إستهداف الحركة الشعبية لقيادات النوبة وإعتقال اللواء تلفون كوكو فى مطار جوبا

 


 

 

بقلم: آدم جمال أحمد  -  سدنى – استراليا

 

 فوجئت الأوساط النوبية والساحة السياسية السودانية بإعتقال القيادى البارز بالحركة الشعبية قطاع جبال النوبة اللواء تلفون كوكو جلحة وإقتياده قسراً الى جهة غير معلومة .. من قبل إستخبارات الحركة الشعبية والجيش الشعبى لتحرير السودان فى مطار جوبا ، والذى جاء متناقضاً لمواقف الحركة وتصريحات مسئوليها فى ظل دولة القانون والمؤسسات بعد تحولها من حركة ثورية الى حزب سياسى جماهيرى عريض ، ودعوتها الرامية الى نبذ سياسة الإعتقالات التعسفية وإسكات كل صوت يصدى بالحق وتحمل الرأى الأخر وخاصة ما شهدته الفترة الأخيرة من إنفراج سياسى وتحول ديمقراطى ، وهذا الإعتقال بدوره يعتبر تجاوزاً وتهميشاً لدور الحركة الشعبية وقياداتها فى منطقة جبال النوبة .. وأيضاً جاء متناقضاً لقرار الفريق سلفاكير رئيس الحركة الشعبية .. والقائد الأعلى للجيش الشعبى لتحرير السودان الشعبية  الذى لا يحظر أى نشاط أو عمل سياسى ينادى بالتغيير فى جنوب السودان أو فى أوساط الحركة لشعبية ، وهذا قرار يحمل فى طياته مكر وخطورة.

 

 الاستخبارات العسكرية والجيش الشعبى لتحرير السودان وقيادات الحركة الشعبية التى قامت بإعتقال اللواء تلفون كوكو فى مطار جوبا ، تسوق مبررات واهية وأسباب غير منطقية أو عقلانية بحجة التحفظ عليه  وذلك لمنع وعدم تسرب بعض المعلومات والأسرار العسكرية الخاصة بالحركة الشعبية وجيشها الى ندها ( الصديق الودود ) المؤتمر الوطنى ، وهى فى تناسى تام بأنها أصبحت الوجه الأخر للمؤتمر الوطنى وخاصة بعد أن إتمام عقد القران العرفى فى ظل تبادل سياية المصالح المشتركة بينهما بدءاً بنيفاشا وختاماً بالانتخابات الأخيرة وتقاسم الدوائر الجغرافية والفوز بهما بأن  يسيطر هذا على الجزء الشمالى وذاك  على الجزء الجنوبى من البلاد ، والحركة الشعبية تعتبر حركة  مكشوفة وضعيفة على المستوى المحلى والعالمى ، فليست لها أسرار محفوظة تخشى تسربها لأنها بمثابة كتاب مفتوح أو كالبيت الخرب ( راكوبة خريف ) ، فكيف تخشى اللواء تلفون كوكو وهى لقد قامت بتنفيذ وتمرير وتسهيل الكثير من القوانين والملفات لشريكها المؤتمر الوطنى ، وهى من الملفات المسكوت عنها فى أدبيات الحركة الشعبية ، ولكنها دعوة حق اريد بها باطلاً.

 

لا بد أن نستنكر حادثة إعتقال اللواء تلفون كوكو .. لأنه يعتبر تصرف بربرى لا يليق بمكانة الحركة الشعبية وعمل إجرامى لا يرتقى الى مستوى المسئولية ، وفيه نوع من الإستخفاف وعدم إحترام لقيادات النوبة بالحركة الشعبية ، لأن الجنوبيين للأسف الشديد وخاصة الدينكا منهم ما زالوا يعتبرون النوبة جزءاً من ممتلكاتهم الخاصة داخل الحركة وأن النوبة وقياداتهم أتباع عليهم الإنقياد والطاعة والإذعان وهذا فهم خاطئ ، ولا بد للنوبة بالحركة الشعبية من تصحيح هذه المفاهيم والتعامل بالند مع الجنوبيين حتى لا تتكرر التجربة المريرة والتى ما زالت عالقة بأذهان كل النوبة .. حادثة إعتقال خيرة قيادات أبناء النوبة أمثال عوض الكريم كوكو ويونس أبوصدر ورفاقهم بالجنوب وأخيراً تصفيتهم ..

