أيها الجنرال هل للثعالب دينا؟

 


 

بثينة تروس
7 January, 2024

 

خطب البرهان في جنوده قائلاً (رسالة للأرجوز الهارب الخائن حميدتي، أرجوز قاعد ينكت لي بعض الناس ويضحكوا! هو كان وين ثمانية شهور كان لاَبد وين مختفي؟ اختفائه الفترة الفاتت دي باكد انه زول جبان!).. رداً على قول الجنرال حميدتي في لقاء اديس ابابا بالقوي المدنية (تقدم) مخاطباً البرهان (قعدت في البدروم أربعة شهور.. الحقو الذخيرة في راسي والحقوا، نحن أصلا ما رفضنا السلام لكن هل هو صادق؟ هل هو ما مراوغ؟ نحن جاهزين للسلام الليلة قبل بكره! بعد طلع من البدروم، وطلع بي سفنجته، مفروض يوقع السلام طوالي). هذه التراشقات بين الجنرالين تؤكد انها حرب عبثية حول السلطة، وثأراً شخصياً، حصاد الشعب منه الموت والفجيعة فكلاهما صنيعة دهاء الحركة الإسلامية.
الجنرال حميدتي دقلو يستخدم ورقة السلام، وتقدمه في المعارك علي الجيش، في سبيل شرعية دولية، وعلى ضوء ذلك تم استقباله في كل من اوغندا، جيبوتي، كينيا، واثيوبيا كرئيس دولة، أما بالنسبة لأكثر من سبعة ملايين مواطن من نازحين، ومهجرين من منازلهم ومنهوبة ممتلكاتهم، هو عاجز عن السيطرة على ميلشياته على الأرض، حيث أصبحوا مليشيات متعددة لهم ألوية قبيلة خاصة بهم، يحملون السلاح، يأخذون الناس بالشبهات ان هم معهم او عليهم، يحكمون الاحكام وينفذونها ميدانياً.. وعلي التحقيق حميدتي يعلم في دخيلته ان صاحبه (غير صادق، كذاب، ومراوغ) مقيد بسلاسل الفلول، ولن يجنح للسلام، فوجد في جميع ذلك الضوء الأخضر في مواصلة المعركة.
وكما هم معلوم فإن البرهان لا يملك القرار او السيادة الحقيقة في ظل مؤسسة عسكرية، رهينة لأحلام قادة الحركة الاسلامية المدحورة. ولذلك تجده يلجا في خطابه لاستدرار عاطفة الشعب المنكوب بتذكيره بانتهاكات الدعم السريع والجبهات المتفلتة، والرعب، والنزوح. متغافلا عن حقيقة هزيمته امام تلك القوات، وعن قصف المدنيين بالطيران، وكامل مسئوليته عن فشل الجيش، والأجهزة العسكرية، والشرطية، والأمنية، وتقاعسهم عن حماية الوطن. داعيا للمواطنين للتسليح من دون حتى ضمانات خطط عسكرية مدروسة ((الان أي منطقه فيها مواجهة والعدو متوقع انه ينهب بيوتها يسرق مالها نحن (كان عندنا) سلاح بنديه!! كان عندهم سلاح يطلعوه، وكان بقدروا هم يجيبو سلاح يجيبوه، ما ح نقيف قدامهم وما ح نمنعهم)) انتهي، دع عنك شرعنه تحويل المعركة لحرب أهلية ضارية. الا يستحي البرهان من تأكيد فشل "قوات الشعب المسلحة" في واجبها ازاء حماية الشعب!
ومن أخطر ما كشفت عنه تصريحات الجنرال البرهان، قائد القوات المسلحة، بعد فشله في الحسم العسكري، حقيقة انه يقود مليشيات اخوانية، تقاتل من اجل هزيمة مطالب ثورة ديسمبر، والعودة للحكم تحت ذريعة، ليس قتال الدعم السريع فقط، وانما القوي المدنية (تقدم)، وجميع الأحزاب الممثلة في قوي الحرية والتغيير (ق ح ت).. وهكذا تأتي تصريحاتهم الرعناء التي سوف تحرق الحركة الإسلامية قبل الدعم السريع، وتفتح المجال واسعاً لتدخلات مسلحة دولية واقليمية، لن يتعافى منها الوطن كما تحدثهم امانيهم الساذجة، وذلك بعد ان يفقد النصير المصري والسعودي بحجة مجابهة الخطر الاخواني في المنطقة.
والجنرال في متاهته يعاير قائد الدعم السريع بعدم الدين! وهذه جزئية في غاية الأهمية للعقليات التي تدير حرب ابريل العبثية - حرب المكبراتية - التي شهدنا فيها الطرفين يقتلون بعضهم البعض ثم يكبرون ويهللون! ويحسب الطرفين قتلاهم شهداء في الجنة! والواقع ان الشعب السوداني تزهق أرواح أبنائه دماً عبيطاً.. لقد ذكر في معرض حديثه عن غريمه حميدتي (غاشي اهله وغاشي بعض البسطاء والمساكين بانه عنده دين، دين وين؟ وانت بتقتل الناس وتنهبهم، وتسلب اعراضهم وتنتهكها وغاشيهم، بهين في الشعب وبقتل في الشعب السوداني وفي ناس بيصفقوا له)! ظن البرهان، في محاولة إرضاء الاخوان المسلمين الذين أصبح ديدن اعلامهم استصغاره وتهديده واهانته وتخويفه، ان هذا الخطاب الإسلاموي في استخدام ورقة الدين ـ سوف تجمع حوله قلوب السودانيين، ومن سخرية الاقدار فقد سبق للكيزان ابان حربهم لحكومة رئيس الوزراء حمدوك، ان رفعوا في تظاهرات الزحف الأخضر (حميدتي لحماية الإسلام)!!
وما دري البرهان انه فتح جرحاً معبأ بالقيح والصديد، اذ هو قول مردود على الجنرالين المتقاتلين في نحورهم، فالشعب فقد النصير حين امن الجيش فلذات اكباده امام اعتاب القيادة العامة، فكانت المذبحة والجريمة النكراء التي ستكتب عارا والى الأبد في جبين جنرالات الجيش والدعم السريع.. وهل حمت شعارات الدين المواطنين من الترويع والنهب والسرقة وفقدان الامن في العاصمة قبل الحرب! الم يحدثنا البرهان انها عصابات متفلّتة عجز عن معرفتها والسيطرة عليها!
لم يتبق غير انه لا يحل مشكلة السودان، الا السودانيين انفسهم، ان هم اختاروا انهاء الحرب، وإنقاذ الوطن باجتماع وحدة الصف المدني دون استثناء، وهذا هو الترياق الذي يعلم مر مذاقه الفلول، بعد ان اسقط حكومتهم التي تطاولت لثلاثين عام من البطش والقهر والتنكيل والحروبات.

tina.terwis@gmail.com

 

آراء