنيها ، فثوراتهم لم تبرز قيادات وطنية حقيقية بل تركت الأمر لرموز أحزاب كل يغني وسيغني على ليلاه!!
عوافي....
يتصل،،،،،،
Abubakr Yousif Ibrahim [zorayyab@gmail.com]