إن لله جنوداً وجدوا العسلْ

 


 

 

 

alshiglini@gmail.com

الشيء بالشيء يُذكر. فعند الفتنة الكبرى بعد مقتل الخليفة "عثمان بن عفان". وحين اضطرب أمر الإقليم، وعرف "علي بن أبي طالب" ذلك، فولّى " الأشتر النخعي " مصر. وعزل عنها "محمد بن أبي بكر". ولكن" الأشتر" لم يكد يصل إلى القلزم حتى مات. وأكثر المؤرخين يتحدثون بأن" معاوية بن أبي سفيان " أغوى صاحب الخراج في القلزم، وحطّ عنه الخراج ما بقي، إن احتال في موت "الأشتر". وبأن هذا الرجل دسّ للأشتر سماً في شربة عسل، فقتله ليومه أو لغده. وكان معاوية وعمرو بن العاص يتحدثان فيقولان:
{ إن لله جنوداً من عسلْ }!


(2)
إن للإخوان المسلمين جنوداً بالفعل من عسلْ، يدسّونه لمن يرغبون نفيه من الأرض، أو ملء إطارات سيارته بالغاز الذي ينفجر من أثر سخونة الطقس، وتنقلب السيارة. ويقولون: { إن لله جنوداً في عجل السيارات } كما كان له جنوداً من الطائرات، ودسّ السم في وجبات العشاء المُرفه ليغتالوا الآخرين!.
*
من الصعوبة بمكان أن ينام المرء، والمشكلات تتراكم في الوطن، وليس من منظور لحلول في الأفق. لأن القائمين على الأمر لا يعرفون ماذا يفعلون، فجميعهم لا يعلمون، نهضوا من الفقر المُدقع إلى الغنى الفاحش. لقد أصبح جميع السودانيون والسودانيات يعانون أكثر من غيرهم في دول العالم " العاشر".
*
عندما تواجهنا شخصية، أسمت نفسها عضواً بمجلس انقلاب الإخوان المسلمين عام 1989، وهو يتحدث حينها: ( لو لم نقُم بالانقلاب لبلغ سعر الدولار 20 جنيهاً !). و ذات الدولار هو الآن يعادل أكثر من( 47000) جنيهاً، بعد 29 عاماً من التطور العكسي !. فلن يجد حديثه إلا أذان أولياء نعمته لتسمع.


(3)
لن نتعرف على نوعية هذه طبيعة هذا التطور بعد، فقد أصبنا بداء البلادة وعدم الفهم. وبعد 29 عاماً ليس في مقدورنا التفكير، لأن أحدهم قال ( سنسلِّمها لعيسى )، لأن المزاج السلطوي الذي يُديره من يُسمى " جهاز الأمن المخابرات ". يبتلع في بطنه وزارة إعلام تراقب وتعتقل وتُعاقب وتخفي البشر. وفي بطنه أيضاً وزارة المالية الحقيقية ومصنعي طبع العملة المحلية ووزارة الداخلية والعدل وشئون الرئاسة، وكل الوزارات الاتحادية و الولائية.
*
لم يزل المودعون من أصحاب الحسابات البنكية لا يتسلمون أموالهم من البنوك، وهو الأمر الذي لم يحدث في دولة في العالم قط، رغم انخفاض سعر الجنيه بما يصل في قيمته للا شيء. في حين أن زملائهم في العالم، يُحرّكون أموالهم قبل أن يرتد إليك طرفك!. لهذا نحن نعيش في عالم آخر، نُفخ فيه الصور. وأن القيامة قد جاءت بزبانيتها. ومن النواصي أمسكوا بكل مواطني السودان وقذفوا بهم في " حُطمة " الإخوان المسلمين.
*
لن نتحدث عن الخراب، لأن سدنته ينتظرون عذاب البشر في النار التي تصرخ : هل من مزيد ؟. العالم كله يعيش حياته، ويواجه التحديات التي تقدم البشرية، في حين يحاول الإخوان المسلمين في السودان تجميع المُشاهدين لحضور حفل ( الرجم ) تطبيقاً للحدود!.
*
منْ الذي فتح جهنم الجيران، ليدخلوا إلى السودان من شرقه وغربه؟، لتدخل مجموعة هائلة من البشر، ويزرعوا في السودان جرائم لم نعهدها من قبل. في زمان الإنكليز كان جنود الهجانا، يصدون تلك الاغارات من شواظ المُهاجرين، لوطن صار الآن من السهل استخراج الرقم الوطني لأي أجنبي، والجواز الإلكتروني، بل أن تصبح وزيراً.


(4)
لن نتحدث عن معلومات يعرفها الجميع: انهيار السكك الحديدية وحلّ وزارة الأشغال.وانتهاء مشروع الجزيرة الذي كان يسع 2.5 مليون فدان، ويأوي في عمالته 4 مليون فرد! . لن نتحدث عن سموم الأرض في شمال السودان، نتيجة استخدام كيماويات تننقية الذهب، أو انتشار المبيدات من مخازن مشروع الجزيرة المهجورة، أو الأمراض الغريبة التي قدم بها المهاجرون غير الشرعيين إلى الوطن. دع عنك التجارة في مطاعم مسمومة، تستخدم الحيوانات النافقة، في بلدٍ يدبغون أهلها بمقولات مقدّسة استباحوا قولها للغادي والرائح :
{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ۚ ذَٰلِكُمْ فِسْقٌ ۗ ...} المائدة 3 .


