(اتقوا الشبهات يا ناس الشرطة)!
ضياء الدين بلال
10 April, 2014
10 April, 2014
diaabilalr@gmail.com
أحب كرة القدم، ولكنني أبغض التعصب في كل شيء، في السياسة والرياضة، وحتى في التدين الشخصي والعام!.
في الفترة الأخيرة، بدأتُ أشعر بحزن عميق وأسىً، على ظهور حالة استقطاب عدواني، بين جماهير الهلال والمريخ.
بكل صدق بعض الصحف الرياضية، وبعض الكتابات لعدد من الزملاء الأعزاء، لعبت الدور الأكبر في الوصول لهذه الحالة المتردية من الاستثمار في الكراهية، التي تنتج العنف الجسدي واللفظي.
اللعب على مشاعر العوام، والعزف على أوتار الولاءات، وإثارة العصبيات؛ تجارة رائجة هذه الأيام في الصحافة الرياضية والسياسية معاً، وللأسف حتى في منابر المساجد!.
تعجب الزملاء في صالة (السوداني)، حينما وجدوني- رغم مريخيتي- أشجع الهلال بحماس، في مباراة ليوبارد الكنغولي الأخيرة.
هذا الوضع كان طبيعياً في أعوام مضت. في عام 1987 كنا نخرج إلى الشوارع فرحاً بانتصارات الهلال، نهتف باسم الحارس يور، ونحزن لخطأ الثعلب، ونحرد العشاء في تلك الليلة المشؤومة.
الأستاذ الراحل المقيم عبد المجيد عبد الرازق، كان من رواد هذه المدرسة، وهذا ما ظل يجذبني إليه ككاتب وصديق. انتماؤه للمريخ لا يتعارض مع تشجيعه للهلال في التنافس الخارجي.
نجاح الأندية السودانية في الخارج، يعود بالخير على الوضع الصحي للسمعة السودانية، التي ظلت تتعرض لتجريحات من جهات متعددة، بأمواس صدئة.
في هذه الأيام يسعد الهلالاب بهزائم المريخ، أكثر من سعادتهم بانتصار الهلال، والعكس كذلك، يهزم الهلال فيزيد توزيع صحف المريخ!.
ما دفعني لهذه المقدمة، رغبتي في تناول قضية ذات منشأ رياضي، ولكنها ذات دلالة تتجاوز ذلك إلى ما هو مهني وأخلاقي.
صديقنا العزيز اللواء السر أحمد عمر، الناطق الرسمي باسم الشرطة السودانية، ورئيس هيئة التوجيه والخدمات، رجل له تجربة ناجحة في منصبه، ومقدرة متميزة في التواصل مع كل الإعلاميين.
اللواء السر عرف عنه ممارسة درجة عالية من الانضباط والمسؤولية، مع تأدية مهمته بلطف، طوال الفترة التي قضاها في منصبه، وهي ليست بالقصيرة.
الرجل ظهر قبل أيام بكامل بزته العسكرية، في مؤتمر صحفي خاص بمجلس إدارة نادي الهلال، والسر هو عضو مجلس إدارة هذا النادي الكبير.
اللواء السر ليس وحده، بل في معيته اللواء أحمد عطا المنان، مدير عام الجوازات!.
ضابطان عظيمان -لا يزالان في الخدمة- تم تعيينهما في مجلس إدارة نادي الهلال، بقرار وزاري من قبل وزير الرياضة بولاية الخرطوم!.
ربما هناك مسوغ قانوني لعمل رجال الشرطة، وكل الأجهزة النظامية، في العمل الرياضي، وفي فترة الحكم المايوي، كانت هناك سوابق، إذ تقلد اللواء ماهل أبو جنة منصب رئيس نادي المريخ، واللواء فيصل محمد عبد الله، منصب سكرتير النادي.
أهم تبرير يمكن أن يدفع به المؤيدون لهذا الاتجاه، هو أن العمل في الأندية الرياضية، عمل طوعي لا يتعارض مع مقتضيات الوظيفة العامة.
حينما يظهر ضابط رفيع مثل اللواء السر بزيه العسكري في مؤتمر صحفي، حول قضية خلافية أو نزاعية بين أكثر من طرف؛ فإن ظهوره ذاك لا يمكن اعتباره مشاركة شخصية طوعية!.
المنصب والزي وطبيعة الوظيفة، تفرض على اللواء السر وغيره، أعلى درجات الحياد.
الاستقطاب الرياضي في البلاد هذه الأيام، لا يقل عدوانية عن الاستقطاب السياسي والجهوي والقبلي.
على الشرطة السودانية ورموزها، أن يكونوا على الحياد التام، وبعيداً عن شبهات الانحياز في كل هذه الصراعات.
لا أدري هل تشعر قيادة الشرطة واللواء السر، بمدى ما هم فيه من حرج في قضية متعلقة باعتداء جنائي على حكم مسكين، في مباراة كرة قدم، كاد حجر أن يودي بحياته فيها؟!
القانون يفرض عقوبات إدارية وفنية، في حال اعتداء جمهور نادٍ معين، هلال أو مريخ أو غيرهما، على حكم المباراة.
وحينما تصدر العقوبات وبصورة مخففة، يخرج الناطق الرسمي باسم الشرطة السودانية بكامل زيه العسكري، ومن منصب أمين عام النادي الرياضي، معلناً رفض الاستجابة للقرارات القانونية!.
وحينما يعلن الاتحاد العام لكرة القدم امتناع شرطة ولاية الجزيرة من القيام بواجبها، في تأمين مباراة الهلال والأمل عطبرة، التي نقلت إلى الكاملين ودون جمهور، يظن الكثيرون سوءاً، أن ما تم مترتب على تأثير البزات العسكرية التي تحكم الهلال!.
إعلان عجز الشرطة -أو التلميح بذلك- عن تأمين مباراة بلا جمهور، سابقة لم تسجل على امتداد أكثر من مائة عام في تاريخها الناصع!.
بكل المقاييس؛ ما يحدث يثير شبهات خطيرة تعرض سمعة الشرطة السودانية لاختبار لم تمر به من قبل!.
سعادة الفريق هاشم عثمان:
اتقوا الشبهات، فمن اتقى الشبهات، فقد استبرأ لدينه وعرضه، ولمهنته كذلك!.
:::