احداث جبل مون تفشل اتفاق جوبا

 


 

 

ما الذي سطّرته الأقدار لدارفور؟ هذه الارض وهذا التاريخ وذلك الانسان؟، ما هي اللعنة التي اصيب بها سكان هذا الاقليم المنكوب؟، عقدان من الزمان وما تزال الدماء تجري بين منعرجات اوديته وخيرانه الخريرة بالمياه العذبة، عشرون عاماً والدموع تندلق من اعين العجزة والمسنين والاطفال اليتامى، اجيال وراء اجيال فقدت الفرصة في التعليم واصبحت اضافة سالبة لاعداد الفاقد التربوي السوداني الاجمالي، من المسؤول من تفشي وتوسع دائرة هذه المأساة الانسانية المشهودة عالمياً؟، هل المذنب هو النظام البائد الذي تم وضع رأسه كأول المطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية؟، أم أن المتكسب من القضية هو الابن العاق الذي جعل من اعراض الحرائر بضاعة مزجية بارصفة اسواق ليبيا واليمن؟، لقد سئم العالم سباقات اتفاقيات السلام المتتالية غير ذات الجدوى، ومل سكان دارفور صيحات رموز الكفاح (المصلّح) الذي احتكر المنفعة وحصرها في الوظائف الحكومية، وآثر البقاء بعاصمة اشجار اللبخ الظليلة، إذاً من سيقود هذا الشعب الافريقي المسلم للنور الحق والسلام المستدام؟.
قيل ان جبل مون اطلق عليه هذا الاسم لأن رواد الفضاء رأوا توهج ضوءه وهم على سطح القمر، ثم اكتشف الجيلوجيون أنه كنز ذاخر باليورانيوم والكوارتز الذي يستخدم في صناعة هياكل الطائرات، دعكم من كل هذه الافتراضات وانقذوا روح الانسان المقيم بهذا الجبل، فحياة النفس الواحدة هي الأولى بالحفاظ حسب مقاصد الشرائع الربانية والقوانين الوضعية، ناهيك عن مئات الألوف من الارواح المزهقة بجبل مون وجبل مرة وكل الجبال المنصوبة على الارض الكاسية للكعبة المشرفة، فكما اخبرنا العزيز الجبّار أن قتل النفس الواحدة مثله مثل قتل جميع الناس، وأن من يحي هذه النفس له مثل جزاء إحياء أنفس البشرية جمعاء، انظروا يا أهل ارض القرآن عظمة هذه الحكمة الربانية وانتم تتلون الكتاب، افلا تعقلون؟، كيف تبدلون قيمة النفس الآدمية التي اعزها الله وكرّمها بالحجارة غير الكريمة التي لا تعدو عن كونها جماد اصم وابكم؟، مالكم كيف تحكمون؟، أيعقل ان نضيع وقتنا وجهدنا في تدمير بعضنا بعضا من أجل جماد لا يسمن ولا يغني من جوع ونهم جهنم وثغر!!!.
السلام اسم من اسماء الله الحسنى، كيف سمح قادة العدل والمساواة لأنفسهم وهم يتصفحون القرآن الكريم بكرة واصيلا، لأن يصمّوا آذانهم عن بكاء وعويل الثكالى والارامل بالجبل الكوارتزي النفيس؟، أين كتاب السلام الذي حُمل على اسنة الأقلام في صباح ذلك اليوم الماطر بجوبا عاصمة جنوب السودان؟، وكيف غض حاكم الأقليم الطرف عن بحار الدماء السائلة على جنبات منحدرات هذا الجبل القمري العظيم؟، للأسف قد اثبت قادة الحراك النضالي المسلح ابتعاداً ممنهجاً عن قضية الأقليم الأولى - تحقيق السلام، واعادة النازحين واللاجئين الى ارضهم من بعد نزعها ممن تغولوا عليها، أين نحن من هذا الاستحقاق المقدس؟، يبدو أنه قد نفد مخزون ابطال اتفاقية جوبا فرفعوا راية الاستسلام لا السلام، وقنعوا بفتات الموائد الخرطومية، فاذا كان ذلك كذلك سيتحول الرهان الى الممانعين الذين رفضوا وثيقة جوبا ووصفوها بالتحاصص القبلي، وستحترق اوراق كتاب جوبا كما احترقت اوراق الكتابين السابقين – اتفاقيتي ابوجا والدوحة.
مجزرة حرق قرى جبل مون وقتل السكان الآمنين في بيوتهم يجب أن تضمن بملف الانتهاكات اللا انسانية المرتكبة بحق المدنيين باضابير المحكمة الجنائية، فالسلام لن يتحقق بالتنصل عن الحق الأصيل والأول والأخير الذي يستهدف المدنيين وعلى رأسهم النازحين واللاجئين، ومسيرة المطالبة بحقوق هذا الاقليم المنكوب لن تتوقف طالما ان هناك سلطة مركزية غير آبهة بتأمين حياة سكان الأطراف البعيدة، وما ضاع حق وقف وراءه مطالبون اقوياء اشداء، متمكنون من استخدام التقنيات الحديثة في ايصال مظالمهم لأعلى الجهات العدلية بهذا الكوكب الاخضر، فصراع السيطرة على الموارد الطبيعية بهذا الجبل وبهذا العسف الأليم الذي لا يكترث لقيمة الانسان لن يحقق اهدافه، بحكم أن لجبل مون ابناء اشداء واقوياء قادرين على ايصال مظلمتهم لأعلى محاكم العدالة الدولية، والدليل على هذا الادعاء هو الحملة الكبيرة المصاحبة لاندلاع الأزمة والتفاعل المحلي والاقليمي والدولي بالحدث، فكل العالم اليوم قد علم بهذه النقطة المحورية والجوهرية الموجودة على خارطة الكرة الأرضية المسماة بجبل موون.

اسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com

 

آراء