إلى دعاة السودان الجدد

 


 

 


انه لم يكن عيباً ان يتحرر الانسان عن كل اشكال الاستعمار والوانه سواء كان اقتصادياً او ثقافياً أو احتلالاً. لم تكن بدعة ان يرجع الانسان الى جذوره واصوله مستمداً ثقافته ودينه  وتقاليده  من تلك الجذور اذا كانت هي الافضل بمنطق العقل والعلم، لم يكن ذلك عيباً، لكن العيب كل العيب ان يستبدل الانسان مستعمراً بمستعمر ،وثقافة بثقافة ، وديناً بدين ، ليس له ماا يميزه عن غيره الا الاستعمار نفسه وفرض الثقافة والاستغلال والتبعية ، وهذا ما يفعله دعاة السودان الجديد هذه الايام وذلك بثورتهم على الثقافة الاسلامية والعربية وتحاملهم عليها ووصفها بانها ثقافة مستعمر مسترق وهي تخص العرب المسلمين وحدهم متخذين اللغة الانجليزية والثقافة الغربية والدين المسيحي بدائل لها . نقول لهم اذا سلمنا ان العرب المسلمين والاوروبيين كلاهما مستعمر ! فلنستعرض سيرة كل مستعمر ،  ماضيه وحاضره حتى نتبين اي الاستعمارين افضل.
فالعرب المعروف عنهم لم يدخلوا ارضاً طلباً للمال والرجال لكنهم كانوا اصحاب ثقافة ودين أرادوا نشره في كل العالم لم تكن افريقيا المعنية وحدها بذلك وحتى تتحر البشرية عن كل انواع الرق ولتصبح العبودية لله وحده لا فرق فيها بين اسود وابيض  وعربي وعجمي الا بالتقوى وصالح العمل . وبهذه الثقافة كان الاسلام بداية الانطلاقة نحو البحث العلمي والفكر والاختراع ومنذ ذلك التاريخ لم تنتكس الحضارة الاسلامية حتى اليوم ، جاء الاسلام لكل الناس ولم يكن للعرب وحدهم  ولذلك وجد قبولاً عالمياً ، ومنذ بدايته بدأ عالمياً والا ما كان لبلال الحبشي ان يكون من صحابة رسول الله واليه اقرب من ابي لهب عم النبي (صلى الله عليه وسلم) والذي يصلى ناراً ذات لهب، وما كان سلمان الفارسي من اهل بيت النبوة وابو طالب عم النبي من اهل النار ، ولما كان اصحاب صحاح الحديث  الست منهم اربعة من غير العرب  ، وحسن البصري الذي تمر به كثير من اسانيد الحديث  واليه يرجع علم التصوف نوبي الاصل . ولو كان الاسلام يخص العرب ما كان للمسلمين ان يكونوا مليار ومائتين مسلم منهم مليار من غير العرب ، لم يكن المسلمين تجاراً للرقيق ولم يكن من اهداف الاسلام استرقاق الناس بل كان من اهدافه ان يكون الناس عبيداً لله وحده متحررين عن كل ما سوى الله ولذا شجع على تحرير الارقاء وجعل من العمل الصالح والقربى الى الله وكفارات الذنوب  عتق الرقاب، ولا ننسى ان تجارة الرقيق كانت سلوكاً في ذلك الزمان وقبله ، فبيع يوسف بن يعقوب رقيقاً وبيع سلمان الفارسي رقيقاً كما بيع صهيب الاوروبي رقيقاً  وكذا  بلال الحبشي ، فالاسلام اتى للتحرير ولم يات للتعبيد والا فاروني  كم اخذوا معهم لجزيرة العرب ، والصحيح الذي يدحض تلك الافتراءات  انهم لم يرجعوا من حيث اتوا آخذين معهم العبيد مكبلين بالسلاسل ،  بل ذابوا في تلك المجتمعات تزاوجاً وتصاهراً واختلاطاً وخير مثال  هذا السودان الذي لا تستطيع ان تميز فيه ما بين قبائله ، واذا كانت هناك بعض الممارسات الشاذة من بعض الافراد فانها ليست  من الدين في شيء.
