اتفاق أديس (إشارة حمراء)..!
diaabilalr@gmail.com
وصلنا الخرطوم والحمد الله، ما تحقق يستحق رفع جميع القبعات، هو أغلب الممكن وبعض المستحيل..لن أمل التكرار (السياسة هي فن تجنيب الشعوب
المأساة) ولا توجد مأساة أفظع من الحرب وروائح البارود وبرقيات العزاء!!
ماذا تقول في الذين يرفضون الاتفاقيات قبل أن تكتب ويوقدون ثقاب الحرب وهم يلبسون قفازات الحرير..؟!!
الرئيس البشير قالها أمس بوضوح نهاري جهير: (لا عودة للوراء) وثامبو أمبيكي أهدى مانشيت لكل صحف العالم (الاتفاق قفزة عملاقة بالدولتين إلى المستقبل)!
كثيرون لا يثقون في الاتفاقيات والابتسامات المراسمية وينظرون إلى ما تحقق بعين الريبة والشك ويهمسون لأنفسهم : (الفيلم دا دخلنا قبل كدا، ما الجديد)؟!
الجديد، هو أن ما تحقق خلاصة تجارب دامية وخيبات داوية في مباراة (العض على الأصابع)!
اُحتلت هجليج وتم تحريرها،أُغلقت أنابيب النفط فأصاب الإعياء خزينة الدولتين، تم دعم المعارضات المسلحة فغاب النوم عن عيون الدجاج!
ليس في إمكانك وضع السم في مياه . سيأتي يوم لتشرب من ذات المجرى، ثمة أمل جديد بأن تنتقل العلاقة بين الخرطوم وجوبا من مربع تبادل الأذى إلى تكامل المصالح!
نعم، الاتفاق حرر مصالح ومنافع الدولتين من معتقل أبيي، والترتيبات الأمنية ستقوم بفك الارتباط عملياً بين جوبا والفرقتين التاسعة والعاشرة!!
رغم ذلك سيصبح حل أزمة أبيي أمراً ضرورياً يصعب القفز من فوقه وتناسيه بالإهمال والتجاهل!
سلفاكير لن يستطيع أن ينام في بيته آمناً إذا راج أن الاتفاق مع الخرطوم جاء على حساب أبناء أبيي في الحركة والجيش الشعبيين!
والرئيس البشير لن يقف مكتوف الأيدي إذا تضررت المصالح الحياتية لقبيلة المسيرية في رحلة الصيف القادم!
ربما التحول الجديد في العلاقة يفرض على الرئيسين ضرورة الإسراع معاً لحل الأزمة حتى لا تنسف ما تحقق أو تبعثر ما تم جمعه!
في الأوراق القديمة كانت أبيي مساحة للمزايدات والكيد المتبادل، الرئيس البشير قال إن إزالة الاحتقانات في الملفات الأخرى ستخلق طقسا مناسبا لمعالجة ما تبقى!
على الحكومة ألا تستهويها لعبة التكتيكات الصغيرة، قصيرة المدى، وأن تتجنب الوقوع في خطأ اتفاق أبوجا!
وقتها راهنت الحكومة على حركة مناوي باعتبارها القوى العسكرية الأكبر، وأهملت بقية الحركات، فمثل ذلك استفزازا لها، فتكونت جبهة الخلاص فانتقلت العمليات العسكرية من دارفور إلى شمال كردفان لتصل لأم درمان في الثانية ظهراً..!!
ملخص الدرس، ما تحقق بشيراتون أديس يمكن أن يمثل فرصة مواتية للوصول لتسوية سياسية ناجزة في ملف أبيي ومع حاملي السلاح في جنوب كردفان والنيل الأزرق..!
ربما تستهوي الحكومة فكرة القضاء على المتمردين في الولايتين بقطع خراطيش المياه!
وفي المقابل ليس من المستبعد أن يكون خيار المتمردين وأبناء أبيي داخل الجيش الشعبي هو القيام بعمل عدائي نوعي مشترك عالي الصوت، يضرب عصفورين بحجر واحد!
الأول التأكيد على الوجود وفاعلية على طريقة (نحن هنا)، والثاني إفساد العلاقة بين الخرطوم وجوبا عبر تعكير المياه وإيقاظ عقارب الشك وثعابين الظنون والعودة لمربع الوحل!
من الممكن أن يكون أفضل الخيارات المتاحة بعد اتفاقية الشيراتون،العمل على منهج الشراكة الذكية، وهو الكف عن الاستثمار في مواضع الألم والتعاون في المصالح المشتركة والإعانة المتبادلة في مواجهة التحديات والمخاطر!!