إذا كنتم تحبون هذا الشعب ..اتركوه يقرر … بقلم: طلحة جبريل
29 March, 2010
talha@talhamusa.com
تتواتر الاخبار والتكهنات حول موضوع تأجيل الانتخابات قبل اقل من أسبوعين من تاريخ يفترض ان يتوجه فيه الناخبون في بلادنا نحو صناديق الاقتراع. أقول صراحة إن تأجيل الانتخابات، سواء كان مطلباً للمعارضة أو رغبة دفينة للسلطة الحاكمة في الخرطوم، ليس توجهاً صائباً.
السلطة الحاكمة يرتفع صوتها ، بل تتوعد وتهدد، بان تأجيل الانتخابات أمراً ليس وارداً. وهي تقول إن بعض المنظمات الدولية هي التي تطالب بالتأجيل، وهي منظمات جاءت لتراقب مدى نزاهة هذه الانتخابات، لا لتصوت فيها. ثم تستعمل السلطة لغة منغلقة، في رفض ما قالت إنه طلب بالتأجيل، ولا تهدد هذه المنظمات بانها ستطردها من البلاد فحسب بل أنها " ستجدع أنفها وتقطع يدها ورقابها" وتدوس عليها بالأحذية.
ما هذا ؟ هل هذا هو السودان الذي اشرفت فيه لجنة أجنبية على أول انتخابات مهدت الى الاستقلال ؟ وقبل السودانيون آنذاك، بتلك الترتيبات ووطنيتهم متأججة. بل في أوجها.
وحتى أذا سلمنا جدلاً، أن بعض المنظمات التي جاءت لمراقبة الانتخابات اقترحت تأجيلها ، هل يكون الجواب باننا سندوس عليهم بالأحذية.
هذه لغة لا تشبه السودانيين ولا يشبهونها.
لنطرح الأمور بوضوح. هل يحق لاية منظمة دولية أن تطالب بتأجيل الانتخابات ؟ وأجيب بكل وضوح، تأجيل أو عدم تأجيل الانتخابات ، شأن سوداني، ولا يحق لكائن من كان، أن يقول لنا متى نذهب الى صناديق الاقتراع، أو لا نذهب.
لكن ما هي الصيغة التي أعتمدتها بعض المنظمات لاقتراح تأجيل الانتخابات؟ وحتى لاينطبق علينا مقولة،هناك من سمع لكن قلة قرأت. عدت الى موقع " مركز كارتر" على الانترنيت، وهو أحد المنظمات التي دعت الى تأجيل الانتخابات. وجدت تقريراً كتب باللغتين العربية والانجليزية، يشير تاريخه الى انه تم تحديثه في 22 مارس، وتاريخ اعداده 17 مارس.
لنقرأ التقرير:
"لاحظ مركز كارتر، في آخر بيان له حول العملية الانتخابية في السودان، أنه وبينما تم في الواقع انجازالكثير في تنظيم انتخابات عام 2010 ، التي تمثل الانتخابات التنافسية الأولى في السودان منذ عام1986 ، إلا أن العملية ما زالت محفوفة بالمخاطر على جبهات عدة، بما في ذلك قدرة المرشحين على تنظيم حملاتهم بحرية، وتأثير تأخر التحضيرات اللوجستية من جانب المفوضية القومية للانتخابات. لقد تواصلت الحملات الانتخابية على امتداد السودان منذ فبراير 2010 ، بوجود 16000 مرشح يتنافسون على 1841 مقعدًا برلمانيًا وتنفيذياً، ورغم وقوع بعض حوادث العنف، إلا أن الحملةاتسمت بالهدوء حتى الآن، وبقيت البيئة الانتخابية العامة تعاني من تركة سنوات من القهر. إن تحسين حرية المرشحين في تنظيم حملاتهم ونشر رسائلهم الانتخابية عبر إعلام الدولة هو مسألة ضرورية.
وعلاوة على ذلك، تكبل القوانين القائمة، التي تناقض الحماية التي يضمنها دستور السودان، قدرة المرشحين والموالين لهم على التعبير عن آرائهم بحرية. لقد واجه تنظيم الحملات الانتخابية قيودًا بسبب وجود بيئة من انعدام الأمن في العديد من أجزاء القطر، بما في ذلك دارفور وشرق السودان. وانعدام الأمن هذا قد يعوق من نجاح العملية الانتخابية ويحث المركز على بذل المزيد من الجهود لتحسين الأمن في فترة الانتخابات وما بعدها.
