ابو طيره .. تقتل في نيالا وتختبئ في كتم

 


 

 


صوت من الهامش
فِرق الموت هو الاسم المرادف لقوات "ابوطيره" وسط اهالي دارفور، هذه القوات الشريرة، حريصة كل الحرص على ألا تفوت سانحة للتقتيل والتنكيل بمواطني الهامش، وتهتبل الفرص لتنقص الأنفس المستهدفة من السلطات المركزية، قوات متعطشة للدماء لن تتردد حتى في الارتواء من شرايين الأطفال في نهار شهر الصيام الفضيل.
كنا نترقب أن ينفخ صور قيامة الانقاذ من دارفور ، وان تنطلق ثورة التحرر من المركز من عموم الغرب ، ذلك لفضاحة الاستهداف و بشاعة الانتهاكات من قبل النظام الحالي ، لم يخيب ظننا كثيرا ، فقد جاء تلاميذ نيالا الأبطال بما لم يجئ به طلاب جامعة الخرطوم وشباب ود نوباوي ، لأولئك مجد المبادرة بتفجير شرارة الثورة الظافرة بإذن الله ، ولهؤلاء شرف استهلال قوائم شهداء الثورة وتصدر قائمة أصغر الشهداء في تاريخ السودان القديم والحديث ، وهم اكرم منا جميع ، تلاميذ نيالا استطاعوا ان يدخلوا الرعب في قلوب قوات النظام الرعديدة ، فما كان من زبانيته  "ابوطيره" إلا إطلاق الرصاص الحي على ادمغتهم الطرية في محاولة لإسكات حناجرهم البضة ولكن هيهات ، فالثورة انطلقت ترددها ملايين القلوب.
الشرطة الولائية كانت تتعامل مع التحركات الطلابية في شوارع  نيالا البحير بالطرق التقليدية المتبعة في بقية مدن السودان ، لم تعجب هذه "الحِنيّة" في التعامل قوات "ابوطيره" مصاصة الدماء ، فتدخلت فارضة سطوتها المطلقة على السلطات الأمنية والولائية .. هذه القوات الرعديدة تستأسد على تلاميذ مدارس نيالا، وتتواري عن مواجهة قوات حرس الحدود في كتم الخير والعجوة ، لجبنها وخبث نواياها ، ذلك أن ما تقوم بها هذه الميليشيات ، تتماهي وعقيدتها المتمثلة في السحل والترويع والخراب العام.
نيران "فرق الموت" الحية والمفتوحة على صدور تلاميذ مدارس نيالا ، ظلت حبيسة في سوق كتم ومخيم كساب ، اختبئ رجالها وراء كراكير حي كنبوت وخيران كركاوية للاستمتاع بمشاهدة الأهالي وهم يواجهون الموت الزؤام ويتدحرجون في دمائهم من نيران مليشيات حرس الحدود وكأنهم يشاهدون فيلما سينمائيا عن الرعب.
في حوار سابق لنا مع د. التيجاني سيسي اصر على ضرورة أن تكون السطلة الاقليمية الانتقالية بسلطات حقيقية ، هذا الإصرار كان قبل توقيع أتفاقية الدوحة لسلام دارفور ، اما الآن نراه يكتفي بالشجب والإدانة مثله مثل بقية خلق الله!! لا يهش ولا ينش ، فتح مقر سلطته بالفاشر وهو مسكتين طول الوقت في الخرطوم ، يلاحق وزير المالية ، ويتابع تواريخ مصفوفة بنود اتفاقيته المريبة ، ماذا يقوله سيادته والمليشيات الحكومية شبه النظامية لا تزال اكبر محددة لأمن المواطن؟
استغلال قوات حرس الحدود لحادث اغتيال معتمد الواحة  المؤسف ، لتفريغ معسكري النازحين بكساب وفتا برنو امر مفضوح ، يخطط له النظام وبلا شك يباركه السطلة الاقليمية الانتقالية رغم ادانتها الخجولة ، ونتساءل أين السيد قمباري؟ وإين قوات اليوناميد من فصول هذه  التراجيديا الإنسانية والتي استمرت لعدة أيام على مرئي ومسمع الجميع، سلطات دولية وولائية؟
في ظل انشغال المجتمع الدولي بزوابع الربيع ، وسلبية اليوناميد تقع مسئولية حماية النازحين العزل في معسكراتهم النائية على الحركات الثورية ، ومن غير المعقول أن تظل متفرجة من علو جبل سي على مشاهد ترويع وسحل أهاليهم في كتم!!  متى يتحرك هؤلاء لنجدة المذعورين من أهاليهم الذين يواجهون الموت بدم بارد لعدة ايام على ايدي مليشيات هم ابناء تسعة مثلهم؟ هل حمل هؤلاء السلاح للدفاع عن انفسهم فقط ولا يعنيهم احد، ام ينتظرون ايدي السفاحين أن تكل من ذبح اهاليهم نهارا جهارا؟ الله يرحمك أيها الشهيد المغوار عبد الله أبكر، الذي استبسل مدافعا عن عرضه وارضه في كتم الخير والطيبة.
استئساد ابوطيره على "شُفع" مداس نيالا، وتخاذلها عن صد مليشيات حرس الحدود في كتم لهو دليل على أنها والأخيرة سيلان ، قوات مهمتها القتل والتنكيل كيفما اتفق ، ولمواجهة هذه الكتائب في المرحلة المفصلية المقبلة ، في ظل تقاعس قوات الحركات الثورية الحالية عن دورها الطليعي ، نتطلع لمنشقين من القوات المسلحة و"مرافيت" الصالح العام من القوات النظامية لتكوين نواة لجيش التحرير يضطلع بمهامه وفق اجندة قومية .. ونشرئب لضباط عظام ابناء حلال يفتحون الباب، وما فيش بلد احسن من بلد ، ولا يزال يحدونا العشم أن تكون "بنغازي" السوداني من دارفور.
ebraheemsu@gmail.com
ابراهيم سليمان
آفاق جديدة/ لندن

 

آراء