أوبريت والي الخرطوم وفن تبذير المال العام
4 April, 2010
بدأ الأستاذ / علي عثمان طه مشواره مع الإنقاذ بوزارة التخطيط الإجتماعي ، الهدف من هذه الوزارة كان هو صياغة الإنسان السوداني من الجديد وفق قوالب المشروع الحضاري ، وذلك عن طريق إحياء شعيرة الصلاة والزواج الجماعي وفضل الظهر ، لذلك بدأ الأستاذ/ علي عثمان بمشروع الذكر والذاكرين ، وهو المشروع الذي أنتج قنوات المديح النبوي التي أنتشرت الآن ، وما كنت أظن أن الأستاذ/ طه سوف يعيش لعهد يختم فيه مسيرته الحياتية وهو يطلب الدعم من أهل الوتر والكفر ، شاهدت في قناة النيل الأزرق أوبريت الوالي ، أكثر من عشرين فناناً ، واعدين ومخضرمين ، وفرقة موسيقية كبيرة ، مثل تلك التي عزفت اللحن الشجي لغرق سفينة التاتينك ، في منتزه عبود السياحي ، صبايا تكسو بشرتهن البودرة الصينية ، محاولة يائسة لسرقة اللون الأبيض ، تجارة البشرة الزائفة قد أنتشرت في السودان ، يروج لها مسوقون من لبنان وألمانيا وسوريا ، أنه ليس مؤتمر الذكر والذاكرين ، أنه سامر تهرب منه الملائكة وتحرز إليه الشياطين ، من المال المقطوع من جهد الإطباء ، من المال الذي حُرم منه مرضى الفشل الكلوي ، هيأ حزب المؤتمر الوطني أوبريت الوالي ، الكلمات كانت سمجة وتدمي الأذن السليمة ، والجمع كان مخادعاً ومصنوعاً ، فرفور ، رماز ، أفراح عصام ، وليد زاكي الدين ، شيخ العرب ، هؤلاء هم نجوم الغد ، أو صناع المشروع الحضاري بعد القطع والتوليف ، في هذا السامر كنا نرى قبل ذلك الشيخ راشد الغنوشي ، قلب الدين حكمتيار ، عبد الرسول سياف ، اسامة بن لادن ، كما قال المتنبئ إن كانت مراد النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام ، رجل الإنقاذ الأكبر وصانع العزة والكرامة كان يقول أنه مشروع شهادة ، وهو الآن ينتظر نتيجة الفوز من سكوت غريشن ، هذا الجمع الذي يخلط الطرب بالسياسة خاطبه الوزير سبدرات ، فكما تكونوا يُرسل إليكم ، سبدرات بدأ حياته بالطرب ثم تاب وحج إلى بيت الله كما يقول أكثر من خمسة مرات ، وهو يعود إلى نفس المحراب القديم ، أنه حزب البهجة والمسرة ، نائبة مترشحة من حزب المؤتمر الوطني لوحت لجمهورها وقد خضبت يديها بالحناء ، الرسم كان رمز الشجرة ، قد ابتكر حزب المؤتمر الوطني كل ما هو غير مألوف لدعايته الإنتخابية ، فهناك المشير سوار الدهب ، أمين طباعة مصحف أفريقيا ، وهو يجمع المال لطباعة المصحف الشريف ، وهناك من يصرف المال على فرفور ووليد زاكي الدين ورماز وأفراح عصام ؟؟ جملة من التناقضات ، هذا هو الوالي المرتقب للخرطوم ، الدكتور عبد الرحمن الخضر ، تذكرت خطبة إبليس في أهل النار ، لست بمصرخكم من العذاب ، لوموا أنفسكم ولا تلوموني ، دعوتكم فأستجبتم لي ، حتى هذه اللحظة كانت الصورة منطقية ، أنه والي يائس ، لا يرى حرجاً من بعثرة المال الضنين على أهل الطرب طالما أن هذا يقوده إلى منصب الوالي ، تموت القداسة تحت أبواب السياسة ، وهالتني صورة رأيتها في هذا الجمع ، الأستاذ/ علي عثمان محمد طه ، القائد الحركي الإسلامي ، زعيم المعارضة في ايام ديمقراطية 86 ، راعي الذكر والذاكرين ومهندس صياغة الإنسان السوداني من جديد ، من الذين دعوا لربط قيم أهل الأرض بأهل السماء ، يجلس في المقدمة بزيه الوطني وهو يلوك قطع المكسرات ، كنت أعتقد أنه خطأ مطبعي أو أن الصورة مركبة ، فماذا يفعل النائب الثاني في برنامج أفراح أفراح وهو الرجل الذي لا يطوف أندية اللهو والطرب ؟؟ نعم أنه النائب الثاني بلحمه وشحمه ودمه ، ربما يكون قد حضر مصادفةً ، لأن الوالي الجديد سوف يطرح شعار حزب البهجة والمسرة ، ووقت الحفلات سوف يمتد للفجر ، وحتى وقتها يقول راعي الحفل : ما زال الليل طفلاً يحبو " ، إعفاء من الضريبة ومن حقوق الملكية ، توفير باصات سياحية بعد نهاية الحفل ، إحياء شعيرة النقطة وإقامة الحد الشرعي على السكاري الذين يخرقون نظام الحفل ، كما تقضي الصفقة بإالزام منتسبي الدولة بضرورة التقيد بمنح تراخيص الغناء لهؤلاء الاربعة وعشرين الذين رأيتهم في أوبريت الوالي ، فيصبحوا مثل الناقل الوطني في السابق الفقيد سودانير ، كان هو النائب الثاني ، وفي العادة وبعد الفاصل ، نطلب من الفنان أغنية خاصة ،هذه الأغنية يجب أن تعبر عن مناسبة ، لحظة حزن ، شاكوش ، ذكريات قديمة ، جمعتني بالمرشح الرئاسي عبد الله علي إبراهيم ندوة في عام 89 ، الندوة كان ينظمها الإتجاه الإسلامي في جامعة الخرطوم ، فجاء الإتجاه الإسلامي بالفنان الراحل سيد خليفة ، كان الإتجاه الإسلامي ينتقي الأغاني بحجة أنه لا يشجع الفن الهابط ، فتقدمت برلومة من الراحل سيد خليفة وطلبت أغنية " يوم ظليل " ، فثار رجال الإتجاه الإسلامي ومزقوا مذكرة الطلب ، وطلبوا من البرلومة أن ترتقي في طلبها لأن القضايا التي تواجه الأمة لا يمكن نسيانها بيوم ظليل ، المهم ، حتى لا ندس الحاضر في الماضي ، طلب الأستاذ/ علي عثمان طه أن يصافح كل أعضاء الأوبريت الأربعة وعشرين والذين وقفوا مثل صفوف لعبة " السيجة " ، صافحهم واحداً واحداً ، شكر الله سعيكم ، نسأل الله بأن لا يريكم مكروهاً ، طلب آخر خليفة أموي من كاتبه أن يلتحق بركب العباسيين حتى ينجو من الموت ، كان عبد الحميد الكاتب شجاعاً ووفياً ، فأصر بأن يبقى مع الخليفة المخلوع ويواجه معه نفس المصير ، من الصعب بأن يكون الإنسان أميناً ووفياً لمبادئه ، أنه السلطة والجاه.
سارة عيسي
sara issa [sara_issa_1@yahoo.com]