ويوصي المركز بقوة على أن تتخذ المفوضية القومية للانتخابات والسلطات السودانية خطوات لضمان الهدوء والنزاهة خلال فترة الحملات الانتخابية لكافة المرشحين، وأن تتصدى بسرعة لأي انتهاكات قد تنشأ. إن الفشل في تحقيق ذلك يضعف الثقة في العملية الانتخابية ويعرض نجاحها للخطر.
يجب على كل فروع حكومتي الوحدة الوطنية وحكومة الجنوب المساعدة في تقديم الموارد اللازمة للانتخابات وأن تظل في الوقت ذاته محايدة تجاه الحملة الانتخابية. ونظرًا للجدول الزمني الضيق قبل بدء عملية الاقتراع، يجب على المفوضية القومية للانتخابات تقييم الوضع الحالي للتحضيرات الانتخابية، وأن تعمل في الوقت ذاته على تسريع عمل التحضيرات الأخيرة للاقتراع، وأن تقوم بتسريع عملية تثقيف الناخبين بشكل جدي وذلك من أجل إخراج الانتخابات وفقًا للمعايير المطلوبة المنصوص عليها في اتفاقية السلام الشامل. إن التحضيرات اللوجستية تعوق القدرة المحدودة للمفوضية القومية للانتخابات.وفي ظل سلسلة من التأخيرات والتعديلات في إجراءات الاقتراع، قد يلزم تأجيل عملية الاقتراع لوقت قصير. ويحث بيان
مركز كارتر المفوضية القومية للانتخابات على اتخاذ قرار، بأعجل ما تيسر، بخصوص أي تأجيل في موعد عملية الاقتراع، ليتسنى لكل ذوي الشأن الوقت الكافي لتعديل خططهم.
ويجب على الأحزاب السياسية احترام صلاحية المفوضية القومية للانتخابات، فيما يتعلق بالبت في شأن تعديل الجدول الزمني للانتخابات لأسباب عملياتية، بوصفها الهيئة المنوطة اإدارة الانتخابات".
بقراءة داخلية في هذا التقرير، سنلاحظ انه حدد النقائص وسلبيات المرحلة الحالية في التالي:
* العملية ما زالت محفوفة بالمخاطر على جبهات عدة، بما في ذلك قدرة المرشحين على تنظيم حملاتهم بحرية.
* البيئة الانتخابية العامة تعاني تركة سنوات من القهر.
* تكبل القوانين القائمة، التي تناقض الحماية التي يضمنها دستور السودان، قدرة المرشحين والموالين لهم على التعبير عن آرائهم بحرية.
بعد ذلك بوصي التقرير بالتالي:
"في ظل سلسلة من التأخيرات والتعديلات في إجراءات الاقتراع، قد يلزم تأجيل عملية الاقتراع لوقت قصير" وبالتالي " يحث ... المفوضية القومية للانتخابات على اتخاذ قرار، بأعجل ما تيسر، بخصوص أي تأجيل في موعد عملية الاقتراع".
ما جاء في التقرير ليس سوى وجهة نظر بشأن الظروف التي تجري فيها حالياً الحملة الانتخابية، ويضع بناء على ذلك قرار تأجيل الانتخابات في أيدي المفوضية ويحثها على اتخاذ قرار عاجل إذا ما قررت التأجيل.
هذا رأيهم وتحليلهم ، بناء على تقارير مراقبيهم. وهو سيبقى " رأياً وتحليلاً" ليس إلا.
