أيها الساسة أرفضوا الواقع قبل أن يرفضكم الشعب
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا المقال يأتى على نسق ما أكتب ويمثل أفكار أومن بها وأهش لها وأدعو اليها ودافعى السودان الوطن والوحده والقيم والاخلاق الفاضلة التى تمثل بها هذا الشعب العملاق منذ أمدٍ بعيد وأصبحت هذه الصفات أنموذجاً لكل سودانى داخل وخارج السودان ، ولكن للاسف أتى على الساسه حين من الدهر كانوا من سادة اهل السياسة فى الارض إن لم يكونوا سادتها جميعاً ..!!! وحين ننظر الى الاسباب التى جعلت منا أمه مهابه نجدها ماثله فى إرادة التقدم التى كان يحملها السياسى والمنتدب للدراسة والمغترب للعمل تحملهم جميعاً خطى ثابته تجعلهم قادرين على تخطى الواقع والتطلع بعينين مفتوحتين وعزم شديد الى المستقبل ، اختار اهل السياسة فى الزمن الحلو الوقوف الى جانب فكرة التقدم ورفض علماء السودان وفلاسفته وفنانوه بل وقواد جيشه وأمنه رفضوا جميعاً ان يكبلهم الواقع بقيوده ويحجزهم وراء سدوده حين نتذكر من ساستنا القدامى نرى فيهم صفوه تطلعت الى المستقبل فى شغف ومضت تخترق مجاهل السودان تنمية واصلاحاً بقدر المستطاع وجميعهم آمنوا بفكرة التقدم ولم يسلبهم الواقع حقهم فى المسير رغم انهم تعاملوا مع شعب كانت الاميه والجهل ضاربةً فيه الا انهم لم يسمحوا للواقع ان يشد اليه ابصارهم وبصائرهم ويقعد بعزمهم الذى كان جسوراً وقديراً وينسيهم تبعاتهم تجاه المسيره التى بدأها اسلافهم مسيرة التقدم والنهوض . إستمرت مسيرة السياسه تتعثر وتترنح بين فرض القوة والديمقراطية وظللنا نعانى من تغيير الانظمة لفترة طويلة أصاب الانسان السودانى منها الملل والركود لدرجة أصبحت كلمة السياسة من الكلمات الغير مرغوب فيها مثلها ومثل كلمة الحرية فى دول العالم الثالث وظل الشارع السودانى ينشد الخلاص ويريد أن يعيش مثله ومثل بقية الشعوب ، ثم توالت الاحداث وبدأت علامات الانفراج تظهر خاصة بعد أكتشاف البترول الذى كنا جميعاً نحلم به حتى نغيير وجه البلاد الى الاحسن وظهرت التنمية فى مظاهرها المختلفة من طرق ومنشآت وسدود واضحة وماثله للعيان وجميعنا شاهد عليها ، وبالمقابل ظهرت مع هذه التنمية الخلافات الحزبية والنعرات القبلية التى صنعها ساسة السودان بأنفسهم وأصبحت حجر عثره فى طريق التقدم والنهوض بالبلاد للامام وكل يدعو للوحده والوفاق ، واصبحت الكلمات التى تقال لا يثق فيها الشارع السودانى وأكاد أجزم أن الساسه أنفسهم لا يثقون فيما يقولون لان أمورهم مسيره من قبل جهات تعمل ضد مصلحة السودان وتتربص به الدوائر ، هذا المنطق يدفع الى القول أيها الساسه أرفضوا الواقع المعاش الان بما فيه من أحقاد ومصالح خاصة ونعرات قبلية وحزبية قبل أن يرفضكم الشعب الذى صبر على فكركم جميعاً وتحمل تبعات ممارساتكم السياسة دون كلل او ملل ، نريد من الساسه أن ينظروا الى الامور الخاصة بالوطن نظره قومية وطنية تحمل فى جوهرها مصلحة البلاد العليا لأنها ملكنا جميعاً ، ونريد منهم الاستفاده من التجارب الماثله الان امام