إن الله – تعالى – أخذ على العُلماء الميثاقَ ليُبَلِّغُنَّه للناس ولا يكتمونه

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

عن عبدالله بن يحيى بن أبي كثير عن أبيه قال: دخل سليمان بن عبدالملك المدينة حاجًّا، فقال: هل بها رجل أدرك عِدَّة من الصَّحابة؟ قالوا: نعم، أبو حازم، فأرسل إليه، فلما أتاه، قال: يا أبا حازم، ما هذا الجفاء؟ قال: وأيُّ جفاء رأيت مني يا أمير المؤمنين؟ قال: وجوه الناس أتوني، ولم تأتني، قال: والله، ما عرفتني قبل هذا، ولا أنا رأيتك، فأيُّ جفاء رأيتَ مني؟ فالتفت سليمان إلى الزهري، فقال: أصابَ الشيخ وأخطأت أنا.
فقال: يا أبا حازم، ما لنا نكره الموت؟ فقال: عمَّرتم الدُّنيا، وخربتم الآخرة، فتكرهون الخروج من العُمران إلى الخراب، قال: صدقت، فقال: يا أبا حازم، ليت شعري ما لنا عند الله - تعالى - غدًا؟ قال: اعرض عَمَلَك على كتاب الله - عزَّ وجلَّ - قال: وأين أجدُه من كتاب الله - تعالى - قال: قال الله - تعالى -: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ﴾ [الانفطار: 13 - 14]، قال سليمان: فأين رحمة الله؟ قال أبو حازم: قريب من المحسنين، قال سليمان: ليت شعري كيف المفرُّ من الله غدًا؟ قال أبو حازم: أمَّا المحسن كالغائب يقدم على أهله، وأمَّا المسيء كالآبق يقدم به على مولاه، فبكى سليمان حتى علا نحيبه، واشتد بكاؤه.
فقال: يا أبا حازم، كيف لنا أنْ نصلح؟ قال: تَدَعون عنكم الصَّلَف، وتَمَسَّكون بالمروءة، وتقسمون بالسوية، وتعدلون في القضية، قال: يا أبا حازم، وكيف المأخذ من ذلك؟ قال: تأخذه بحقه، وتضعه بحق في أهله.
قال: يا أبا حازم، مَن أفضل الخلائق: قال: أُولُو المروءة والنُّهى.
قال: فما أعدل العدل؟ قال: كلمة صدق عند من ترجوه وتَخافه.
قال: فما أسرع الدُّعاء إجابة؟ قال: دعاء المحسن للمحسنين.
قال: فما أفضل الصدقة؟ قال: جهد المقل إلى يد البائس الفقير، لا يتبعها منٌّ ولا أذى، قال: يا أبا حازم، مَن أكيس الناس؟ قال: رجلٌ ظفر بطاعة الله، فعمل بها، ثم دل الناس عليها.
قال: فمن أحمق الخلق؟ قال: رجل اغتاظ في هوى أخيه وهو ظالم له، فباع آخرته بدُنياه. قال: يا أبا حازم، هل لك أن تصحَبَنا وتصب منا ونصيب منك؟ قال: كلاَّ، قال: ولِمَ؟ قال: إنِّي أخاف أنْ أركن إليكم شيئًا قليلاً، فيذيقني الله ضِعْفَ الحياة وضِعْفَ الممات، ثم لا يكون لي منه نصيرٌ، قال: يا أبا حازم، ارفع إلَيَّ حاجتك؟ قال: نعم، تدخلني الجنة، وتخرجني من النار، قال: ليس ذلك إليَّ، قال: فما لي حاجة سواها.
قال: يا أبا حازم، فادعُ الله لي، قال: نعم، اللهم إن كان سليمان من أوليائك، فيسره لخير الدُّنيا والآخرة، وإن كان من أعدائك فخذ بناصيته إلى ما تُحِبُّ وترضى، قال سليمان: قطُّ، قال أبو حازم: قد أكثرت وأطنبت إن كنت أهله، وإن لم تكن أهله، فما حاجتك أن ترميَ عن قوس ليس لها وتر؟ قال سليمان: يا أبا حازم، ما تقول فيما نحن فيه؟ قال: أَوَتُعفيني يا أمير المؤمنين؟ قال: بل نصيحة تلقيها إليَّ، قال: إنَّ آباءَك غصبوا الناسَ هذا الأمر، فأخذوه عُنوة بالسَّيف من غير مشورة ولا اجتماع من الناس، وقد قتلوا فيه مقتلة عظيمة، وارتحلوا فلو شعرت ما قالوا وقيل لهم؟ فقال رجل من جُلسائه: بئس ما قلت، قال أبو حازم: كَذَبَت، إن الله - تعالى - أخذ على العُلماء الميثاقَ ليُبَلِّغُنَّه للناس ولا يكتمونه. هذه صوره من قول الحق أى أنه أصبح لازماً للعلماء الذين أمرهم المولى بصدق القول والفعل واسداء النصيحة للحاكم مهما كان جبروته وقوته فإنه يضعف أمام النصيحة الرشيدة المبنية على قوة قائلها ، أبو حازم من علماء المدينة يقف أمام سليمان بن عبدالملك بكل قوته ومكانته ويلقنه درساً لن ينساه ارضاءً للمولى وليس تزلقاً او خوفاً منه ... أين نحن من هذا الآن علماء وحكام ... أيها العلماء حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا فيما تقولون وناصحوا  حكامكم وساستكم وأعلموهم أنكم مأمورون بذلك فهي شهادة حق قولوها لهم إنهم أصبحوا يسمعون آراء الفئه المقربه اليهم والتى أغلقت الطريق أمام الآخرين ، ابواب السلطة مفتوحة لهم يزينون للسلطة افعالها وأقوالها يطبلون ويسرحون ويمرحون ، فأنتم أيها العلماء طريقكم الى السلطة مفتوح لان الحاكم يريدكم جواره ليُزين بكم قراره ، لذلك حدثوه عن المظالم أخبروه عن ما تشاهدونه وتسمعونه من شكاوى هو بعيد عنها صاحبها لا يستطيع الوصول اليه ، وأعلموا أن الله أخذ عليكم ميثاقه وأمركم أن تبلغوه ولا تكتموه ،  والله على ما أقوله شهيد ..........,,,,,,,

Elfatih Eidris [eidris2008@gmail.com]

 

آراء