هل كانت وجهة النظر هذه تتطلب رد فعل غاضب وسورة غضب تجاه ما قيل؟
وكانت الانباء تناقلت قبل ذلك وجهة نظر أدلى بها احد مسؤولي " مجموعة الازمات الدولية" الذي قال بالحرف " كل الاحتمالات واردة في الثلاث اسابيع وهذه هي خطورة الوضع في السودان ذلك ان ثلاثة اسابيع لا احد يستطيع ان يتنبأ او يجزم بتطورات الاوضاع ،من المحتمل جدا ان تنسحب القوي السياسية اذا حدثت اي تجاوزات في المرحلة الاولي او حتي اذا فهمت انها لن تفوز باي حال من الاحوال،هناك ضغوطات علي الحركة الشعبية من المؤتمر الوطني ومن بعض القوي الاقليمية لسحب مرشحها للرئاسة وكما اعلنت الحركة الشعبية ان ياسر عرمان قبل ان يقوم باي دعاية سياسية معه 4 مليون ناخب واحتمال فوزه وارد بصورة كبيرة اذا جرت الانتخابات في جو سليم، السؤال هنا اذا فاز ياسر عرمان سيشكل مع رئيس حكومة الجنوب الحكومة المركزية اذا سيصير رئيس حكومة الجنوب هو النائب الاول له فهل سيسلم المؤتمر الوطني السلطة الي الحركة الشعبية او الي الحزب الفائز ،دعني اقول لك مثالا اذا فاز ياسر عرمان علي سبيل المثال هل نتوقع ان يسلمه المؤتمر الوطني السلطة وان يصبح القائد العام للجيش خصوصا اذا انفصل الجنوب؟،هذه اسئلة خطيرة للغاية من تداعيات الاوضاع بعد الانتخابات مما يجعل البعض يشعر بان عدم فوز المؤتتمر الوطني هو بداية حلقة عنف اشرس من القوي السياسية ومن الشارع الذي يحتمل ان يحتج اذا فاز المؤتمر الوطني هذا من ناحية ومن ناحية اخري احتمال ان ينهار الاتفاق الاطاري ووقف اطلاق النار في دارفور وبالتالي الانتخابات ستكون مهددة عسكريا في دارفور وهذا ليس في مصلحة المؤتمر الوطني لاسباب عدة ".
ومن هذه التصريحات نفهم، ان المجموعة تخشى ما بعد اعلان النتائج، إذا لم تكن لصالح " المؤتمر الوطني".وفي ظني ان هذه أيضاً وجهة نظر غير ملزمة لأحد.
إزاء ذلك أقول، إن من حق المراقبين أن يقولوا ما يشاؤون ويكتبوا ما يعتقدون، لكن لا يجوز أن تتحول الامور الى سورة غضب عارمة مقرونة بالتهديد بطرد هؤلاء المراقبين.
هل كنا نعتقد ان هؤلاء المراقبين، يجب ان يكيلوا الثناء لادائنا الانتخابي، ولاشيء عدا ذلك ، ونحن ندرك أن بعض ما قيل يعيشها الناس في ايامهم هذا، ولا يحتاجون الى من يقوله لهم.
كنت أعتقد، أن السلطة الحاكمة في الخرطوم، لديها القدرة ان تدافع عن نفسها وعن حيادها، وهو حياد يتطلع اليه الجميع، لا أن تهدد وتتوعد، ذلك لن يضع حدا للوساوس والشكوك، حول النزاهة المطلوبة.
إننا ندخل هذه التجربة بعد عقدين من الحكم الشمولي ساد فيه القهر والتسلط. هل يمكن ان ننكر ذلك؟ السلطة في اعلى مستوياتها اقرت حتى بوجود " بيوت الاشباح" ، والآن طالما أن الجميع حكومة ومعارضة وضعوا البنادق جانباً وقرروا استبدالها بصناديق الاقتراع، أليس من باب الشجاعة والمروءة إحاطة العملية برمتها بكل ضمانات الشفافية والنزاهة.
منذ استقلال البلاد، وكل القوى السياسية تقول إنها تمثل هذا الشعب، لماذا إذاً لا تتركوا هذا الشعب أن يختار؟ وأن يرضى الجميع بهذا الاختيار، وفقاً لقاعدة ديمقراطية واضحة، تقول إن الأغلبية التي يختارها الشعب هي التي تتولى الحكم، والآخرون يتبوأوون مقاعد المعارضة.
كلكم وطنيون، لكن الشعب فوق الجميع، ليتكم تدركون ذلك. ليتكم تفعلوا.
"الأحداث"
مقالات سابقة
جميع المقالات السابقة والمنشورة في موقع الجالية السودانية في منطقة واشنطن الكبرى يمكن الاطلاع عليها عبر هذا الرابط
http://www.sacdo.com/web/forum/forum_topics_author.asp?fid=1&sacdoid=talha.gibriel&sacdoname=%D8%E1%CD%C9%20%CC%C8%D1%ED%E1