إنسحاب العطية وسقوط الدبلوماسية الإنقاذية

 


 

 



المتتبع لما حدث فى الآونة الأخيرة من شد وجذب وأقاويل حول المرشحين لمنصب أمين عام جامعة الدول العربية خلفا للسيد عمرو موسى الذى قضى فى المنصب عشرة أعوام وينوى الترشح لرئاسة الجمهورية فى مصر ، يلاحظ ان قطر كانت قد رشحت السيد/ عبد الرحمن العطية لتولى المنصب بينما مصر وهى دولة المقر كانت قد رشحت الدكتور/ مصطفى الفقى . وعلى إثر ذلك قامت السودان ممثلة فى وزبر خارجيتها بالإعتراض على ترشيح الدكتور/ مصطفى الفقى بحجة أنه كان قد أساء إلى السودان ورئيسها عمر البشير !وفى نفس الوقت رحبت بترشيح العطية !
الدبلوماسية الإنقاذية ولا أقول السودانية لأن زمن الدبلوماسية الحقيقية فى السودان فى نظرى قد إنتهى مع صافرة وصول الإنقاذيين إلى  سدة الحكم فى السودان .
عند قيام جامعة الدول العربية ، إعترضت لبنان على عضوية السودان بحجة انه ليس بلدا عربيا كامل الدسم . ولكن رد السودان ممثلا فى خطاب ألقاه السيد/ محمد أحمد محجوب كان من البلاغة والفصاحة العربية ما جعل مندوب لبنان يعتذر ويقر بعروبة السودان " بيان بالعمل " كما تقول العسكرية ، ولا مواجهة بحيثيات تجافى المصالح الحقيقية للبلاد . مصر بعد أن قامت ثورتها وفى ظل ثوار 25 يناير بالطبع هى ليست مصر مبارك وكان على سلطة الإنقاذ التعامل مع المرشح المصرى بدبلوماسية رقيقة تظهر عدم إطمئنانها للمرشح وفى ذات الوقت لاتمانع ان كان ذلك مايرتضيه الشعب المصرى وماتتطلبه علاقات حسن الجوار والتقارب الذى ينشده السودان والرامى إلى الوحدة بين البلدين الشقيقين . ولم يكن هناك مايستدعى إعلان وقوف السودان مع مرشح قطر ضد المرشح المصرى ! إلا إذا كان هناك شئ خفى كالمساعدة فى الضغط على القوى الدارفورية فى مفاوضاتها فى الدوحة !
لقد عودتنا الإنقاذ بأنها لاتتعلم من تجاربها مهما كانت مؤلمة ، ولا أعلم هل ناتج ذلك من ضيق فى الأفق أم لسوء تقدير يجعلها تخرج من مطب لتقع فى آخر . وليس ببعيد ما حدث عندما غزا العراق الكويت وضمها إلية لتصبح المحافظة رقم 19 ضمن محافظات العراق وتأييد السلطة فى السودان آنذاك لماقام به العراق! ثم وكيف أن عادت الإنقاذ تبكى فعلتها بعد تحرير الكويت وأصبحت تتودد  عسى أن تغفر الكويت لها خطاياها . ثم يحين أوان إجتماع وزراء الخارجية العرب للنظر فى أمر المرشحين لمنصب الأمين العام ، ويخرج علينا وزير خارجية الإنقاذ بقرار عدم حضور الإجتماع لإرتباطات مسبقة! ولاعلم لى أن كان وزير الخارجية قد أعطى لنفسه ولبلده حجم أكبر من حجمها الحقيقى وكأن عدم حضوره سيشكل عقبة ،  أو أن وزراء الخارجية العرب سيعطون وزنا لتخلفه وربما كان يظن أن الإجتماع ربما يفشل لعدم حضوره وليته كان يعلم أن حضوره أو عدم حضوره لم يشكل أى عقبة لأن الحضور لم يكونوا فى حاجة للتصويت بعدما إنسحب العطية المرشح القطرى وإستبدل مصطفى الفقى بالدبلوماسى المصرى المخضرم السيد نبيل العربى الذى نال إستحسان الجميع 
هنا تتشكل أزمة الدبلوماسية الإنقاذية  مما يجعل البعض يترحم على أيام الدبلوماسية السودانية الحقة قبل الإنقاذ وحتى على أيام مصطفى عثمان إسماعيل بعد وصول الإنقاذ إلى السلطة . وعلى السيد رئيس الجمهورية سرعة البت فى شأن وزير الخارجية الحالى على كرتى والعمل على إعفائه من منصبة ليتفرغ للبزنس وعودة الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل إلى وزارة الخارجية وكما يقولون العود احمد . على الأقل فى أيامه كان السودان له الحضور المميز بين الدول العربية . وليس عيبا أن نعمل على تلافى الخطأ ولكن العيب كل العيب هو التمادى فى الحطأ .

Ahmed Kheir [aikheir@yahoo.com]

 

آراء