لم يات العرب المسلمون ليميزوا او يمتازوا على الآخرين ، لم يكن للعرب مساجدهم الخاصة ولم يكن لهم انديتهم الخاصة  ولا مقابرهم الخاصة ، فالمسجد للجميع يتساوى فيه الكتف مع الكتف والقدم مع القدم  لا فرق بينهم بسبب مال او وظيفة  او عنصر ، بل تسوية الصفوف من تمام الصلاة ، هذه سيرة العرب المسلمين .
فتعالوا نستعرض سورة المستعمر البديل السودان الجديد والذي حكم السودان لاكثر من خمسين عام ، وجد الناس عراة مهمشين وخرج وتركهم عراة مهمشين بل زادهم تهميشاً  بقانونه الجائر ، قانون المناطق المقفولة والذي لم نسأل انفسنا لماذا مقفولة؟ ومن من مقفولة ؟ فاذا كانت التهم الموجهة ضد العرب المسلمين قابلة للتحري والحيثيات والنفي والاثبات ، فالثابت الذي لا يقبل النفي ان الاوروبيين جاءوا  لافريقيا من اجل المال والرجال وقد مارسوا اكبر تجارة للرقيق في التاريخ الحديث  جلبوا خلالها 30 مليون شخص من افريقيا لامريكا شروهم بضاعة وتجارة ترعاها الدولة ومحمية بالقانون والذي الغي  قبل مائتين عام فقط ولا يزال التمييز العنصري ساري حتى اليوم وما حادثة الكاتب الكيني الذي رفض ان يستقبل في احدى الفنادق الامريكية بحجة انه اسود ببعيدة ، وان ننسى  لا ننسى أطفال السودان الذين باعتهم فرنسا بدراهم معدودة ! وقد شهد كل العالم على ذلك حتى الدين الذي من المفترض ان يتساوى فيه البشر لم يتساووا ، فللبيض كنائسهم ، وللسود كنائسهم ، وللبيض مقابرهم ، و للسود مقابرهم اضف الى ذلك الممارسات الشاذة للاساقفة داخل الكنائس وقد اوردت الصحف ان الاسقف الامريكي (جين روبنسون) مصمم على الزواج من شريكه الشاذ ! فلك ان تختار ما بين ثقافة هذا حالها يتزوج الرجال فيها الرجال ولا يتساوى الناس فيها داخل الكنائس  ولا حتى بعد الموت في المقابر ، وثقافة حرمت الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق ، ثقافة تقول (انما المؤمنون اخوة) ، (لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خيراً منهم ولانساء من نساء عسى ان يكن خيراً منهن) ، فاختاروا ولا تكونوا كالمستجير من الرمضاء بالنار ، تحرروا عن كل ماهو  اجنبي وارجعوا لجذوركم واصولكم ان كان لكم فيها خير  فلا علاقة لكم بالثقافة الغربية من قريب او بعيد  والحر من يقول ها أنا ذا ،  وعزاؤنا ان في هذا النفق المظلم الذي يريد دعاة السودان الجديد ان يدخلونا فيه هناك بعض الاضاءات المتمثلة في  آراء بعض الوطنيين من الجنوب والشمال المدركين لخطورة هذه الدعوة على وحدة السودان وتراثه ، فقد كتب (بيتر جانكون) برقم الموبايل 0129668151 كتب في صحيفة الانتباه قائلاً : لست معجباً من وضع الصحيفة لصورة الفريق سلفاكير  في الصفحة الاولى بطاقية الرعاة الغربيين  فهذه الطاقية لا تمثل التراث في الجنوب ولا الشمال  والفريق يعرف ان الرعاة يلبسون ريش النعام في الجنوب فلماذا يتشبه بالمستعمر فهذه الطاقية لا مزايا لها سوى التقليد . انتهى كلام المواطن الجنوبي .
والحمد لله والسودان بخير

الشيخ احمد التجاني البدوي
شيخ  السجادة التجانية/ الرهد  
ahmedtijany@hotmail.com

 

آراء