إبن البادية …. سنتين علي الرحيل المرير

 


 

صلاح الباشا
17 September, 2021

 

كتبنا عند رحيله المقال التالي :
كم كان الخبر صادماً لنا ... بل مثيرا للدهشة التي تعقد اللسان ، نعم إن رحيل صلاح بهذا الشكل الفجائي هومبعث الصدمة والدهشة معاً. فمن المعروف أن الموت أقرب إلي الانسان من حبل الوريد ، فهي لحظات إن جاءك الموت فيها فإنك تغادر هذه الدنيا إلي عالم آخر ، وهي تماثل تماماً حين تنتهي من قراءة صفحة في كتاب ثم تقلبها لتفتح الصفحة الأخري .

إن رحيل إبن البادية بهذه السرعة وقد تجاوز الثمانين وكانت عافيته تنبيء بأنه موفور الصحة إلا من بعض متاعب خفيفة في القلب ألزمته السرير الابيض قبل عام أو أكثر ، هذا الرحيل قد أتي بعد أن ختم صلاح مشواره الفني في غناء كان ( Live ) بقاعة الصداقة في إحتفالية توقيع إتفاقية الحكم الانتقالي طبقاً للوثيقة الدستورية بين المجلس العسكري وقوي إعلان الحرية والتغيير ، حيث قام صلاح بن البادية بأداء أنشودته الوطنية الخالدة التي كتب كلماتها الشاعر الكبير الراحل ( مبارك المغربي ) والتي أخذت عنوان ( حب الأديم ) وتبدأ بكلمات ( ماعشقتك لي جمالك وإنت آية من الجمال ) والتي يخاطب فيها الوطن بكل جمالياته وأقاليمه وأنهاره وثرواته الطبيعية.

إن الأثر الذي تركه ابن البادية في مسيرة الأغنية السودانية سيظل خالداً في سجلات التاريخ الإنساني السوداني ، فقد كان ظهور صلاح منذ العام 1959م يعتبر نقلة حقيقية في مسيرة الاغنية السودانية ، وقد إتخذ في الحانه تنوعات موسيقية جبارة ، وكان لا يستعجل إنتشار أعماله إلا بعد تجويدها تجويداً كاملاً يقنعه هو شخصياً قبل إطلاقها للجمهور عبر الاجهزة ، شأنه في ذلك شأن بقية زملائه من عمالقة الفن الجميل الخالد وهم كثر ُ.

أما إذا تحدثنا علي المستوي الشخصي لعلاقاتنا بالراحل ابن البادية فإن الحديث هنا يكون ذو شجون ، لأنه يذكرنا بفقيدنا الراحل وفقيد الفن بودمدني الفنان الإنسان والإداري الناشط ( حسن الباشا ) مؤسس ورئيس إتحاد فناني الجزيرة وقد أشتهر بأداء كل أعمال إبن البادية وبذات طبقة صوته . ولذلك فإنني وعند إكمالي لمراسم زواجي وقد كنت وقتها مغترباً أعمل محاسبا مبتدئأ بمدينة جدة عقب تخرجي من الجامعة في العام 1974م وقد أتيت إلي السودان للزواج في مايو 1978م ببركات بودمدني ، فوجئت بأن أخي الراحل حسن الباشا قد تعاقد مع إبن البادية لإقامة الحفل ، مما جعلني أتعرف علي صلاح عن قرب ، ثم إمتدت علاقة الصداقة بيننا إلي 41 عام حتي رحيله بالأمس القريب .

وقبل عدة سنوات حينما أصدرت مطبوعتي الأولي في الفن السوداني الحديث ، أذكر أنني قد أفردت ثلاثة حلقات للتوثيق لمسيرة الراحل الفنان صلاح بن البادية من ضمن الكوكبة من الفنانين الي تضمنها الجزء الأول من السلسلة التي أخذت عنوان ( أهل الإبداع في بلادي ) وقد صدر الكتاب في القاهرة في العام 2000م حين كنت أعمل بدولة قطر مراجعا للحسابات بوزارة خارجية قطر ، ولا أنسي أن الأخ الشاعر والفنان والدرامي الكبير ( السر قدور ) هو الذي أشرف علي طباعة ذلك الكتاب الذي تم توزيعه بدول الخليج والقليل منه بالخرطوم ... وسنقوم قريبا بإعادة نشر الحلقات التي كتبناها عن الفقيد صلاح بن البادية قريباً إن شاء الله .

رحم الله الدكتور صلاح بن البادية وأكرم وفادته بجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين ، وأحسب أن صلاح من المتقين وهو المتبتل المادح والصوفي العميق والمحب لإنشاد الحبيب المصطفي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ....
وإلي اللقاء ،،،،،

 

 

آراء