 

وهذا يؤكد ما كنا نرمى اليه ونشير له مراراً ونحذر منه لشكل عقلية التآمر ونوايا الحركة الشعبية ( الجنوبيين ) ومخططاتهم الرامية الى إستهداف قيادات النوبة والمساومة بقضيتهم وإهمال مطالبهم العادلة والمشروعة ، بعد أن إكتشفت نقاط ضعفهم ، فلذلك هى تعمل جادة وبل تسعى بكل السبل للمرواغة وكسب الوقت لإستجداء عواطف أبناء النوبة للوقوف الى جانب صفهم فى هذه المرحلة التى تعتبر ذات أهمية قصوى لتحقيق هدفهم عبر صناديق الاستفتاء لتحقيق حق تقرير مصيرهم وتكوين دولة خاصة بهم بعد إستغلال النوبة وإتخاذهم مطية فى تحقيق أغراضهم ، كما يصرح بها بعض الوزراء والمسئولين بالحركة الضعبية فى مجالسهم الخاصة .. ومن خلال الأجندة الخفية التى وضعتها وخَُطط لها عبر. 

 

الحركة الشعبية ( الجنوبيين ) أصبحت تخشى اللواء تلفون كوكو فى الفترة الأخيرة من خلال تصريحاته ومقالاته وتحركه وسط الصف النوبى والمطالبة بحقوق جبال النوبة وظلم الجنوبيين للنوبة ومساومتهم بقضيتهم والمطالبة بإنسحاب جيش النوبة الذى قوامه أكثر من عشرة الاف جندى .. خاصة من خلال إجراءاته لاتصالات واسعة مع الكثير من قادة النوبة فى الجنوب وتحريضهم بالرجوع مع قواتهم الى جبال النوبة ، لأن الجنوب يتجه نحو الانفصال وكذلك مطالبته بإقامة حوار جامع مؤتمر للنوبة ( سكان جنوب كردفان ) وإجراء مصالحة بين قيادات النوبة ، فلذلك أصبح تلفون كوكو يؤرق مضجع الحركة الشعبية فى هذا الوقت العصيب ، بعد أن أدركت الحركة الشعبية تذمر النوبة وعلو أصواتهم عبر المنابر والصحف بظلم الجنوبيين للنوبة ، فأصبحت الحركة تخشى تذمر النوبة ورجوع الكثير من القيادات والقاعدة من أبناء النوبة الى صوابهم ورشدهم ، بل والردة بالحركة الشعبية ، وهم يرون تأهب شرائع سفن إنفصال الجنوب تستعد للابحار جنوباً بعد إختزال مشروع السودان الجديد التى خدعت به الحركة الشعبية كل الشعب السودانى فى حق تقرير المصير وإنفصال الجنوب.

 

 فلذلك لا بد من مطالبة السلطات المختصة بالحركة الشعبية وخاصة القائد الفريق سلفاكير بإطلاق سراح اللواء تلفون كوكو فوراً ، والتحرى فى الأمر ومعاقبة إستخباراته والجيش الشعبى لتحرير السودان لهذا التصرف الإجرامى البربرى ، ونخشى بأن لا تكون النية أصلاً ( مبيتة ) .. وأن لا تكون هناك جهات أو أشخاص نافذين داخل صفوف الحركة الشعبية وراء أمر الاعتقال ، حتى لا يتكرر المشهد حينما قامت الحركة الشعبية بوضع اللواء تلفون كوكو رهن الإقامة الجبرية لمدة تفوق الثلاثة اشهر بجوبا عندما أستدعى من قبل القائد سلفاكير ، فلولا تصريحات تلفون كوكو التى جعلت الحركة تخشى عواقبها ، والتى أطلقها قبل ذهابه الى جوبا بأن لا تكون هناك مؤامرة بتصفيته أو إغتياله من قبل الحركة الشعبية بالجنوب ، فلذلك قامت بإطلاق صراحه.