أعين العالم أجمع ، انظر أخى السياسى الى الصومال تمزق وتفرق شمله ورغم ذلك تسمع فى الاخبار أنهم مختلفون فى توزيع الحقائب الوزارية ، أى حقائب وزارية التى يختلفون عليها ، والامر الاخر أنظر أخى السياسى للعراق الان جاءت الادارة الامريكية بحجة واهيه كما تعلم ويعلم الجميع وأنتهى أمر صدام بصوره مزريه لعبت فيها المخابرات الامريكية دوراً محسوباً لتحقيق المصالح والمطامع العليا للدول الكبرى ، وبدأ نفس التوجه السياسى الكاذب داخل السودان مدعوم بأفكار سودانية تنعدم فيها الوطنية والاخلاص للوطن ومسألة دارفور التى إهتم بها الاعلام الخارجى أكثر من أى قضية عالمية وكأنها الحدث الوحيد الموجود فى العالم الان رغم أن ما يحدث فى قطاع غزه وفى أفغانستان وفى العراق وما خفى أعظم من ذلك يمثل مئات الانتهاكات الانسانية لحقوق الانسان على مسمع من المنظمات الهامشية التى تدعى حماية الانسان ورغم ذلك نجد بعض الافكار السودانية تعمل لهدم مصلحة البلاد من خلال ترسيخ مفاهيم يحتاج اليها ساسة الغرب للنيل من السودان ، وليعلم الساسة جميعاً اذا حدث وأن وضعت الدول صاحبة المصالح العليا يدها على السياسة السودانية وزال النظام الموجود الان تحت ضغط هذه الدول هل سوف يحكم هؤلاء الساسة السودان بحرية وبالمقابل هل خرجت امريكا من العراق بعد زوال نظام صدام أم هنالك مسائل أخرى ، نريد أن تكون مصلحة السودان هى العليا وأن نتحد جميعاً لتحقيق وحدة الصف السودانى لان العدو واحد مهما تعددت مداخله ، ولا سبيل لتقدم البلاد سوى الوحده والعمل من أجل التنمية لرفعة المواطن السودانى الذى اتعبه الاعياء بعد طول مسير كان هو الضحيه فى تعليمة وصحته عانى من المشاكل والامراض وشغف العيش حتى اصبح لايسمع ما يقال ولا يبالى مما يفعل وبدأت نخوة السودانى الاصيل فى طريقها الى الزوال داخلياً وخارجياً دفعته الحاجة لامتلاك حق الغير مالاً أم عقاراً وعم الفساد المالى والاخلاقى ليس فى الطبقات الدنيا بل فى الطبقات العليا وسجل الاختلاسات حافل والتعدى على المال العام أصبح مظهر من المظاهر القبيحة التى يعمل الان أهل الاختصاص والشأن للنيل من أصحابها وسط هذه الصوره المزعجه نجد الخلاف حول المنصب وحول الحكم وحول السيادة والسعى لتقسيم السودان الى أجزاء واذا حدث ذلك ماذا تريد أن تحكم أخى المناضل الذى تناضل فى موقع ليس فيه نضال ، لقد كان السودانى سياسياً ام غير ذلك انساناً تخلص نهائياً من هيمنة الواقع ورفض أن يستجيب له وحقق استقلاله بنفسه رغبة فى تحقيق ذاتية بلاده ورغم انه لم يحقق كل أهدافة الا انه حقق جميع الممكن من هذه الاهداف وبجهوده استطاع أن يدخل فى قلوب كل الافارقة والعرب علماً وأدباً كرماً وشجاعةً واصبح كل سودانى خارج بلاده شخصية محترمة مهابة الجانب يقدم لاى عمل وينجزه بهمة عالية ومقدرة سامية تفوق كل مقدرات من معه ، لانه يحمل أصاله سودانية قائمة على المبادىء والقيم الاصيله التى خلقت منه شخصية واجبة الاحترام والتقدير ، هل نحن الان فى نظر من نتعامل معهم بنفس القدر من الاحترام ؟ من هذا المنطلق نناشد أهل السياسة جميعاً أن يضعوا فى الاعتبار مصلحة السودان وأن نعمل سوياً لتذليل كل اسباب الخلاف والشقاق بيننا وأن لانسمح لاحد بالتدخل لحل مشاكلنا وان نحكم العقل بيننا وان يكون شعار السياسى قومية السودان اولاً وأخيراً وأن يبسط نظره الى أمسه ولا يقف عند يومه بل نريده أن يرسل بصره وعقله وعزمه عن طريق الغد مؤمناً بأن العمل من أجل تقدم قومه جزءً من عبادته وتقواه ، وأن نعشق الوطن عشق الجاهلى لاطلال حبيبته ، وان لا نستكين للواقع ونبرر عجزنا السياسى بالنقد الغير مفيد وأن يحترم السياسى فكر أخيه ولنعلم جميعاً أنه كان لنا أباء وأسلاف هزموا الواقع وتجاوزوه الى الممكن بل أحياناً الى المستحيل فى استبسالٍ عظيم ، فى كل أمر من أمورنا نستسلم للامر الواقع ولا نحاول التصدى له ومجاوزته الى غد أكرم وحياة أفضل ... علماؤنا مفكرونا وحكامنا وزعماؤنا وساستنا كلنا أصبحنا أسرى الواقع وبذلك فقدنا جميعاً ملكة التمييز وارادة التقدم ، نصف بلادنا مناطق تفتك بها الامراض والمجاعة وبعضها قتلها الترف وجميعهم بسطوا آيديهم وأرجلهم للواقع يطوقها بسلاسله وأغلاله ، ثم ماذا ... ؟ أقول لا بأس فلا يزال الطريق أمامنا مفتوحاً والفرصة مواتيه لكى نوقظ قدرتنا وننفق منها على حاضرنا ومستقبلنا لابراز فكر سياسى قائم على الوحده والاخاء والود والموضوعية فى النقاش وطرح الافكار وتثبيت دعائم الاتفاق الاساسية والتى تمثل ركائز وحدة السودان شماله شرقه وغربه بعد أن فقدنا جنوبه ، هذه الثوابت تكون ليست محل خلاف ولا نقاش بعيدة عن المزايدات السياسية ، وان يكون خلافنا السياسى فى فرعيات نتفق عليها حيناً ونرفضها حيناً آخر ، ولنعلم جميعاً إن أعداءنا لا يصنعون بنا أكثر من أن يحولوا بيننا وبين استخدام قدراتنا وذلك عن طريق تخويفنا وارهابنا وزرع اليأس فى نفوسنا وبث الفرقة بيننا وبكل المقاييس والاحتمالات نحن قادرون ، كذلك يجب أن نعلم جميعاً أن شعورنا بعدم الاتفاق شعور كاذب آتٍ من عدم استخدامنا لقدراتنا ، نحن فى السودان نملك الثروة ونملك التاريخ ونملك الموقع الاستراتيجى بتوسطنا للقارة الافريقية ونملك قوه بشرية هائلة وارض واسعة معطاء ومياه وافره عذبه نقيه نحسد عليها ، ونملك عقول مفكره واداره مهياه ويد عامله ومعنا القدرة على التحكم فى جميع الظروف ، نظراً لكل ذلك تحقد علينا بعض الدول ساعية لتدميرنا ، فلماذا لا نستخدم قدراتنا وافكارنا للوصول لوفاق سودانى اصيل اساسة وحدة السودان على ان يكون ذلك فى اتساق تام بين الايمان بثوابت الاتفاق وفرعيات الخلاف ولنعلم جميعاً بأن اسرائيل قد انتهت من التخطيط لخمسين عاماً مقبلة بعد الان وداست كل واقع يشل حركتها وأنها تستخدم قدراتها قدماً نحو المستقبل وهذا هو الفارق بيننا وبينهم ، واخيراً أيها الساسة يا من صنع أباؤكم تاريخ هذه الامة ويا من قهر أباؤكم الواقع وتجاوزوه بقدرةٍ وشجاعةٍ وذكاءٍ ، أرفضوا الواقع قبل أن يرفضكم الشعب .
Elfatih eidris [eidris2008@gmail.com]