عندما نورد نص من كتاب" المحبوب عبد السلام "عن العشرية الأولى لعهد الإنقاذ، ليس لأنه صاحب وثيقة مُحايد أو خبير، ولكنه رأي من شخص كان قيادي ينتمي للإخوان المسلمين، وكان مرابط داخل القصر الجمهوري طوال عشرة سنوات من عمر سلطة الإخوان المسلمين ، وكان واحداً من المستترين من قادة التنظيم. ولم يحاول أن ينتقل خارج السلطة إلا بعد استبعاد الأمين العام للتنظيم عام 1999لصالح التنظيم العسكري لسلطة الإخوان المسلمين.
(2) وقد أورد في كتابه الذين أشرنا إليه- ص 96: { كان تفويض مجلس شورى الحركة الإسلامية، ثم هيأة شورى الجبهة الإسلامية قد انتهى إلى الأمين العام، الذي اختار ستة من كبار قادة الحركة وأعلامها المعروفين بسابقتهم وكسبهم القيادي المتصل. مثّل سبعتهم القيادة الشرعية ذات التفويض، الذي استصحب شورى الأجهزة الرسمية والشورى غير الرسمية التي تولاها الأمين العام، كان قرار الانقلاب لاستلام السلطة } وأضاف الكاتب هامشاً على ذات الصفحة السابقة: { أدى القسم ستة من قادة الصف الأول للحركة الإسلامية أمام الأمين العام بكتمان سر التغيير وأداء أماناتهم ورعاية عهد الحركة الإسلامية، مهما اشتد عليهم في الابتلاء، وهم: علي عثمان محمد طه، علي الحاج محمد، ياسين عمر الإمام، عوض أحمد الجاز، وعبدالله حسن أحمد، وإبراهيم محمد السنوسي.} من المصدر السابق – ص 97: { بعد أخذ القسم المغلظ من أعضاء القيادة الستة أمام الأمين العام، ثم التداول لوضع خطة الانقلاب الفنية والسياسية واختيار أعضاء مجلس الثورة الذين سيظهرون ويشهرون اسمها. يتقدمون باسم القوات المسلحة لإنقاذ البلاد. أما وجه الحركة المدبّر من وراء ذلك فينستر ويجري عليه ما يجري على بقية الأحزاب، فالأمين العام سيعتقل شأن القائد الأول من كل حزب ومعه واحد من الستة، وسيحفظ ثالثٌ خارج البلاد، وسيباشر اثنان العلاقة سراً مع قائد الانقلاب، والملتزمين من العسكريين، ليبقى اثنان للشورى والاحتياط. اتفق كذلك، في إطار تعديل الخطة، أن يبقى الأمين العام شهراً في المعتقل، تؤول فيه كل سلطته ولا سيما تفويض الحركة الإسلامية، وولايته المباشرة على الأجهزة الخاصة والمال إلى نائب الأمين العام، البذي سيرأس إدارة الحركة والدولة بهذا الاعتبار، مهما تكن واجهة العلن العسكرية والتشريعية في مجلس الثورة، السياسة التنفيذية في مجلس الوزراء، فإن مركز القرار يبقى عند الحركة، تتولى اتخاذه وتحاسب على إنفاذه .}
(3) ليس لخلاف في الرأي نطالب بإقصاء أحزاب الإخوان المسلمين في السودان، بل لأنهم مارسوا الإقصاء على الآخرين، بل سجنوهم وعذبوهم واغتصبوا بعضهم وقتلوا منهم ما شاءوا، طوال 30 عاماً. وتقلدوا مناصب السلطة الإقصائية وصمتوا على فصل الكثيرين من الخدمة في القوات النظامية والدبلوماسيين والقضاة وكثيرين من متقلدي الوظائف في الخدمة العامة. تعددت أسماءهم: حزب المؤتمر الوطني – الحركة الإسلامية – حزب المؤتمر الشعبي – الإصلاح والتغيير،.... وكل الأحزاب التي شاركت الإخوان المسلمين السلطة المسروقة بليل.
(4) صمت " علي الحاج محمد" على تعيينه ضمن الستة أشخاص المنوط بهم تخطيط الانقلاب، بل وتم في عهده حل وزارة الأشغال وصادر المبنى ليكون وزارة الحكم اللامركزي، وهو من الستة الذين قاموا بالتخطيط للانقلاب، عندما تم طرده من السلطة بعد عشر سنوات مع الأمين العام فيما سمي بالمفاصلة. وأول ما صرّح به" علي الحاج" في قناة الإمارات أنه قال( لقد تبنا من الانقلابات). يريد أن يوهمنا بأنه تاب بعد تثبيته سلطة الإنقاذ عشر سنوات!. إن الذين حملوا الإسلام على أسنة الرماح كانوا أشتات متنوعة. رضوا بالانقلاب العسكري ليغرفوا من نعيم إقصاء الآخرين. ودرّعوا النظام بترسانة من القوانين الأمنية وقوانين النظام العام، والتستر على التجاوز لحقوق الإنسان. وبعد كل ذلك التجاوز الرهيب في حقوق الإنسان، يريدون أن يقتسموا ثمرات التضحية التي قدمها الشعب، ويقدمون أنفسهم كبديل. وأول ما سمعوا عضو المجلس العسكري، يقول ( أن لا إقصاء لأحد)، حتى جلسوا مع الجالسين يطلبون ثمرات انتمائهم للإخوان المسلمين. وبدأوا يطالبون مثل غيرهم.
(5) لقد انتهت مقولة ( عفى الله عما سلف ). لقد نصروا الشيطان في أفعاله، يهللون ويكبّرون رافعين أصبع السبابة، مع الإخوان المسلمين في المنشط والمكره. لم يعرفوا معاناة الشعب وتصاعد غير المؤهلين إلى وظائف الدولة بلا مقومات. انتشروا في الوقت الذي شرد المواطنون الأحرار من تربة وطنهم. تسلقوا هم سلطة النظام، وصاروا سلطة تغض الطرف عن تجاوزات رجال الأمن أو رجال النظام العام. واغتنوا بينما يعيش كل الشعب في عوذ. جمع الإخوان المسلمين كل ألوان طيف الإسلام السياسي، من أكثرهم سلمية إلى نشوز بعضهم لتكفير الآخرين والإرهابيين. والتمس بعضهم أن ينتمي لعصابة ( علماء السودان) ، يفتون للسلطة ما تريد، وكيف تريد. فكيف نقبل بأن يكون المنتمين للإخوان المسلمين شركاء في ثورة الشعب؟ * فليتحمل قادة حركة الإخوان المسلمين، وزر إقصائهم الآخرين. وكافة التجاوزات لحقوق الإنسان. وفاتتهم فرصة الاعتذار للشعب، فقد وقفوا ضد الشعب ومع النظام الدكتاتوري القمعي. بعد أن كان الشعب الطيب يخفض جناح الذل من الرحمة في وجه العقوق، ويقبل ولو قليل من الاعتذار.
عبدالله الشقليني 15 أبريل 2019 alshiglini@gmail.com