(5)
يوجد انترنيت والدفع الإلكتروني، وبيع الأراضي للسُرَّة " مكان الطيارة بتقوم". قرب المطار الجديد، كما يقول الإعلان التلفزيوني الشهير!، إذا كُتب لنا أن نصدّق!. وبعد تطهير المناطق السكنية من الباحات التي تركها التخطيط للأنشطة الاجتماعية، وتمّ بيعها. وصارت المناطق السكنية، عبارة عن سكن عمال، يشابه سكن عمال الثورة الصناعية في إنجلترا قبل ثلاثة قرون.
*
أغرب ماشاهدته في التلفزيون منذ أيام ، أن وزير المالية الأسبق يُحاضر عن الحلول الاقتصادية للأزمة الحالية ! . ويذكُر الناس، كيف تم خداع السودانيين بتغيير العُملة أوائل تسعينات القرن العشرين خلال توليه وزارة المالية. وسرقوا فلوس الشعب، وهي محفوظة في حاويات جوار بنك السودان !.
*
تحدث المقبور، كبيرهم الذي علمهم السحر، في تسجيلات تلفزيون قطر2010 . وقال إن هؤلاء لم يعتادوا على السلطة، لذلك أفسدوا وسرقوا !. إذن لماذا قمت أنت بتخطيط الانقلاب، وسلّمت السلطة لأشخاص غير مؤهلين !؟.


(6)
لن نتحدث عن الحكم الاتحادي، لأن منْ في السلطة لا يعلمون ماذا يفعلون. أكثر من 180 محلّية في السودان الجديد، ودارفور خمس ولايات!. ولا يعرف الناس قوانين الضرائب من قوانين الزكاة. كلها عند الإخوان المسلمين " صابون "!. أما القوانين وطرائق كتابتها، فهذا بحر من الأوساخ داخل مجلدات من المراجع الصدئة، يحاكمون بها الناس!.
*
أما الحياة الدبلوماسية فقد بقي من عهد العارفين، منْ يُعدّون على أصابع اليد، والبقية من الإخوان المسلمين والمتمكِّنين من الجهالة الجهلاء. ليس لدى الإخوان المسلمين أطباء أو مهندسين أو صيادلة أو اقتصاديين أو مراجعين أو إعلاميين أو علماء من أي نوع. لديهم فقط المُتبطلين باسم الشريعة ، فهؤلاء ذباب وجد العسل !. وحقّ عليهم القول : (إن لله جنوداً وجدوا العسلْ )ّ!.


(7)
( الرَّدَحِي ) ضد المحكمة الجنائية الدولية:
ربما جاءت أخبار الواردة من أمريكا الآن، لتُحيي فريق المُطبلين ضد المحكمة الجنائية الدولية من سُباته الطويل، منذ عهد " سبدرات " 2009. وتنثر الماء البارد على أوجه أعضاء اللجنة السودانية لتستيقظ، فإن دولة إستكبارية تقف الآن ضد المحكمة الدولية!.إذ لم تجد المحكمة الدولية سوى ( الفقير لله ) لتطلبه للمُحاكمة؟!
*
تقول الأخبار نقلاً عن BBC Arabic أن الولايات المتحدة هدّدت بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، إذا أصرت على الاستمرار في جهودها لمحاكمة مواطنين أمريكيين. وتدرس المحكمة مقاضاة عدد من عناصر الجيش الأمريكي، بسبب اتهامات بانتهاكات لحقوق معتقلين في أفغانستان. وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي" جون بولتون ": سنقوم بفعل كل شيء لحماية مواطنينا. وتعَّد الولايات المتحدة واحدة من عشرات الدول التي لم توقع اتفاقية الانضمام للمحكمة التي أسست عام 2002.

وتتكفل المحكمة بمحاكمة ومعاقبة المسؤولين عن ارتكاب جرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب أو تطهير عرقي، في حالة عجز أو رفض الأنظمة القضائية المحلية محاكمة المسؤولين عن هذه الأفعال .وأضاف "بولتون" متحدثا في واشنطن: إننا لن نقف مكتوفي الأيدي إذا أصرت المحكمة الدولية على قرارها. وهدد "بولتون" بأن القضاة العاملين في المحكمة الدولية، سيمنعون من دخول الولايات المتحدة؛ وستُجمّد أرصدتهم البنكية في الولايات المتحدة. وأضاف أكثر من ذلك : سنقوم بمحاكمتهم أمام النظام القضائي الأمريكي، كما سنفعل نفس الأمر مع أي دولة أو هيئة أو مؤسسة تعاون المحكمة في محاكمة مواطنين أمريكيين.

في نوفمبر 2017، دعت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية الأفريقية الأصل " فاتو بنسودا" إلى تحقيق شامل في مزاعم جرائم حرب في أفغانستان. وقالت إن ثمة "أسسا معقولة" للاعتقاد بأن مثل تلك الجرائم قد وقعت. وتشير المزاعم إلى أن من بين مرتكبي هذه الانتهاكات المحتملين، عناصر من المخابرات المركزية الأمريكية وحركة طالبان والقوات الأفغانية. وتأسست المحكمة الجنائية الدولية وفقا لما يعرف بميثاق روما عام 2002، بيد أن الولايات المتحدة لم تصدِّق عليها بعد أن عارض الرئيس "جورج دبليو بوش" تشكيل هذه الهيئة. وقد عمل "بولتون" ضمن إدارة بوش سفيراً لبلاده في الأمم المتحدة منذ عام 2005. وصدَّقت على ميثاق روما 123 دولة، من بينها المملكة المتحدة. وقد بقي أكثر من 70 بلدا خارج الميثاق .وكان الرئيس الأمريكي السابق" باراك أوباما" قد تعهد بتطوير تعاون بلاده مع المحكمة الجنائية الدولية.
عبدالله الشقليني
10 سبتمبر 2018

 

آراء