 

ولكن ما يحير هو عدم وجود أى رد فعل عنيف أو ضجة إعلامية من أبناء النوبة داخل صفوف الحركة الشعبية ، والصمت الرهيب للأجسام المختلفة الساسية والثقافية والاجتماعية والتى أقعدها وأضعف بموقفها تفشى الصراعات والخلافات فى وسطها ، ونراها تغرد خارج السرب النوبى وتسبح بحمد الحركة الشعبية با لاتجاه جنوباً وتارة بالكونفدرالية ، وتتدعى بأنها تمثل تمثل النوبة سواء كانت بالداخل أو الخارج ، حتى تدين أو تستنكر حادثة الاعتقال هذه ، وفى مقدمتهم قيادات النوبة بالحركة الشعبية بإتخاذ موقف شجاع وبعث رسالة شديدة اللهجة لقيادة الحركة الشعبية والجيش الشعبى بإطلاق سراح اللواء تلفون غضون ساعات ، وإلا سوف تكون هناك ردة فعل قوية ..  التعامل بالمثل بأن نعتقل قياداتهم الجنوبية ، حتى لا تتجرأ الحركة الشعبية وجيشها الشعبى أو إستخباراتها العسكرية مجرد التفكير فى إعتقال أحد قيادات أبناء النوبة ، وبأن لا تطال النوبة مرة أخرى ، وبأن اليد التى تمتد للمساس بالنوبة وقياداتهم تقطع ، ولكن للأسف ما زلنا نعيش نوع من الضعف والهوان والذل لعدم وجود رؤية منسقة وآلية مناسبة أو عناصر مناسبة لخوض خمار المرحلة الحالية والقادمة ، فلذلك أصبحت جبال النوبة ( بوابة بدون بواب ) ، بالرغم بأن جبال النوبة تمتلك الإمكانيات المادية والبشرية ، ولها قيادات فاعلة وعقول منيرة ولقيادى واعى ورشيد لجمع الصف والكلمة لخلق عناصر وآلية قوية تجتهد فى تحقيق الغاية المقصودة .. والأهداف المرجوة.

 

وسوف أتناول فى هذه المساحة نبذة تعريفية عن تلفون كوكو جلحة لأن هناك الكثير من أبناء النوبة وجمهور القراء يجهلون الكثير عن هذا القيادى وأعطاؤه المتواصل دوماً لجبال النوبة ، فهو من أبناء ريفى البرام ( منطقة طروجى ) ، خريج مدرسة طلحة الزراعية الثانوية ، عمل بمؤسسة جبال النوبة الزواعية بكادقلى ، كان ينبغى ان يكون داعية بمنظمة الدعوة الاسلامية بتوصية من يوصية من المرحوم القائد يوسف كوة ، كما كانت المنظمة تسعى الى إيجاد منحة جامعية له بإحدى الجامعات السعودية قبل أن ينضم الى الحركة الشعبية ، كان تلفون يقود مشعل النور بجبال النوبة ، إذ كان مهتماً بفتح المدارس وفصول محو الأمية ، ووجد فى ذلك مقاومة من بعض التجار المحليين ومراكز القوى الذين أوغروا صدر الجهات الرسمية بالمنطقة عليه ، وألبوا عليه الناس ووصموه بالعنصرية ، وتم إعتفاله لأكثر من مرة ، مما دفعه الى الإنضمام للحركة الشعبية فى ذلك الوقت ، وكان معه فى نشاطه بجبال النوبة عبدالباقى على قرفة وعبد السلام تيه .. اللذان صبرا ولم يتمردا .. الأول أصبح عضواً بالمجلس الوطنى عن دائرة البرام والثانى رئيساً للمجلس المحلى بالمنطقة فى إنتخابات 1996 م. والثلاثة هم كل من بلغ فى تعلينمه المرحلة الثانوية من جملة 65 ألف نسمة هم سكان ريفى البرام .. لقد منع تلفون كوكو قوات ىالحركة الشعبية ( المتمردون ) عند دخولهم أم دورين من تدمير مجمع منظمة الدعوة الاسلامية أو قتل حارسه ، وقد ظل على حاله حتى تم تحرير المنطقة .. وتلفون هو أول محارب من أبناء جبال النوبة يدخل جبال النوبة ، وأصبح مؤخراً قائداً لمنطقة البرام حتى تحريرها من قبل القوات المسلحة ضمن عمليات صيف 1994 م ، وأتهم من قبل الحركة بأنه سلم منطقتة الى قوات الحكومة ، ولم يدافع عنها فى ذلك الوقت ، فتم إعتقاله وأودع سجن الحركة.

 

فكان لزاماً علينا أن نوضح هذه الحقائق بكل شفافية ونكشف دواعى الاعتقال وما سيق من مبررات واهية والتى تعتبر كلمة حق أريد بها باطلاً ، فأين كانت قيادات الحركة بجبال النوبة ولماذا لم تتحرك ؟.. ولماذا لم نسمع بيان تنديد أو إستنكار من وسط الأجسام النوبية ؟.. لماذا جاء هذا الإعتقال البربرى فى هذا التوقيت وما الهدف الحقيقى من ورائه ؟.. لذلك نحن بدورنا نحذر الحركة الشعبية وجيشهاها  الشعبى وإستخباراتها من مغبة التلاعب والخداع لأبناء جبال النوبة وإعتقال قياداتهم ، ونراها لقد دأبت الحركة الشعبية ( الجنوبيين ) على تخدير النوبة والآخرين بإعطائهم جرعات ( كبسولات ) بما يشبه ( الموت السريرى )  لتحقيق الأغراض والأهداف التى تخدم مصالحها وهواها وهوى النفعيين والطفيلين من حولها ومريديها من الساسة ، كما خدعت الشعب السودانى بأسره بمشروع السودان الجديد.

 

من هنا نناشد الفريق سلفاكير ونطالب حكومة الجنوب بإطلاق سراح اللواء تلفون كوكو ، والتحقيق العادل والنزيه الى هذه المخالفات والتجاوزات التى لا ترتقى الى ما تنادى به الحركة الشعبية فى ظل سياسة الإنفتاح والتحول الديمقراطى والإنفراج السياسى وتحمل وتقبل الأخر والنقد ، وأن يردع كل من متجاوز لحدود القانون وحقوق الإنسان من الجيش الشعبى والإستخبارات العسكرية ، حتى لا تتنصل الحركة الشعبية قطاع الشمال وتخلط الأوراق وتصرح بأن الجهة التى قامت بإعتقال اللواء تلفون كوكو هى الجيش الشعبى لتحرير السودان الجناح العسكرى وليست الحركة الشعبية الجناح السياسى ، وهذا يعتبر قمة التناقض فى المواقف والحكم على الأشياء ، لأن الحركة الشعبية جسم غير قابل للتجزئية والجناح السياسى لا ينفصل عن العسكرى والقائد المسئول عنهما هو الفريق سلفاكير الذى يصدر التعليمات والأوامر والجناح العسكرى يتحرك وفقاً لرؤية وخطط الجناح السياسى ، فلا تكيلوا الأمور بمكيالين .. فلذا لا بد من ردع كل من تسول له نفسه الإنتقاص من هيبة جبال النوبة أو المساس بقياداتها ، حتى لا يستغل الجيش الشعبى سلطتها الرسمية لتحقيق بعض المأرب الشخصية مكافأة لها فى خدمة الحركة وقياداتها الجنوبية ، لأن إشكالية الحركة هى إشكالية مركبة ما زالت تعيش وتغوص فى عهد المراهقة السياسية الشمولية ، فلم تستوعب بعد أبعاد المرحلة الإنفتاحية الجديدة بعد الانتخابات وظهور النتائج.

 

 

Adam Gamal Ahmed [elkusan67@yahoo.com]

 

آراء